عائشة الجناحي

«نريد للإمارات أن تصل إلى الرقم واحد بجهود أبنائها لا بالمحاباة»، «نحن لا نرضى عن المركز الأول بديلاً، ودبي والإمارات هما رقم واحد من حيث الاستثمار والأمن والحياة المستقرة والنهضة الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية» يقرأ ذو الإعاقة السمعية البالغ من العمر أربعة عشر عاماً هذه العبارات الحاسمة في معناها من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، فينزوي بنفسه بعيداً عن الصخب وضجيج الناس ويمسك دفتر الرسم وعلبة الألوان ليخطط كيف يمكنه أن يحقق هذا التوجه من خلال الرسم لأنها طريقته الوحيدة التي تعوض إعاقته التي تتمثل في ضعف السمع وصعوبة النطق، وبينما هو في خلوته تلك قرر أن يرسم طريق المعاق في مسيرة النجاح ليصل إلى مكانة الرقم واحد.

تراءت له الصفحة الأولى في مخيلته فتمايل قلمه بسلاسة ناقلاً تصوره لبداية يومه الدراسي مع الطلاب السامعين الذي ظن أنه قد يكون الأسوأ بسبب إعاقته، ولكن تفاصيل ذاك اليوم لم تكن سيئة بهذا القدر، فتذكر بعضاً من قصص العلماء والناجحين ذوي الإعاقة الذين مروا بالكثير من الإحباطات ولكنهم لم يثنوا ركبهم راكعين للصعوبات بل صارعوا الأفكار السلبية ولم يجعلوا أحلامهم تنتهي عند جدار الخوف والتردد.

دولة الإمارات تخطو بثقة لتكون دولة للجميع؛ فبعض المدارس طبَّقت خطة مطورة لدمج ذوي الإعاقة السمعية في المدارس الحكومية، إضافة إلى تدريب المعلمين على لغة الإشارة لإكسابهم الخبرة في التعامل وشرح المنهج الدراسي بلغة الإشارة لجميع الطلاب من ذوي الإعاقة السمعية. هذا الخبر الإيجابي غمره بالسعادة وأخذ حيزاً كبيراً في قلبه لأن ذلك سيجعله صاحب بصمة وأثر في المجتمع، ومع مرور الأيام استطاع أن يصل أعلى مراحل التطور في المرحلة المدرسية، وعليه تم قبوله في برنامج المنح والبعثات الدراسية في الخارج بسبب تميزه. يقول ذو الإعاقة: «دمجي مع السامعين ولو لجزء من اليوم الدراسي أيام المدرسة جعلني أكثر ثقة بقدراتي». في هذه المرحلة حرص أن تكون رسوماته تحت عنوان «السعادة والإيجابية أسلوب حياة».

أثناء مرحلته الجامعية في الخارج، لم ينشغل بأنه من أصحاب التحديات السمعية أو أنه بحاجة لخبراء لغة الإشارة، بل نصب اهتمامه على تحصيل العلم وبلوغ الهدف. فأصبح من سفراء الوطن الذين يحملون صورة مشرفة لرعاية أبنائه وتحفيزهم على تحقيق النجاح، حيث تخَّرج من جامعة في الولايات المتحدة الأميركية بعد حصوله على بكالوريوس هندسة الاتصالات، الذي يعد من التخصصات التي تحتاج إلى مهارات وقدرات من نوع خاص. وجاء هذا الإنجاز ليضيف إبداعاً ورونقاً إلى رسوماته تحت عنوان «إطار الابتكار في حياة ذوي الإعاقة».

ختاماً استطاع أن يستكمل كتابه بعنوان «الرقم واحد في عالم صامت» الذي يشرح مسيرة نجاح فئة الصم في مجتمع السامعين وآلية صناعة النجاح رغم الاختلاف؛ فالحياة رحلة كفاح وقصة نجاح تبدأ بالطموح والإرادة لتنتهي بتحقيق الهدف.

البيان