أكدت دولة الإمارات استمرارها فـي مد يد العون وتقديم المساعدات الإنسانية للأقلية المسلمة “الروهينجا” فـي ميانمار ودعمها الجهود المبذولة للتخفيف عـن معاناتهم وتحسيـن أوضاعهم الإنسانية ودعمها لمبادرات حكومة ميانمار لتشجيع الوئام بين مختلف أعراقهم وطوائفهم.
كما أكدت أهمية أن تسترعي أزمة هذه الأقلية المنسية انتباه العالم والمجتمع الدولي.. داعية الأمم المتحدة للاضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها في هذا الصدد.
جاء ذلك خلال مشاركتها – بوفد ترأسته معالي الدكتورة ميثاء بنت سالم الشامسي وزيرة دولة – في أعمال الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامـي في كـوالالــمبـور بمالـيـزيا لمناقشة موضوع الأقلية الـمسلمة “الروهينجا” فـي ميانمار.
وخلال جلسة مغلقة لمعالي الوزراء الممثلين للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بخصوص الأقلية المسلمة “الروهينجا”.. قدمت معالي الشامسي كلمة دولة الإمارات والتي ثمنت خلالها جهود الأمانة العامة وجهود الدكتور تان سري سيد حامد البار المبعوث الخاص لمنظمة التعاون الإسلامي لميانمار ومساعيه الحميدة في دعم المجتمع الروهنجي المسلم.
وأشارت في كلمتها إلى تلك المأساة لم يطفأ لهـيـبها طوال الخمسة عقود الأخيـرة.. واصفة ما يجري الآن فـي ميانمار ضد “الروهينجا” بأنه عبارة عن عملية إبادة بطيئة وحركة قومية قائمة علـى نزعة عرقية يباد فيها “شعب مسلم بلا وطن وبلا جنسية” إبادة شاملة حيث أجبـروا على النزوح بعد أن سلبت حقوقهم وأصبحوا عرضة لكثيـر من الانتهاكات.
كما أكدت اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة وانشغالنا البالغ إزاء تزايد مظاهر التعصب في ميانمار ضد الأقلية المسلمة “الروهينجا” والاستمرار فـي مد يد العون وتقديم المساعدات الإنسانية لمسلمي الروهينجا ودعم الجهود المبذولة للتخفيف عـن معاناتهم وتحسيـن أوضاعهم الإنسانية دفاعاً عن حقوقهم المشروعة منوهة إلى أن قيمة المساعدات الإنسانية التي قدمتها الدولة لدعم الروهينجا قد بلغت مليونا و716 الف دولار .
وأكدت معالي الشامسي في كلمتها دعم دولة الإمارات لمبادرات حكومة ميانمار لتشجيع الوئام بين مختلف أعراقهم وطوائفهم.. مشيدة بالملتقى الحواري لوفد ميانمار الذي نُظم بمبادرة من مجلس حكماء المسلمين بين ممثلي الديانات المختلفة والذي عقد في القاهرة في 3 يناير 2017 وهدف إلى جمع الشباب الميانماري الممثلين لمختلف الأطراف للتباحث حول الأوضاع في ميانمار والإبقاء على مواصلة الحوار.
وتطرقت الى الزيارة التي ينوي وفد من مجلس الحكماء لميانمار القيام بها كجولة أخرى من جولات الحوار المستمر بين كافة الأطراف لتحقيق السلام المنشود والتي نأمل أن تكون نتائجها إيجابية.
وفي ختام كلمتها.. أشارت الشامسي الى أهمية أن تسترعي أزمة الأقلية المسلمة في ميانمار “الروهينجا” المنسية انتباه العالم والمجتمع الدولي ودعت الأمم المتحدة للاضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها لاتخاذ التدابير اللازمة حيال الروهينجا.
ضم وفد الدولة.. يعقوب يوسف الحوسني مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون المنظمات الدولية وسعادة حمد عبيد الزعابي مدير إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي وسعادة خليفة المحرزي القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في كوالالمبور.
وكانت جلسات الاجتماع بدأت بالجلسة الافتتاحية التي تضمنت كلمة معالي داتو سري انيفة امانوزير خارجية ماليزيا.. وأكد فيها ضرورة معالجة مشكلة الأقلية الإسلامية الروهينجا في ميانمار من جذورها.. حاثا على تضاعف الجهود الإقليمية والدولية للإسهام في إيجاد حل لمعاناتهم وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة.
تلى ذلك كلمة لمعالي الدكتور يوسف بن أحمد الـعثيميـن الأميـن العام لـمنظمة الـتعاون الإسلامي.. أكد فيها على أن المنظمة سعت إلى التعاون مع السلطات في ميانمار على مختلف المستويات ودعتها إلى اعتماد سياسة تتسم بالشفافية والعدالة تجاه الأقليات العرقية والدينية.. مشددة في الوقت ذاته بضرورة قيام حكومة ميانمار باتخاذ الإجراءات الكفيلة والخطط العملية لتمكين الروهينجيا من استعادة مواطنتهم ومنع استمرار التمييز والعنف وموجة الانتهاكات غير المبررة ضدهم.
وقال إن منظمة التعاون الإسلامي عبرت في العديد من المناسبات والمحافل الدولية عن بالغ قلقها إزاء العملية الأمنية التي تم إطلاقها 9 أكتوبر 2016م في ولاية راخين من قبل حكومة ميانمار التي أعقبتها حملة عنيفة ضد الروهينجيا في دولة ميانمار وقد وردتنا تقارير من مصادر مختلفة عن حدوث هجمات على مسلمي الروهينجيا بما في ذلك تعرضهم لعمليات قتل خارج نطاق القضاء وإحراق لمنازلهم وقيام قوات الأمن باعتقالات تعسفية في صفوفهم.
وبين في كلمته بأنه ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.. فقد فر أكثر من 65 ألفا من أفراد الروهينجيا إلى بنغلاديش وحدها خلال الفترة ما بين 9 أكتوبر 2016 و 5 يناير 2017 إضافة إلى الآلاف الذين أُجبروا على الفرار إلى دول أخرى أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ومنها ماليزيا ودول الآسيان خلال موجات سابقة من العنف.
بعد ذلك.. ألقى داتوك سري محمد نجيب بن تون عبد الرزاق رئيس الوزراء الماليزي كلمة أكد فيها على ضرورة وضع حد لاضطهاد الروهينجا فى ميانمار.
وأشار إلى أن الأزمة لم تعد شأنا داخليا فى ميانمار فحسب.. حيث تسببت فى نزوح اللاجئين إلى الدول المجاورة ما سيزعزع استقرار المنطقة.
وحذر في كلمته من أن العنف يجب أن ينتهى قبل أن تتمكن منظمات إرهابية مثل “داعش” من اختراق الروهينجا والعمل على تحويل فكرهم إلى التطرف.
ولفت إلى أن هناك نحو 56 ألفا من الروهينجا يعيشون فى ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة بعد فرارهم من أعمال العنف فى ميانمار، والتى أودت بحياة ما لا يقل عن 86 شخصا ودفعت ما يقدر بنحو 66 ألفا للفرار إلى بنجلادش منذ اندلاعها فى التاسع من أكتوبر 2016.
كما أعلن عن تبرع بلاده بمبلغ 10 ملايين رينجت ماليزي (نحو 230 الف دولار) لصندوق المساعدات الخاص بالروهينجا.
تلى ذلك جلسة مغلقة لمعالي الوزراء الممثلين للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بخصوص الأقلية المسلمة “الروهينجا”.
وفي نهاية الاجتماع تم اعتماد مشروع قرار كوالالمبور واعتماد البيان الختامي حول الأقلية المسلمة في ميانمار “الروهينجا” والذي تضمن 10 بنود منها حث حكومة ميانمار على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وصكوك حقوق الإنسان واتخاذ جميع التدابير اللازمة لوقف أعمال العنف والتمييز ضد أبناء أقلية الروهينجيا المسلمة ووقف المحاولات المستمرة لمحو ثقافتهم وهويتهم والقضاء على الأسباب الجذرية لمحنة أقلية الروهينجيا المسلمة.
كما دعا الاجتماع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى مواصلة تقاسم الكلفة المالية الباهظة التي تتحملها البلدان التي وفرت المأوى والحماية للاجئين الروهينجيا وفقاً لمبادئ تقاسم الأعباء والمسؤولية المشتركة ووفاء لروح التضامن الإسلامي.
وقد صدر عن الاجتماع 4 قرارات.. حيث طلب من الأمين العام التنسيق مع حكومة ميانمار فيما يخص إرسال وفد رفيع المستوى من فريق اتصال منظمة التعاون الإسلامي لزيارة ولاية راخين بهدف مقابلة المسؤولين المحليين والمتضررين من أبناء أقلية الروهينجيا المسلمة.. وطلب من حكومة ميانمار تسهيل إجراء هذه الزيارة.
كما طلب الاجتماع كذلك من الأمين العام استكشاف مبادرات مشتركة مع نظرائه في الأمم المتحدة ومنظمة آسيان من شأنها دعم حكومة ميانمار في وضع وتنفيذ برامج الحوار فيما بين الديانات والمجتمعات المحلية في البلاد وفي منطقة جنوب شرق آسيا بشكل عام.
طلب الاجتماع من مجموعات منظمة التعاون الإسلامي في كل من نيويورك وجنيف وبروكسيل إجراء استعراض منتظم للتطورات التي يشهدها الوضع واستكشاف استراتيجيات للتواصل المستدام مع ميانمار والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من المنظمات الدولية.
وحث الاجتماع الهيئة الدائمة المستقلة لحقـــوق الإنســان في منظمة التعاون الإسلامي على إبقاء وضعية أقليـــة الــروهينجيا المسلمة فــي ميانمار قيد النظر باعتبارهــا قضية ذات أولـويــة على جدول أعمال الهيئة.
كما تبنى الاجتماع “إعلان كوالالمبور بشأن فلسطين ومدينة القدس” والذي شدد على مركزية القضية الفلسطينية والمكان الروحي والديني لمدينة القدس الشريف لدى العالم الإسلامي.
ودعا الدول الأعضاء في التعاون الإسلامي إلى اتخاذ الخطوات والإجراءات الضرورية للرد على أي إجراء من أي طرف يمس بالوضع القانوني للمدينة المقدسة أو يشجع إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، على التمادي بانتهاكاتها.
كما أكد الإعلان على أهمية تبني مجلس الأمن للقرار 2334 (2016) وبيان باريس وذلك لحمل اسرائيل (قوة الاحتلال) على وقف عمليات الاستيطان غير الشرعية بما في ذلك في القدس-القدس الشرقية والكف عن تدمير حل الدولتين من خلال انشطتها وسياساتها غير القانونية.
البيان