محمد الحمادي

تنتشر التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وعن طريق «الواتس أب» عن دوام يوم الأحد، وأغلب تلك الرسائل – وإن كان بعضها مضحكاً – فإنها سلبية وتعطي انطباعاً بأن الموظفين متذمرون من العودة إلى العمل، سواء بعد إجازة نهاية الأسبوع أو بعد إجازة طويلة كإجازة عيد الأضحى والإجازات الوطنية، ولا شك في أن أغلب من يتبادلون تلك الرسائل يقصدون بها المداعبة، ولكن تبدو هذه المداعبة سلبية وغير مفيدة، وربما محبطة للبعض؛ لأن الوضع الطبيعي هو أن نشجع بَعضنَا على العودة للعمل، خصوصاً بعد إجازة طويلة.

ينسى أولئك الساخرون أن هناك أشخاصاً لا يتمتعون بإجازة بسبب طبيعة عملهم، فهم يكونون على رأس عملهم حتى في الأعياد والمناسبات، عندما يستمتع الجميع بأوقات من الراحة أو المتعة مع عوائلهم، كما أنه وفي المقابل هناك أشخاص يحلمون باليوم الذي يحصلون فيه على وظيفة وعمل يذهبون إليه كل صباح، وهؤلاء يقدرون بأكثر من مائتي مليون عاطل عن العمل في العالم، كل هؤلاء يتمنون أن يكون هناك يوم أحد أو يوم اثنين يذهبون فيه إلى أعمالهم ويمارسون مهامهم وينجزون ما هو مطلوب منهم خلال ساعات العمل، ثم يذهبون إلى بيوتهم وعائلاتهم ليستعدوا ليوم عمل جديد، وليسعدوا في نهاية الشهر بالراتب الذي سيتقاضونه.

العظماء في التاريخ لهم رؤية لا يمكن تجاهلها حول العمل، فعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، يقول: «بركة العمر حسن العمل»، فكل يوم أحد فرصة ليكون في أعمارنا بركة إضافية، أما فولتير فيرى أن العمل يبعدنا عن أكبر ثلاثة شرور في الحياة، وهي «الملل والإثم والحاجة»… أما المعادلة التي يؤمن بها أينشتاين للنجاح فهي، كما يقول، «لو كانت معادلة النجاح = أ + ب + ت، فإن (أ) هو العمل، و(ب) هو اللعب، و(ت) هو الصمت».

أما الفيلسوف الألماني توماس فاتسيك، فينتقد المقولات التي تربط بدء الحياة الممتعة بانتهاء يوم العمل، ويرى «أن عدم وجود العمل الذي يملأ نفس الإنسان بالرضا، يعطي إحساساً مشابهاً للموت، وأن ما يحتاج إليه المرء هو عمل يتناسب مع قدراته، وليس وقت فراغ يجعله يشعر بأنه عديم الفائدة».. تأملت هذا الرأي وأنا أتذكر كثيراً من موظفينا في آخر يوم في الأسبوع أو في آخر ساعات العمل كأنهم في حالة إفراج من حبس أو تحرر من قيد.
لنتذكر دائماً أننا في نعمة وخير، فكم هو جميل أننا نذهب إلى أعمالنا، ونحن بصحة وعافية ونصل لتلك المباني بسيارات جيدة وشوارع معبدة، ونقوم بأعمال ميسرة في أماكن مكيفة ومن خلال وسائل تكنولوجية وأنظمة متطورة، ولنتذكر أننا لا نكسر الجبال، ولا نحمل الأثقال ولا نعمل في حر لاهب ولا برد قارسٍ، فليكن يوم دوامنا يوم فرح وإيجابية ونشاط وحيوية، ويوم إنجاز وإبداع وابتكار.

لا أعرف من أين أتت هذه الثقافة، ولكنني أعرف أنه علينا محاربتها، وبدل نشر تلك الرسائل السلبية، علينا نشر الرسائل الإيجابية، خصوصاً أننا في الإمارات بلد التميز والرقم واحد.
ليتنا نستبدل تلك التعليقات الساخرة بترديد «اللهم لا تحرمنا بركة العمل».

الاتحاد