عن عمر ناهز الـ65 عاماً، رحل يوم أمس الفنان التشكيلي الإماراتي حسن شريف (1951 ـ 2016)، الذي يعد من رواد فن المفاهيمي في حركة التشكيل بالمنطقة، وقد شكلت أعماله الفنية طيلة سنوات وسنوات مصدر إلهام لجيل آخر من الفنانين.
كما كانت مصدر أسئلة عن قيمة الفكرة الفلسفية التي تنطوي عليها جملة من الأشياء المهملة والمتروكة جانباً والمنتقاة بعناية متجانسة، ولطالما كانت أكوام من الحديد أو الأسلاك أو قصاصات من الورق المقوى، وربما بقايا أحذية قديمة رماها البحر على الشاطئ، لطالما شكلت تلك الأعمال الكثير من الدهشة لدى مرتادي المعارض وخاصة في بواكير بينالي الشارقة الدولي، حيث كان حسن شريف أحد أبرز أركانه.
ولد حسن شريف عام 1951، وبشاربه الكث المنسدل على شفتيه لم يكثر الكلام، فقد كان شديد الإصغاء وكأنه يعيد بناء ما يسمعه من عبارات على شكل مجسمات تشبه مناخات الفلسفة التجريدية التي انتهجها حسن شريف منذ سبعينيات القرن الماضي، عندما سافر إلى بريطانيا لاستكمال دراسة الفن.
حيث التحق بكلية بايام شو للفنون (جزء من سنترال سانت مارتينز)، ومن ثم تآثر بأعمال الفنان تام جيلز، رئيس قسم الفن التجريدي والتجريبي في الكلية آنذاك. وأدى ذلك الاهتمام إلى تبلور الفكر الإبداعي لشريف واهتمامه بالحركة المفاهمية الفنية التي رأى فيها التعبير الأوضح عن روحه.
بعد تخرجه عام 1984، أسهم حسن شريف في بث روح جديدة في أجواء الفن التشكيلي بين الأجيال الجديدة في الإمارات، فأسّس مرسم الفن في مسرح الشباب في دبي، ملتقى فنياً وفكرياً للفنانين والمفكرين في الفن الحديث.
كما أسهم أيضاً في تأسيس جمعية الإمارات للفنون الجميلة، ومجموعة «الخمسة» للفن المفاهيمي، برفقة كل من محمد كاظم، ومحمد أحمد إبراهيم، وعبد الله السعدي، وحسين شريف.
يعتبر حسن شريف أباً روحياً في مجال الفنون البصرية في الإمارات، ولديه كتب منشورة في الفن الحديث ومفهوم الفن وفلسفه إنتاجه، وهو عضو «البيت الطائر» للفن في دبي الذي أسسه شقيقه رجل الأعمال عبد الرحيم شريف في عام 2008 بمنزلة فضاء جديد للعرض، ولحفظ وثائق فنية كانت مكدسة في صناديق.
في تلك المرحلة لم تكن حركة التشكيل المحلي قد اشتدت كما هي عليه اليوم، ولربما لم يستسغ كثير من ذواقة الفن طروحات الفنان في ميدان التشكيل بما هو مهمل ومتروك في الحياة وإعادة إنتاجه بشكل فني، وخاصة أن كثيراً منها جاء صادماً لما ألفته العين، ولربما كانت الحاجة ماسة إلى صدمة بصرية لشحن ذائقة الناس.
لا ينتمي حسن شريف إلى الفن الحديث، بل ينتمي إلى مدرسة متقدمة من الحداثة، وتحديداً الفن المفاهيمي الذي يُسمى أحياناً المذهب التصوري، هو فن تشترك فيه المفاهيم أو الأفكار في الأعمال التي يكون لها الأولوية على الاهتمامات المادية والجمالية التقليدية. ويمكن لأي فرد ببساطة إنشاء العديد من أعمال الفن التصوري التي تُسمى أحياناً الأعمال المركبة.
البيان