ترى ما السر وراء تفوق قطاع التعليم في فنلندا، الذي جعله يحتل الصدارة في التصنيفات الأوروبية على مدى السنوات الـ15 الماضية؟
الإجابة كما ذكرتها صحيفة “الجارديان” البريطانية هي التركيز على الإعداد للأداء الجيد من المراحل المبكرة، عبر برامج الرعاية اليومية للأطفال الرضع والأطفال الصغار.
ففي مركز “فرانزينيا” بحي كاليو بالعاصمة هلسنكي، على سبيل المثال، لا يكون التركيز على الرياضيات أو القراءة أو الكتابة، حيث لا يتلقى الأطفال أي توجيهات في هذه المجالات حتى بلوغهم سن السابعة والتحاقهم بالمدرسة الشاملة الأساسية الإلزامية، بل يكون التركيز على اللعب الإبداعي.
وتقول تيينا مارجونيمي، مديرة مركز “فرانزينيا”: “نحن نؤمن بأن الأطفال دون سن السابعة غير جاهزين لبدء الدراسة، إنما يحتاجون الوقت للعب وممارسة النشاط البدني، إنه وقت الإبداع”.
وفي الواقع، لا يكون الهدف الرئيسي من التعليم خلال السنوات الأولى هو “التعليم” بالمعنى الحرفي له، إنما يكون تعزيزا لصحة ورفاه كل طفل، إذ تساعد برامج الرعاية اليومية الأطفال في اكتساب عادات اجتماعية جيدة، مثل: معرفة كيفية تكوين صداقات، واحترام الآخرين، والاعتماد على النفس.
كما تركز البرامج في مرحلة ما قبل المدرسة على أهمية الشعور بـ”متعة التعلم”، وإثراء اللغة، والتواصل، ويكون التركيز كذلك على النشاط البدني، مثل اللعب في الهواء الطلق لمدة 90 دقيقة يوميا.
ولا تعد برامج الرعاية اليومية هي العامل الوحيد التي يقوم عليها النجاح الأكاديمي، إنما يعتمد نظام التعليم في فنلندا أيضا على فكرة أن الجودة أمر حيوي للنجاح الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية، بالإضافة إلى الاعتقاد أن الدولة الصغيرة التي تعتمد على الإبداع والعبقرية والتضامن للمنافسة في الاقتصاد العالمي لا يمكنها تحمل عدم المساواة أو التفرقة في التعليم أو الصحة.
وما وراء التفوق التعليمي الممتاز، يوجد نظام تأمين اجتماعي وصحة عامة شامل يجعل فنلندا واحدة من أدنى الدول من ناحية معدلات فقر الأطفال، وإحدى أعلى الدول من حيث مستوى الرفاهية في أوروبا.
الاتحاد