تظاهر عشرات الآلاف من اليمنيين أمس الخميس في عدن والعديد من مدن البلاد المحررة رفضاً لخطة السلام المقترحة من الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 19 شهراً. وتزامنت الاحتجاجات الشعبية المدعومة من الحكومة الشرعية والسلطات المحلية مع وصول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد إلى صنعاء لمناقشة الخارطة مع المتمردين الحوثيين وحلفائهم في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع علي عبدالله صالح. وأعلنت وكالة سبأ التي يديرها الحوثيون في صنعاء في بيان مقتضب، وصول المبعوث الأممي إلى المدينة «في زيارة تستغرق عدة أيام».
واحتشد عشرات آلاف من سكان عدن ومحافظات لحج وأبين والضالع في جنوب البلاد صباح أمس في ساحة العروض في حي خور مكسر شرق مدينة عدن العاصمة المؤقتة منذ استيلاء المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على السلطة في صنعاء مطلع فبراير العام الماضي. وتقدم محافظو عدن والضالع وأبين المتظاهرين الذين رفعوا الأعلام وأعلام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية وبعض دول التحالف العربي، إضافة إلى لافتات معبرة عن مطالبهم المنددة بالخارطة الأممية والمؤيدة لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف به دولياً منذ انتخابه في ظروف استثنائية بداية العام 2012. ورددوا هتافات نددت بالخطة التي قدمها المبعوث الأممي متضمنةً إجراءات مزمنة لانسحاب الميليشيات الانقلابية من المدن مع إشراكهم في حكومة وحدة وطنية تنتزع جزءاً كبيراً من صلاحيات الرئيس هادي، وتستبعد نائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر.

وأكد المتظاهرون تمسكهم بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وقالوا في بيان ختامي صدر عن الفعالية الاحتجاجية «نؤكد نحن المحتشدين في هذه الساحة التاريخية في مدينة خور مكسر وحشود أخرى في حضرموت والمناطق المحررة رفضنا الكامل لمبادرة المبعوث الأممي المعلنة لحل مشكلة الحرب في اليمن والتي تخالف المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والقرارات والمرجعيات الإقليمية والدولية»، مستنكرين أيضاً وبشدة مضمون إحاطة ولد شيخ أحمد لمجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي. وذكر البيان أن «المبادرة الأممية وإحاطة ولد الشيخ مثلت صفعة قوية لجهود إحلال السلام في اليمن وتجاوزت قرار مجلس الأمن رقم 2216 وما تضمنه من التزامات لإنهاء الانقلاب وعودة الحكومة الشرعية الى موقعها الطبيعي في رسم مسيرة الأمن والسلام والتنمية في البلاد».
وفي تعز ثالث مدن البلاد، خرج آلاف الأشخاص إلى شوارع المدينة تأييداً للرئيس عبدربه منصور هادي ورفضاً لما أسموه «التفافاً» على قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر في أبريل 2015 ويدعو المتمردين الحوثيين وحلفاءهم للانسحاب من المدن التي استولوا عليها أواخر 2014 وإلقاء السلاح والعودة للعملية السياسية الانتقالية.

وهتف المتظاهرون «عاش الشعب اليمني عاش.. لاحوثي ولا عفاش»، وهم يجوبون عدداً من شوارع تعز رافعين أعلام اليمن والسعودية والإمارات، ولافتات كتب عليها عبارات نددت بخارطة ولد الشيخ. وأكد بيان صادر عن التظاهرة في تعز «رفض ما يسمى بخارطة الطريق المقدمة من مندوب الأمين العام للأمم المتحدة»، ورفض «كل الخيارات والمشاريع التي تبتعد عن المرجعيات المتفق عليها والمتمثلة في القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ووثيقة الحوار الوطني». واستنكر البيان بشدة استهداف جماعة الحوثي مكة المكرمة.
وفي سياق متصل، تظاهر الآلاف من اليمنيين في مدينة مأرب (شرق) ضد خطة السلام التي اقترحتها الأمم المتحدة، مؤكدين رفضهم لأي تسوية لا تستند للمرجعيات الثلاث للسلام، وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار 2216. واعتبر المتظاهرون مبادرة ولد الشيخ «شرعنة للانقلاب» في اليمن واستخفافاً بدماء اليمنيين الذين قضوا في جبهات القتال المشتعلة منذ مارس 2015. وقال محافظ مأرب، سلطان العرادة، في كلمة أمام الحشد «إن هذا الموقف الشعبي المساند لقيادة الدولة يعكس الوعي الشعبي بخطورة المبادرة التي تكرس الانقلاب خاصة بعد أن عانى اليمنيون من مرارة حكم العصابات الانقلابية».

الاتحاد