اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكماً لإمارة دبي، قانون الموازنة العامة للقطاع الحكومي في إمارة دبي رقم (17) لسنة 2016، طبقاً للتصنيف الجديد للموازنة بإجمالي نفقات قدرها سبعة وأربعون ملياراً وثلاثمائة مليون درهم (47.3 مليار درهم).

واتسمت الموازنة العامة للقطاع الحكومي بمجموعة من الملامح المهمة من أبرزها إعادة هيكلة الموازنة، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية بنسبة 27%، واستهداف فائض تشغيلي قدره ملياران وتسعمئة مليون درهم (2.9 مليار درهم)، إتاحة أكثر من 3,500 وظيفة عمل جديدة

وكان لصدور القانون رقم (1) لسنة 2016 بشأن النظام المالي لحكومة دبي الأثر الأكبر في إعادة هيكلة موازنة الإمارة من خلال تصنيف الجهات التابعة للموازنة العامة للقطاع الحكومي والتمييز بين الموازنة العامة والملحقة والمستقلة، الأمر الذي يسمح لكل جهة بممارسة المهام المناطة بها بمزيد من الاستقلالية والشفافية.

وجاءت موازنة العام المالي 2017 لتعبّر عن خطة دبي 2021 والاستحقاقات المستقبلية، إذ يُشكّل ارتفاع الإنفاق على البنية التحتية بنسبة 27% في موازنة 2017 أحد أبرز سماتها، وذلك ترجمة لتوجيهات صاحب السمو حاكم دبي برفع كفاءة البنية التحتية لدبي وجعلها الوجهة الأولى للإقامة والسياحة وممارسة الأعمال التجارية بمختلف القطاعات.

كما عبّرت الموازنة عن اهتمام حكومة دبي بالخدمات الاجتماعية، من صحة وتعليم وثقافة وإسكان حكومي، ما كان له أكبر الأثر في ارتفاع تصنيف دولة الإمارات في مجال التنافسية، وحصولها على المركز الأول في مؤشر السعادة إقليمياً.

وبهذه المناسبة، قال عبدالرحمن صالح آل صالح، المدير العام لدائرة المالية: “إن تطبيق القانون رقم (1) لسنة 2016 بشأن النظام المالي لحكومة دبي قد غيّر تصنيف الجهات الحكومية الخاضعة للموازنة العامة، فأُدرجت بعض الجهات بترتيب جديد تحت الموازنات المستقلة والملحقة، ما أدّى إلى خفض إيرادات الموازنة ونفقاتها”، في حين أكّد أن نفقات الموازنة للعام المالي 2017، بالرغم من ذلك “سجّلت زيادة قدرها ثلاثة بالمئة عما تم اعتماده من نفقات لسنة 2016، الأمر الذي يُعبِّر عن مدى توسّع حكومة دبي وإصرارها على دعم الاقتصاد المحلي”.

وأضاف آل صالح أن موازنة العام المالي 2017 اعتُمِدت بعجزٍ بلغ مليارين وخمسمئة مليون درهم وهو ما يمثل 0.6% من إجمالي الناتج المحلي لإمارة دبي، موضحاً أن هذا العجز ظهر نتيجة إعادة التصنيف للموازنة وارتفاع نفقات البنية التحتية بنسبة 27% مقارنة بالعام المالي 2016.

وأشار المدير العام لدائرة المالية إلى أن اعتماد قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إمارة دبي يشكل انطلاقة جيدة في تبني دبي للممارسات الحديثة في إدارة الموارد المالية بكفاءة وفعالية، ما يساهم خلال السنوات المقبلة في توجيه بعض المشاريع العامة لتنفيذها من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، الأمر الذي سيعزز الإبداع والابتكار ويرفع من معدلات الأداء الحكومي ويحقّق الكفاءة الحكومية كما يعزز الشفافية.

الإيرادات الحكومية المتوقعة للعام المالي 2017

أسفرت إعادة هيكلة الموازنة وتصنيف الجهات الخاضعة لها طبقاً للقانون المالي الجديد عن انخفاض أرقام الإيرادات المتوقعة للعام المالي 2017 مقارنة بموازنة العام المالي 2016، إلا أنه عند مقارنة بنود الإيرادات للعام المالي 2017 بالبنود نفسها للعام المالي 2016، يتضح أن حكومة دبي تتوقع زيادة في الإيرادات الحكومية من الرسوم بنسبة ستة بالمئة، نتيجة النمو الاقتصادي للإمارة ونمو بعض القطاعات مثل السياحة وتجارة التجزئة. وتمثل الرسوم الحكومية نسبة 76% من الإيرادات الحكومية في حين تمثل الإيرادات الضريبية والجمارك نسبة قدرها 16%، بينما اقتصرت إيرادات النفط على ستة بالمئة فقط من إجمالي الإيرادات الحكومية. وتم تخصيص نسبة قدرها اثنان بالمئة من إجمالي الإيرادات الحكومية تأتي من عوائد الاستثمارات الحكومية، وذلك إسهاماً في زيادة نمو الاستثمارات الحكومية ودعماً للنمو الاقتصادي.

النفقات الحكومية المتوقعة للعام المالي 2017

وقد سجّلت النفقات الحكومية ارتفاعاً قدره ثلاثة بالمئة عن المعتمد للعام المالي 2016، ما يؤكد حرص الحكومة على دعم الاقتصاد المحلي، وذلك في ضوء التصنيف الجديد للجهات المستقلة والملحقة في الموازنة.

وأتاحت الموازنة العامة للحكومة 3,500 فرصة عمل جديدة، ما يُعدّ استمراراً لنهج الحكومة في إتاحة فرص العمل لإسعاد المجتمع وإتاحة الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين. وقد مثّلت مخصّصات الرواتب والأجور ما نسبته 33% من إجمالي الإنفاق الحكومي، وشكّلت المصروفات العمومية والإدارية ومصروفات المنح والدعم نسبة 47% من إجمالي النفقات الحكومية. وبالرغم من التصنيف الجديد فإن هذه النفقات شهدت زيادة بنسبة ستة بالمئة عن العام المالي 2016، ما يؤكد حرص الإمارة على دعم المجتمع والتوسع في نفقات الصحة والتعليم والإسكان، والارتقاء بمستوى الخدمات العامة المقدمة لأبناء الإمارة من أنشطة رياضية وفنية وثقافية، تعزيزاً لسياسة الابتكار والإبداع.

وتواصل الحكومة دعم مشاريع البنية التحتية والتجهيز للاستحقاقات المستقبلية، المرتبطة باستضافة معرض إكسبو 2020 دبي، من خلال التوسّع في مشاريع البنية التحتية، إذ ارتفعت نسبة مخصصات البنية التحتية بنسبة 27% عما تم تخصيصه للعام المالي 2016، لتصل إلى 17% من إجمالي النفقات الحكومية، وهذا يعكس اهتمام الإمارة بالتدرّج في تنفيذ المشاريع الخاصة بمعرض إكسبو 2020 طبقاً لخطة مدروسة وتحقيقاً للخطة الاستراتيجية 2021.

ونجحت دبي في تحقيق الاستدامة المالية من خلال تحقيق فائض تشغيلي يبلغ مليارين وتسعمئة مليون درهم (2.9 مليار درهم)، ما يوضح اتساع الملاءة المالية لدبي وقدرتها على تمويل جميع النفقات التشغيلية وتحقيق فائض دون الحاجة لإيرادات النفط. ويتم استخدام إيرادات النفط، إضافة للفائض التشغيلي، في تمويل مشاريع البنية التحتية.

التوزيع القطاعي للنفقات الحكومية

أظهرت موازنة العام المالي 2017 مدى اهتمام الحكومة بالإنسان كونه الثروة الحقيقية للوطن، وذلك عملاً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. ويمثل الإنفاق على قطاع التنمية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان وتنمية المجتمع 34% من إجمالي الإنفاق الحكومي في موازنة العام المقبل.

وساهم ما تم تحقيقه من تقدم وازدهار في جعل دبي الوجهة الأولى للسائحين والراغبين في العمل والاستثمار، لذا برز اهتمام الحكومة بقطاع الأمن والعدل والسلامة من خلال تخصيص ما نسبته 21% من إجمالي الإنفاق لدعم هذا القطاع وتطويره وجعله قادراً على أداء دوره بحرفية واستباقية، حتى أصبح من القطاعات التي تفخر بها الإمارة عالمياً.

وكان لاهتمام دبي بالبنية التحتية وتطويرها المستمر أكبر الأثر في حصول دولة الإمارات على مركز متقدم عالمياً في المؤشرات الدولية ذات الصلة، وكان استحقاق معرض إكسبو 2020 دافعاً للنمو المتسارع في قطاع الاقتصاد والبنية التحتية الذي استحوذ على نسبة عالية قدرها 37% من الإنفاق الإجمالي، بزيادة بلغت اثنين بالمئة مقارنة بموازنة العام الماضي، ما يُظهر مدى جدية الإمارة في التعامل مع الاستحقاقات المستقبلية.

كما اهتمت الإمارة بدعم قطاع التميز والابتكار والإبداع من خلال تخصيص نسبة قدرها ثمانية بالمئة من إجمالي الإنفاق الحكومي لتطوير الأداء وترسيخ ثقافة التميز والابتكار والإبداع.

وفي هذا السياق، أكد عارف عبدالرحمن أهلي، المدير التنفيذي لقطاع الموازنة والتخطيط في دائرة المالية، أن برنامج التخطيط المالي الذكي الجاري تطبيقه سيأخذ الموازنة العامة والتخطيط المالي الحكومي إلى آفاق أوسع من الكفاءة والفعالية، وسوف يساهم في استمرار الاستدامة المالية للإمارة، كما أكّد أن السنوات القادمة ستشهد تطويراً أوسع من خلال تطبيق موازنة البرامج والأداء.

من جانبه نوَّه جمال حامد المري، المدير التنفيذي لقطاع الحسابات المركزية في الدائرة، بأهمية الجهود التي تبذلها الدائرة في ترسيخ التطوير والابتكار من خلال تطوير برامج التحصيل الذكي والتمويل الذكي وتطوير منصة للبيانات المالية المفتوحة، تتيح البيانات المالية أمام الجهات الحكومية والشركات والأفراد، ما من شأنه أن يساهم في زيادة تنافسية الإمارة.

البيان