تستضيف أبوظبي «قمة القيادات الثقافية العالمية» خلال الفترة من 9 إلى 13 أبريل القادم بمشاركة أبرز المسؤولين والمعنيين في القطاعات الحكومة والفنية والإعلامية من جميع أنحاء العالم، وذلك في منارة السعديات في المنطقة الثقافية في السعديات بأبوظبي وفي مواقع ثقافية أخرى مختارة في جميع أنحاء الدولة.
وستتناول القمة دور الثقافة في مواجهة التحديات الراهنة، وأثر التقنيات الحديثة في تغيير المشهد الثقافي والتواصل بين الحضارات، ونتائج هذه التحولات على التعليم والاقتصاد والسياسة وكافة جوانب الحياة اليومية.
وتنظم الحدث هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بالتعاون مع «مجموعة أف بي»، ناشر مجلة «فورين بولسي»، و«شركة تي سي بي فينتشرز»، المتخصصة في إنتاج المشاريع الفنية والاستشارات الفنية والثقافية.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة «يؤكد انعقاد قمة القيادات الثقافية العالمية في أبوظبي، التزامنا الراسخ بدعم رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة وأهدافها في مختلف المجالات الثقافية والفنية، حيث ستتطرق إلى العديد من القضايا والتحديات المعاصرة المهمة للدولة وللمجتمعات في جميع أنحاء العالم».
وأضاف «يتماشى هذا الحدث العالمي أيضاً مع أولوياتنا الثقافية في أبوظبي، لا سيما المشاريع الجاري تطويرها في جزيرة السعديات، وتجمع رؤية مشتركة بين تلك المشاريع الثقافية والقمة التي تبحث في دورتها الأولى تحديد المفاهيم والأفكار الثقافية التي تربط بيننا على مستوى العالم. وستشهد القمة حضوراً مميزاً لكوكبة من المسؤولين والشخصيات الفكرية والفنية والإعلامية العالمية في أبوظبي».
بدورها، قالت معالي نورة محمد الكعبي وزيرة دولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، رئيسة مجلس إدارة هيئة المنطقة الإعلامية و«توفور 54»، «تعتبر هذه القمة الحدث الأول من نوعه الذي يبحث دور القيادة الثقافية العالمية في الشؤون الدولية. وقد نجحت أبوظبي في إرساء مكانتها كمنارة للتنوع والتبادل الثقافي، وأن تكون وجهة مثالية لشركائنا من قادة الحركة الثقافية دولياً وإقليمياً، وإطلاق هذا الحوار المهم. وكلنا ثقة بأن يشكل التفاعل مع المجتمعين الإقليمي والدولي عاملاً حاسماً لبناء مستقبل أفضل تسود فيه قيم الترابط والتفاهم والتسامح». وتسعى القمة إلى الجمع (واقعياً وافتراضياً) بين وفود تمثل كل دول العالم لمناقشة المصالح المشتركة، وخلق علاقات تعاون جديدة، ومواجهة التحديات بطرق فعالة، بدءاً من الحفاظ على التراث إلى فهم المتغيرات المحتملة الناجمة عن التطور السريع للتقنيات الحديثة، ومن توفير برامج تعليم الفنون للشباب إلى إيجاد طرق جديدة لتمويل الفنون، ومن مكافحة الأفكار السلبية مثل التطرف إلى وضع السياسات العامة لتعزيز الإبداع والتنمية الاجتماعية.
وأوضح ديفيد روثكوبف، الرئيس التنفيذي والمحرر في «مجموعة أف بي» «يمر العالم بمرحلة تحول تاريخي، حيث ستقرب التقنيات الجديدة للمرة الأولى المسافات بين شعوب العالم ضمن منظومة ثقافية عالمية واحدة. ويمنحنا هذا التحول الأمل في تحقيق تفاهم أكبر، غير أنه قد يُمثل تهديداً لتراثنا الثقافي. وسيحدد أسلوبنا في التعامل مع هذه التحديات ملامح مستقبل العالم». وأشارت كارلا ديرليكوف كاناليس، الرئيس التنفيذي لشركة «تي سي بي فنتشرز» «نركز على الثقافة، لذا سنتناول في أحد محاور القمة استخدام الفنون في إبراز النقاط الأساسية، وخلق علاقات تعاون جديدة، وسبل تحفيز المواهب الفنية للمساعدة على معالجة أهم العقبات التي نواجهها دولياً».
كما تجمع «قمة القيادات الثقافية» للمرة الأولى أبرز المسؤولين والمعنيين بالفن والإعلام والسياسات الثقافية من مختلف أنحاء العالم لبحث الفرص والتحديات المشتركة. ويأتي هذا الحدث في لحظة فاصلة في تاريخ الإنسان الذي يقف على بعد سنوات قليلة من تحول سيجعل جميع البشر متصلين فيما بينهم ضمن نظام عالمي واحد. وبفضل الانتشار السريع للهواتف وتقنيات الحوسبة الذكية، سيمهد هذا النظام، الإنترنت، الطريق لنظام ثقافي عالمي موحد. وبينما رسمت الجغرافيا في الماضي الحدود الفاصلة بين الثقافات، وأدت إلى ثراء توجهات ورؤى إبداعية وتعابير مختلفة، تسببت، في الوقت ذاته، بالعديد من التوترات والتحديات التي نواجهها حالياً.
وستمنح المتغيرات الجديدة الإنسان في أي مكان القدرة على التواصل مع أي شخص آخر في أي مكان بالعالم على الفور وبتكلفة منخفضة جداً مع جودة عالية. كما أنها توفر فرصاً كبيرة للتواصل والتقارب بين المجتمعات. غير أنها قد تمثل تهديداً للعناصر الثقافية التي تشكل الهوية، وتعتبرها العديد من الأنظمة الوطنية والقومية والدينية ركيزة أساسية بالنسبة لها. ونواجه أيضاً تحدياً بين الآفاق الواعدة للنظام الثقافي العالمي الجديد، والصعوبات الناشئة للمحافظة على تقاليدنا وتراثنا الثقافي الذي يميز مجتمعاتنا ويجعلها فريدة من نوعها.
وفي الوقت نفسه، تُعتبر الأوساط الفنية في العالم، ومثلها المجتمعات العلمية، مؤشرات مهمة للتطورات والمتغيرات الوطنية والإقليمية والعالمية. كما أنها تساعد على توجيه حركة التغيير التي تقاومها غالباً الأوساط التقليدية الراسخة. وقد ساهم الفن أيضاً في تغيير وجهات النظر العالمية تجاه التغير المناخي ودور المرأة في المجتمع وطبيعة حقوق الإنسان وقضايا أخرى كثيرة. وفي حين تسيطر وسائل الإعلام الجديدة والمنتجات والقنوات الثقافية التقليدية على الإنسان خلال يومه بالكامل (في المتوسط، يستهلك الفرد في أميركا أحد المنتجات الإعلامية لما يقارب 17 ساعة في اليوم). ويعني ذلك أن المصدر الرئيس للأفكار والدوافع والمحفزات والعوامل الأخرى في حياة الإنسان اليومية (التي تشكل أسس معتقداته) مستمدة أو تمت صياغتها من خلال هذه القنوات الثقافية. ويزود هذا المشهد مؤسسات الفنون والثقافة بإمكانيات واسعة للنهوض بدور إيجابي وقيادي إلى جانب إيجاد فرص سانحة يتحتم اغتنامها.
تتبنى القمة موضوعي «المستقبل» و«الفن الهادف» اللذيّن سيتم دمجهما ضمن كافة عناصر برنامجها، وستعتمد الفعاليات على أسلوب (السؤال، الإجابة، الفعل)، حيث ستبدأ بنقاشات لتحديد الأسئلة الرئيسية، ثم التركيز على إيجاد أفضل الإجابات الممكنة على هذه الأسئلة، قبل الانتقال إلى الخطوة التالية والأهم وهي، وضع الخطوات العملية التي ينبغي على المجموعة اتخاذها لتحقيق أفضل النتائج. كما سيتم الخروج بمبادرات محددة وخطوات ملموسة وإعلانها خلال القمة، وعلاوة على ذلك، ستستمر مراقبة ومتابعة حجم التقدم في الفترة الفاصلة بين دورات القمة على مدار العام. كما سيتم تطوير منصات تقنية جديدة، بدءاً من التطبيق الخاص بالحدث إلى باقة كاملة من المنتديات الاجتماعية الرقمية وحلول إدارة المحتوى، لتجهيز المشاركين، وتمكينهم من التواصل والمساهمة الفعالة في برنامجه، والمحافظة على علاقات التواصل والتعاون والعمل الجماعي بينهم، وتحديث معلوماتهم على مدار العام. وستقدم المعارض وورش العمل المقامة أثناء القمة إبداعات فنية من مختلف أنحاء العالم، وهو ما سيجعل الحدث عصب الحركة الثقافية الدولية خلال فترة انعقاده، بالتزامن مع تطوير سلسلة من الفعاليات «الافتراضية» تربط بين المشاركين والأوساط الثقافية في جميع أرجاء العالم، وخاصة الشباب والمجتمعات الفقيرة والتي تواجه تحديات صعبة.
تهدف «قمة القيادات الثقافية العالمية» إلى توفير منتدى دولي لمناقشة ومعالجة هذه التحديات، علاوة على استقطاب مجموعة من القادة الذين يستطيعون اتخاذ خطوات عملية فعالة، ورسم ملامح برنامج عمل لإحداث التغير الإيجابي الذي تجعله هذه التطورات أمراً ممكناً. وسيتم اختيار المشاركين من كل بلد تقريباً في العالم (تقع دولة الإمارات العربية المتحدة في وسط العالم الحديث، حيث يستطع ثلثا سكانه الوصول إلى أبوظبي خلال رحلة جوية لا تتجاوز ثماني ساعات). وستحرص القمة على تحقيق توازن إقليمي ووطني في حجم المشاركة بالحدث. كما سيتم توزيعها على مجموعة كاملة من التخصصات والتوجهات التي تشكل الناتج الثقافي العالمي، وهو ما سيشمل وزراء الثقافة والمسؤولين عن السياسات العامة والمبدعين في جميع مجالات الفنون والقيادات الإدارية من المؤسسات الفنية وقادة الإعلام وخبراء التقنية ورواد الأعمال الإنسانية والمفكرين. كما سيتم التركيز على استقطاب القادة المخضرمين والشباب على حد سواء، حيث سيكون نصف المشاركين أقل من 40 عاماً، ونتوقع 300 مشارك في الدورة الأولى، يصلون إلى ما بين 1,000 إلى 2,000 مشارك بعد خمس سنوات.
كما سيتم تصميم برنامج الحدث لتعزيز التعاون الثقافي بصورة غير متاحة خارج نطاقه، وهو ما سيشمل استحداث فن جديد، وفي الوقت نفسه، استكشافات لدور التطورات التقنية الحديثة في صياغة النظام الثقافي العالمي الذي أصبح حالياً محوراً للتركيز.
الاتحاد