محمد الحمادي
يهمني كثيراً أن أنقل لكم صورة حية من مشاركتي يوم أمس في المنتدى الخليجي للإعلام السياسي في عاصمة البحرين المنامة، وهذه هي النسخة الرابعة للمنتدى الذي ينظمه معهد البحرين للتنمية السياسية، وكانت ورقتي حول «مستقبل الهوية الخليجية».. لقد كان التنظيم رائعاً والمشاركون والحضور من جميع دول الخليج، وكان الحوار شفافاً وشيقاً، ولكنه كشف لي حقيقة مهمة، لابد أن ينتبه إليها المسؤولون في دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً أن قمة مجلس التعاون الخليجي ستعقد بعد أقل من شهر في المنامة أيضاً.
لاحظت في مناقشاتنا بجلسات المنتدى، وفي الأحاديث الجانبية أيضاً، أن مستوى الاقتناع بوجود هوية خليجية لم يعد كالسابق، وبدا واضحاً أن الحديث عن الخلافات والاختلافات بين دول الخليج أصبح يأخذ حيزاً من الحوار والنقاش، ويعتبر البعض الاختلافات عائقاً وسبباً لتراجع العمل الخليجي، فضلاً عن الحديث عن دور أمانة مجلس التعاون الخليجي الذي يكاد يتفق الجميع على أنه دور مفقود، وخصوصاً فيما يتعلق بتعزيز الهوية الخليجية والدور الإعلامي.
لا شك أن مجلس التعاون اهتم خلال السنوات الماضية بملفات مهمة وحساسة، على رأسها الملف الأمني، والسياسي، والعسكري، وذلك نظراً للأوضاع التي تحيط بدُولنا والمخاطر التي نواجهها، وبالتالي أصبحت هذه الملفات لها الأولوية ولكن المؤسف أن الملفات الأخرى الثقافية والاجتماعية والإعلامية تم تجاهلها تماماً، ويكاد لا يكون لها وجود، وهذا ما جعل المواطن الخليجي بل وربما النخبة الخليجية تشعر بأن «الولاء» الخليجي و«الهوية» الخليجية أصبحا ضعيفين جداً.
مجلس التعاون الخليجي مطالب وبقوة بأن يهتم بكل الملفات التي تعزز التعاون الخليجي والتي تعيد اللحمة الخليجية والفخر الخليجي، فما تقوم به الأمانة العامة غير كاف أبداً في هذا المجال، واهتمامها بالملفات الأخرى لا يبرر لها تقصيرها في هذه الملفات الحيوية التي هي القوة الناعمة للحفاظ على التماسك الخليجي من الداخل والتي هي الأدوات الحقيقية لتوحيد البيت الخليجي.
شعوب مجلس التعاون لاتزال متمسكة بالمجلس على الرغم من عدم رضاها عن طريقة الأداء ومستوى الإنجاز، لكننا اليوم نلمس أن إيمان الجيل الذي عاش انطلاق مجلس التعاون الخليجي يشك في قدرته على إنجاز المزيد، فما بالنا بجيل الشباب الذين تقع عليهم مسؤولية مواصلة واستكمال هذا المشروع؟!
هل فعلت الأمانة العامة شيئاً حقيقياً – غير بعض البرامج العابرة – للشباب الخليجي؟ وهل تعتقد أنها نجحت في غرس الروح الخليجية في نفوسهم؟ وهل قدمت لهم ما يقنعهم بهذا المجلس؟
نطرح هذه التساؤلات لأننا أصبحنا نعيش زمناً صعباً وظروفاً باتت فيها الهويات مهددة في كل مكان من العالم، وفي عالم فضاء المعلومات المفتوح الذي لم تعد فيه الهويات قادرة على الصمود هل قمنا بما لا يؤثر على هويتنا الخليجية كما تفعل كل أمم العالم؟
الذي لمسته، وأنا أحزم حقائبي للعودة إلى الإمارات، أننا بحاجة إلى عمل خليجي كثير جداً، وأن تأخراً أكثر أو تقصيراً أكثر سيؤدي إلى خسارة عدد أكبر من الخليجيين الذين سيتحولون إلى فئة المشككين في «خليجنا واحد وشعبنا واحد».
القمة الخليجية الـ 33 التي ستعقد في ديسمبر المقبل لابد أن تخرج بقرارات عملية وعاجلة لتعزيز الهوية الخليجية وتقوية ولاء المواطن لهذه التجربة.
الاتحاد