دكت الطائرات الروسية والسورية أمس الأحياء الشرقية في مدينة حلب بأكثر من 100 غارة جوية، متسببة بدمار هائل ومجزرة بشعة راح ضحيتها نحو 91 مدنيا من نساء وأطفال بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة.
وقال حمزة الخطيب مدير مستشفى في حلب لرويترز إن عدد قتلى القصف الذي تعرضت له المناطق الخاضعة للمعارضة في شرق المدينة بلغ 91.
وقالت هيئة الدفاع المدني التي تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب إن 40 مبنى دمر.
وذكر عمار السلمو مدير الدفاع المدني أن عمال الإنقاذ أنفسهم استهدفوا مع تعرض ثلاثة مراكز من أصل أربعة في حلب للقصف.
وقال لـ «رويترز» إن ما يحدث الآن «إبادة» بكل ما تحمله الكلمة من معنى وإن القصف أمس أعنف وشارك فيه عدد أكبر من الطائرات.
واضاف السلمو :« القصف سوى أحد المراكز بالأرض وعطل آخر عن العمل تماما كما دمر مخزنا للوقود يخص الدفاع المدني.
واليوم يمكن أن نقول إننا توقفنا على العمل بسبب أننا غير قادرين على إكمال أي مهمة لعدم وجود الوقود وتدمير الآليات وشدة القصف».
وأظهرت مقاطع مصورة قام سكان بتصويرها لفتاة صغيرة تصرخ بينما يحفر رجال الإنقاذ بهمة وسط الأنقاض لينتشلوها حية. وأظهر مقطع آخر رجال الإنقاذ يستخرجون رضيعا بأيديهم من بين الأنقاض وهم يرددون «الله أكبر». ولم تظهر علامات للحياة على الطفل بين أيدي رجال الإنقاذ وهم يسارعون بنقله.
وقال محمد أبو رجب وهو خبير أشعة لـ«رويترز»« : «هل يمكنك سماعها؟ الصواريخ تصيب الحي الآن. يمكننا سماع الطائرات الآن… الطائرات لا تغادر السماء… طائرات هليكوبتر وبراميل متفجرة وطائرات حربية».
ويخشى دبلوماسيون غربيون من حمام دم إذا شنت الحكومة هجوما واسع النطاق لاستعادة المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة حيث لا يزال 250 ألف شخص محاصرين.
وقال دبلوماسي غربي: «السبيل الوحيد للسيطرة على شرق حلب هو من خلال مثل هذه الفظائع الوحشية التي سيظل صداها يتردد لأجيال. ستكون شيئا يظل مذكورا في التاريخ».
وأعلن الجيش السوري في بيان بدء عملياته في أحياء شرق حلب ودعا الناس إلى الابتعاد عن مقار ومواقع ما أسماه «العصابات الإرهابية المسلحة».
وقال مصدر عسكري إن الهجوم سيكون «شاملا» وسيشمل هجوما بريا، وأن الهجمات الجوية والمدفعية التحضيرية قد تستمر «لفترة من الزمن». حسب الموقف الميداني وخسائر الإرهابيين وبمعطيات أخرى يقدرها القادة الميدانيون».
وأضاف: «مثل أي عملية عسكرية تبدأ بتمهيد جوي ومدفعي ومن ثم القوات البرية تعمل وفق نتائج الضربات وتأثيرها».
وفي هذا السياق، أكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن الأمر يتعلق «بهجوم بري واسع مدعوم بغارات من الطائرات الروسية بهدف التقدم تدريجيا في الأحياء الشرقية من حلب وإخلائها من سكانها».
وأوضح عبد الرحمن: «يريدون السيطرة أولا على أحياء العامرية والسكري والشيخ سعيد» الواقعة في جنوب ثاني أكبر مدن البلاد، مشيراً إلى أن الجيش يسيطر على أجزاء من العامرية ويسعى إلى السيطرة الكاملة عليه.
ولفت إلى أن معارك عنيفة تدور على الأطراف الجنوبية للمدينة بين الطرفين.
وأشار مراسل فرانس برس في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة، والذي سمع طوال النهار دوي غارات مكثفة، إلى أنه شاهد عشرات العائلات التي فرت من حي السكري ولجأت إلى أحياء أخرى شمالا تسيطر عليها الفصائل. وبحسب عبد الرحمن فإن «العديد من العائلات غادرت الأحياء المحيطة منذ أيام عدة».
وقال العديد من السكان إن الانفجارات التي وقعت كانت أشد كثيرا من أي انفجارات ضربت المنطقة من قبل مما أحدث فجوات أكبر بالأرض وأسقط مباني بأكملها. وذكر قيادي بالمعارضة في تسجيل صوتي أرسله لـ«رويترز» أنه استيقظ على «زلزال» قوي رغم أنه كان بعيدا عن موقع سقوط الصاروخ. وقال إن «شهداء» من جماعته تحت الأنقاض في ثلاثة مواقع.
وأظهرت مقاطع فيديو لـ«فرانس برس» في حي طريق الباب جرافة تعمل على رفع الأنقاض من شارع ضيق على جانبيه ابنية بعضها تدمر بشكل كامل والبعض الآخر تصدعت جدرانه، قبل أن تردم حفرة ضخمة مملوءة بالمياه جراء القصف.
وقال أحد الناجين أبو عمر: «كان الصوت أقوى من صاروخ بحيث انهارت الجدران لوحدها».
وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاث ابنية انهارت بكاملها على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة على حي الكلاسة. وقال مراسل فرانس برس: جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الأنقاض، فيما يقف عمال الإغاثة مذهولين محاولين رفع الركام بأيديهم بحثا عن العالقين تحته.
على جبهة أخرى في حلب، قتل «15 مدنيا بينهم 11 طفلا جراء غارات روسية على قرية بشقاتين في ريف حلب الغربي» في حصيلة جديدة.
كما قتل 11 شخصا على الأقل في غارات نفذتها طائرات لم تعرف هويتها على مدينة الباب تحت سيطرة تنظيم داعش شمال شرق حلب.
وفي محافظة حماة قتل خمسة مقاتلين بعد استهداف طائرات حربية مغارة كانوا يتخذونها مقرا، فيما لا يزال 13 مقاتلا تحت الأنقاض.
الاتحاد