أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، أن الحركة التجارية تمثل عصباً رئيسا للاقتصاد المحلي ورافدا محوريا من روافد نموه وازدهاره، وأن السياسة الرشيدة التي تتبعها دولة الإمارات فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية تأتي في مقدمة أسباب مواصلة قطاع التجارة تحقيق معدلات نمو قوية ساهمت في التغلب على التقلبات التي انتابت مجمل حركة التجارة العالمية خلال السنوات القليلة الماضية جراء متغيرات اقتصادية وسياسية وأمنية عميقة شهدتها مناطق عدة من العالم.
وقال سموه إن نمو التجارة الخارجية في دبي يستند إلى مجموعة من المقومات المهمة في مقدمتها العلاقات القوية والمتوازنة التي تربط بين دولة الإمارات بأغلب أسواق العالم من شرقه إلى غربه، والموقع الجغرافي المميز الذي تتمتع به دبي في قلب سوق ضخمة يقطنها حوالي /2.7/ مليار نسمة لا تبعد أقصى نقطة فيها عن دبي إلا بمسافة يمكن قطعها جواً في أربع ساعات فقط، ما يبشِّر بمستقبل حافل بمزيد من الفرص لقطاع التجارة، بما يوجبه ذلك من استعداد والأخذ بالأسباب التي تمكننا من الاستفادة من تلك الفرص وتوظيف الإمكانات البشرية واللوجستية والتقنية بأسلوب مهني رفيع يكفل تحقيق الأهداف المنشودة لمستقبل التنمية الاقتصادية.
جاء ذلك في إطار الزيارة التي قام بها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم امس إلى مقر جمارك دبي، حيث اطلع سموه خلالها على سير العمل وتعرف على أحدث مشاريع ومبادرات الجمارك، وكان في استقبال سموه سلطان أحمد بن سليم، رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، وعدد من كبار قيادات جمارك دبي.
ولفت سمو ولي عهد دبي خلال الزيارة إلى أن جمارك دبي تنتظرها مهمة كبيرة في المرحلة المقبلة مع استعداد الدولة لاستضافة معرض “إكسبو دبي 2020″ مطلع العقد المقبل، بما يتطلبه هذا الحدث العالمي الضخم من تعاون كافة الأجهزة لتقديم دورة استثنائية في تاريخ الحدث الأكبر من نوعه عالميا، وما يستدعيه ذلك من ترتيبات وتدابير تكفل أقصى درجات الدعم للعارضين المشاركين من مختلف أنحاء العالم قبل وخلال تواجدهم في الحدث الذي سيستمر لمدة ستة أشهر كاملة، نظراً لما يتطلبه هذا الحدث العالمي، الذي يزيد عمره على 150 عاما ويعد الأكبر حجما بين جميع معارض العالم، من تأهب لاستقبال البضائع والمعروضات المنتظر دخولها إلى دبي مع العارضين من المنافذ الجمركية المختلفة للإمارة قبل وأثناء المعرض.
ودعا سموه القائمين على جمارك دبي إلى عدم الاكتفاء بما تم إحرازه من تقدّم في مجال التحول الذكي، لافتاً سموه إلى أهمية مواصلة العمل على تطوير الخدمة بما يسهّل التدفق التجاري وييسر حركة المسافرين، في حين أشاد سموه بالعين اليقظة لكوادر جمارك دبي والتي تعد خط دفاع أول ضد عمليات التهريب على اختلاف أشكالها، مؤكداً سموه ضرورة إحكام الرقابة للحفاظ على أمن واستقرار المجتمع وصون مقدراته بالتصدي لمحاولات التهريب ، خاصة المواد المحظورة والضارة والممنوع تداولها والتي تمثل خطرا يهدد الصحة العامة بما تحمله من تأثيرات مدمرة تنال من قدرة أي مجتمع على التقدم وتحرمه من أهم ثروة يملكها وهي الإنسان القادر على العمل والإنتاج.
وقد اعتمد سمو ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي خلال الزيارة تصاميم مشروع توسعة منفذ حتا الجمركي، بينما شملت جولة سموه في جمارك دبي زيارة غرفة التحكم والسيطرة، وهي أول غرفة عمليات جمركية على مستوى العالم العربي، لمتابعة الأعمال الجمركية الأمنية على مدار الساعة، وتضم العديد من المهام منها متابعة كاميرات المراقبة الموزعة على المنافذ الجمركية البرية والبحرية والشحن الجوي وعددها 500 كاميرا موزعة على 25 منفذ جمركي في أنحاء دبي، ويجري العمل على زيادتها إلى 1700 كاميرا في المرحلة المقبلة.
ومن مهام غرفة التحكم والسيطرة أيضا العمل على 23 برنامجا جمركيا أمنيا على مدار الساعة لمتابعة أعمال التفتيش والشحنات والشركات المخلصة والاستفسار عن الحاويات وتلقي المكالمات الهاتفية والاستفسارات من المراكز الجمركية ونشر التعاميم الأمنية على المنافذ المختلفة.
وتساهم غرفة العمليات من خلال هذه المهام في رصد بعض حالات التهرب الجمركي، ومتابعة حركة الشاحنات من ساحات المناولة مباشرة إلى مواقع التفتيش في المنافذ الجمركية وإعادة تسجيل الأحداث في حال طلبها من الإدارة العليا والجهات الأمنية المختلفة في الدولة.
كما شملت جولة سموه، معرض الابتكارات الجمركية، حيث اطلع على مشتملات هذا المعرض من مشاريع ومبادرات ساعدت في تحقيق رؤية جمارك دبي المتمثلة في” الإدارة الجمركية الرائدة في العالم الداعمة للتجارة المشروعة.
وتضمن المعرض نظام التفتيش الجمركي الذكي، ومشروع الممر الافتراضي، ومشروع حقيبة التدريب الجمركية، ومشروع المفتش الآمن، ومشروع تطوير منفذ حتا الجمركي، ومشروع رافد والذي يعني بالإبلاغ عن المخالفات الجمركية والتجارية، ومشروع الغواصة الذكية لدعم عملية التفتيش البحري، والنظارة الذكية، ومشروع مركزية أجهزة التفتيش، والنظام المتطور لفحص الحاويات، ومشروع طائرة بدون طيار لدعم عملية التفتيش.
من ناحية أخرى، أثنى سمو ولي عهد دبي على النهج الذي تتبعه جمارك دبي في التحوّل إلى الخيارات والحلول الذكية كوسيلة لتسريع وتيرة الخدمة الجمركية وإنهاء المعاملات بأسلوب عصري يتسم بالكفاءة العالية بما يؤكد ريادة دولة الإمارات في مجال توظيف التكنولوجيا المتقدمة في تعزيز المسيرة الاقتصادية الوطنية، ويواكب توجهات دبي أن تكون المدينة الأذكى عالمياً، مؤكدا سموه على ضرورة مواصلة العمل على استحداث وتوفير المزيد من الخدمات الذكية والحلول المبتكرة لتحفيز التدفقات التجارية من وإلى دبي والتي تمثل رافدا رئيسا للاقتصاد المحلي، ويعزز ثقة الشركاء التجاريين العالميين في قدرتنا على تقديم نوعية خدمة متطورة تدعم أعمالهم.
وتضمّن العرض المقدم لسمو ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي معلومات حول تجارة دبي الخارجية غير النفطية والتي شهدت نموا كبيرا خلال العقود الثلاثة الماضية حيث سجلت في العام 1980 حوالي 23 مليار درهم إلى أن وصلت في العام 2015 إلى 1.283 تريليون درهم؛ بواقع 796 مليار درهم للواردات، و132 مليار درهم للصادرات، و355 مليار درهم لإعادة التصدير.
وأطلع سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال الزيارة على أحدث مبادرات ومشاريع وبرامج جمارك دبي والتي تستقي مضامينها وأهدافها من رؤية الإمارات 2020 وخطة دبي2021، واستمع سموه من سعادة سلطان بن سليم رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة إلى شرح حول الخدمات التي توفرها جمارك دبي، سواء لمؤسسات الأعمال أو الأفراد وكذلك المسافرين، بما في ذلك تسجيل الأعمال والتراخيص الجمركية الخاصة بها، وخدمات التخليص الجمركي للشركات، كذلك خدمات تخليص الأمتعة الشخصية للأفراد، والعديد من الخدمات الأخرى المقدمة للمسافرين.
كما تعرّف سموه على البرامج والمبادرات التي تدخل في إطار المسؤولية المجتمعية للجمارك بما تتضمنه من حملات توعوية حول العديد من الموضوعات التي تمس حياة الناس، وتسهم في ترسيخ المفاهيم والقيم النبيلة بينهم، وكذلك نشر المفاهيم البيئية السليمة لاسيما بين الشباب والنشء وتعريفهم ببيئتهم وتراثهم الثقافي والحضاري، الأمر الذي أهل جمارك دبي للحصول على الجائزة الآسيوية لأفضل ممارسات المسؤولية المجتمعية لعام 2016 عن استراتيجية المسؤولية المجتمعية المعتمدة في الدائرة والتي تسلمتها مؤخرا في سنغافورة خلال حفل كبير أقيم بهذه المناسبة نظمته مؤسسة “سي إم أو آسيا” وشارك في تحكيم الجائزة المؤتمر الدولي للعلامة التجارية ومنظمة اليوم العالمي للمسؤولية المجتمعية للمؤسسات ومؤسسة “سي إم أو” آسيا ومؤسسة “نوجريد” للاستشارات.
وتطرق سعادة سلطان بن سليم كذلك إلى أحدث معدات وتقنيات الفحص والتفتيش المستخدمة في جمارك دبي والتي تعد من بين الأكثر تطورا في العالم مدعومة بكادر بشري مميز تحرص الدائرة على تطوير كفاءته باستمرار من خلال برامج التدريب المتخصصة التي تسهم في صقل مهاراتهم بما يلبي متطلبات عملهم، ويعزز قدرتهم على القيام بالمهام الموكلة إليهم على الوجه الأمثل وفق أرقى المعايير العالمية.
وقال رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك إن العام 2015 شهد إحراز جمارك دبي لأكثر من 35 جائزة محلية وإقليمية وعالمية، بفضل ما أطلقته ومبادرات ومشاريع وآليات تنفيذية تستند في مجملها إلى الابتكار والذي توليه جمارك دبي اهتماماً خاصاً عملاً بتوجيهات قيادتنا الرشيدة بترسيخ الإبداع والابتكار ضمن الركائز الأساسية لمنظومة العمل في دولة الإمارات وضمن مختلف القطاعات.
وفي مجال الرقابة الجمركية، أنجزت جمارك دبي 3850 ضبطية جمركية خلال العام 2015 في كافة المراكز الجمركية البرية والبحرية والجوية بإمارة دبي، وشملت العديد من المخالفات الأمنية وكذلك المحظورات الضارة بالاقتصاد وصحة وسلامة أفراد المجتمع، في حين بلغ إجمالي الضبطيات التي قامن بها جمارك دبي في النصف الأول من العام الجاري إلى 1867 ضبطية.
وام