عائشة سلطان

حول انتشار ظاهرة الأسوار الحدودية في العالم، نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تقريراً، لفت فيه النظر لهذه الظاهرة الأمنية التي بدأت في الانتشار، كوسيلة تحمي بها الدول حدودها من أخطار الجيل الجديد من التهديدات الأمنية!

تغير مفهوم التهديدات الأمنية اليوم، عما كان عليه سابقاً، فقد انتشرت ظاهرة التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، واتسع نطاق حروب المدن، وتزايدت موجات الهجرة غير الشرعية المندفعة من المنطقة العربية وأفريقيا باتجاه أوروبا، كما نشطت تجارة تهريب الأسلحة عبر دول الفوضى، مثل ليبيا، باتجاه مصر وتونس مثلاً!

إن العالم الذي ذاق ويلات الحروب العالمية، أراد أن يخرج منها بشكل أكثر إنسانية، فأنشأ هيئة الأمم المتحدة، لإرساء قيم السلام والتعاون الدوليين، كما كتب منظرو الإعلام حول وسائل الإعلام التي حولت العالم إلى مجرد قرية عالمية صغيرة، ومع ذلك، فإن هناك من بات لا يؤمن بكل هذه المقولات المثالية، بل وصار يحيط نفسه بأسوار عازلة، يحمي بها حدوده ومصالحه في مواجهة المهددات الأمنية المختلفة، هذا يجعلنا نتساءل، هل يمكن أن نجد أسواراً عازلة في مناطق أخرى في العالم بما فيها المنطقة العربية، لحماية أمن الدول من دول أو جهات تهدد الأمن والسلام؟

يذكر التقرير عدداً كبيراً من الدول التي عملت على إيجاد حوائط عازلة على طول حدودها مع بعض جيرانها، كما فعلت أميركا شمالاً مع كندا، وجنوباً مع أميركا اللاتينية، وكما فعلت الجزائر مع المغرب وتونس مع ليبيا، لمنع تسلل الإرهابيين ومهربي السلاح، وتركيا مع سوريا، لمنع تسلل الإرهابيين والمهاجرين، وبلغاريا مع تركيا، لمنع دخول المهاجرين السوريين والعراقيين، وكينيا مع الصومال، لمنع تسلل عناصر حركة «شباب المجاهدين» الإرهابية.. إلخ.

هذه الظاهرة الأمنية الخطيرة، ضربت الكثير من النظريات والقوانين التي سادت العالم ما قبل حقبة تزايد نفوذ التنظيمات والهجمات الإرهابية، لقد أطاحت بحرية التنقل وانسيابية التعاون، وبنظرية الحدود المفتوحة، ذلك أن الإرهاب لم يبق على أي شيء، لقد دمر إرثاً إنسانياً رائعاً في مجال الحريات والتعاون والاستقرار والأمن، بحيث حلت الأسوار العازلة، كتجسيد مادي، ظاهره تحقيق مناعة وحماية الدولة، وحقيقته إعلان العزلة، والعجز عن القضاء على ما بات يعرف بالإرهاب العابر للحدود!

البيان