علي العمودي
على الرغم من التطور الكبير في الوعي بأهمية تبادل الآراء ومناقشتها والتحاور بشأنها، ما زال البعض يرى في طرح أي رأي للحوار أو النقاش بأنه يجب أن يكون مخصصاً لدعم رأيه، ويعتبر أن المناقشين عليهم أن يكونوا بمثابة شهود إثبات لصواب موقفه وتفرد رأيه وقبوله.
أمثال هؤلاء لم يدركوا أبعاد حرص قيادتنا الرشيدة على عقد جلسات العصف الذهني وتشجيع العاملين وبالأخص الكوادر الشابة من الصف الثالث والحلقات الأدنى على التقدم باقتراحاتها وأفكارها وآرائها فربما من هذه الأفكار تظهر حلول مبتكرة لتطوير العمل في هذا المرفق أو ذاك. لأن عصر المناقشات خلف الأبواب المغلقة وفرض الحلول التي تتمخض عن تلك النوعيات من الاجتماعات قد اندثر. بل إن الحرص على الاستماع إلى آراء الموظفين العاملين بعيداً عن المقار الرئيسة، دفع جهات عملهم إلى عقد الاجتماعات بطريقة «الفيديو كونفرنس» أو الدوائر المغلقة لتوفير عناء الانتقال عنهم من أجل إغناء الحوار والخروج بأكبر حصيلة من المقترحات والآراء البناءة.
قبل أيام كنت أمام صورة من صور ضيق الصدور بالرأي طالما أنه يخالف صاحب الدعوة للاجتماع، عندما تابعت احتدام النقاش بين طرفين حول ملصق لحملة توعوية، سألهم مسؤول الحملة عن رأيهم فيه، فلما سمع ما يخالف رأيه، استشاط غضباً واسترسل في اتهاماته لهم بالسلبية وانعدام النظرة الإيجابية للأمور، ومحاولة وضع العراقيل في طريقه وتحول الاجتماع بعد ذلك إلى تبادل الاتهامات وانفض من دون الوصول إلى النتيجة التي عقد لأجلها.
مثل هذه الاجتماعات والتي يستقطع وقتها من ساعات العمل الرسمية وعلى حساب المراجعين، لا هدف منها سوى إرضاء المسؤول عنها الذي لا يريد أن يتحمل مسؤولية خطواته وإجراءاته، فليجأ إلى هذه الاجتماعات حتى يقدم النتيجة التي يخلص إليها على أنها بموافقة أغلبية الحضور، فإن فشل المقترح أرجع فشله إليهم، وإن نجح أرجع النجاح إلى نفسه وأنه ثمرة اجتهاده وتخطيطه ونظرته الثاقبة لطريقة إدارة الأمور. وعلى الآخرين الإقرار بهذه العبقرية المتفردة في الإدارة والتخطيط.
نماذج تنتشر في مرافق عدة من مفاصل العمل في دوائرنا، وهي سبب جمود الأداء دون أن تدرك هذه الحقيقة المرة، لأنها ترفض الاستماع إلى غير صوتها واللون الذي تتمسك به وتتعصب له. لأمثالهم نقول طالما لا تريد الإنصات لسوى رأيك فلا تسأل عن رأي الآخرين.
الاتحاد