عائشة سلطان
لأجل القوة الكامنة في القراءة أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تحدي القراءة العربي، أطلقه لكل العرب في كل الوطن العربي، ليعيد للشباب وللمواطنين العرب جميعهم شغفهم بالغد ويعيد للأحلام الكبيرة مجدها، لأن مساحات شاسعة من الوطن ما عادت تعتقد بوجود غد من الأساس بعد كل ما مرت به من أهوال وكوارث خلال الست سنوات العجاف الماضيات، ومن لا يعتقد بالغد لا يمكن أن يصدق بأن الأحلام نواة كل المنجزات العظيمة التي لم تكن شيئاً ذات يوم مضى!
بين ضفتين تهدر مياه خور دبي منذ سنوات كثيرة جداً، فماذا تقول الضفة لأختها كل يوم؟ ربما لا تقول شيئاً لكنهما لا يكفان عن حراسة الأحلام الهادرة في هذه المدينة، أحلام لا تظل مكانها لكنها تتدفق باتجاه محيطات العالم كل يوم! لذلك فلا عجب أن أكبر المكتبات التي ستبنيها دبي قريباً ستتربع فوق هذا الماء لتقدم للجميع خلاصة حكمة القرون والحضارات: الكتب والكلمة ودعوة القراءة.
الذين تساءلوا عن سبب إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد لمبادرة القراءة وعن الفائدة التي ستجنيها الإمارات منها، فاتهم أن القراءة ليست مجرد مبادرة وأنها ليست تجارة، فاتهم أن الحياة كتاب عظيم كل يكتبه بحسب همته وأحلامه وقدراته، فاتهم أن القراءة هي المشروع الوحيد القادر على إعادتنا كأمة إلى مجرى تيار الحضارة بعد أن ألقت بنا الأحداث والهزائم جانباً، فاتهم أننا لن نعود إلى حلبة الحياة كفاعلين لا متفرجين إلا إذا صار الكتاب محور الارتكاز في حياة الأفراد والأمة، بخلاف ذلك سنظل بلا قيمة في مسيرة الحضارة وفي نظر أنفسنا وموازين الآخرين!
لم يطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مشروع تحدي القراءة إلا لأنه علم بيقين المواطن العربي وبحس السياسي والشاعر والطامح أن لا خلاص لهذا الوطن إلا إذا صار الكتاب رفيق الجميع، وأولويتهم وشغفهم، لذلك فرؤية طفل الجزائر محمد بن جلود وهو يتحدث بتلك الطلاقة الخاطفة للقلب لا تشعرنا بنجاح المشروع فقط، ولكنها تطمئننا أننا باختيارنا للقراءة قد اخترنا الرهان الأسلم وأننا نسير على الطريق الصحيح، المسألة تحتاج مثابرة وصبراً، وهذا يحتاج نفوساً عالية لا تتراجع عن أهدافها العظيمة. الطفل الجزائري محمد، ابن السابعة، سيكون ملهماً حقيقياً وعظيماً في مسيرة المشروع، والمشروع سيكون تحدياً ملهماً لكل الشعوب العربية التي لاتزال تبحث عمن يعيد لها إيمانها بإنسانيتها وبأحلامها..وهذا ما يفعله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد اليوم!
البيان