أشاد مؤتمر «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل» الذي نظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في القاهرة، أمس، والذي يناقش خلاله علماء الدين التحديات الراهنة وسبل مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة بالتجربة الإماراتية في التسامح وتعايش الثقافات.

وشاركت دولة الإمارات في أعمال هذا المؤتمر الذي تختتم فعالياته غداً الخميس

بمشاركة وفود من أكثر من 50 دولة.

وتراس وفد الدولة فى الاجتماع معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة دولة للتسامح، ومشاركة كل من الدكتور علي النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، وحمدان المزروعي رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر، والدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وجمعة مبارك الجنيبي سفير الدولة لدى جمهورية مصر العربية.

ودعا المؤتمر إلى ضرورة تعزيز ثقافة احترام الآخر، كما قدم المشاركون فيه عدة حلول لتحقيق العيش المشترك والقضاء على العنف والفكر المتطرف، منها تقديم القيم الدينية في صورة مستنيرة، وإرساء خطاب بنائي عصري مستنير، فضلاً عن تفعيل التشريعات لمواجهة خطاب الكراهية.

وفي كلمته الافتتاحية، قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب إن المؤتمر يُعْقَد في ظروفٍ استثنائيةٍ وفترة قاسية تمرُّ بها المنطقة، بل العالَمُ كلّه الآن، بعد أن اندلعت نيران الحروب في المنطقة العربية والإسلامية دون سبب معقول أو مُبرِّر منطقي واحد يتقبله إنسان القرن الواحد والعشرين، مؤكداً أنه «من المحزن والمؤلم، تصويرُ الدِّين في هذا المشهد البائس وكأنه ضِرام هذه الحروب، وزُيِّن لعقولِ الناس وأذهانهم أن الإسلام هو أداة التدمير».

ورأى أن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام هذه التحديات المتوحشة، وأن خطوة أخرى يجب المبادرة بها، وهي النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلى هذا الواقع المضطرب، وأن هذه الخطوة تتطلَّب تجهيزاتٍ ضرورية.

أولها إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائها من بقايا توترات وتوجسات لم يَعُد لوجودها الآن أيُّ مُبرِّر، فما لم يتحقق السلام بين دُعاته أولاً لا يمكن لهؤلاء الدُّعاة أن يمنحوه للناس، وهذه الخطوة بدورها لا تتحقَّق إلا مع التعارف الذي يستلزم التعاون والتكامل، وهو مطلب ديني في المقام الأول.

وقال الطيب إن الأزهر حين يدعو إلى نشر مفهوم المواطنة بديلاً عن مصطلح الأقلية والأقليات، فإنما يدعو إلى مبدأ دستوري طبقه نبي الإسلام على أول مجتمع مسلم في التاريخ، وهو دولة المدينة، حين قرر المساواة بين المسلمين من مهاجرين وأنصار، ومِن اليهود بكل قبائلهم وطوائفهم بحسبان الجميع مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وقد حفظ لنا تراث الإسلام في هذا الموضوع وثيقة مفصَّلة في شكل دستور لم يعرفه التاريخ لنظام قبل الإسلام.

أما بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني فقال، إن مصر والمنطقة العربية كلها عانت من الفكر المتطرف والمتشدد، الذي يشكل أخطر تحديات العيش المشترك، معتبراً أن هناك أنواعاً مختلفة من الإرهاب منها الإرهاب الديني والبدني، الإرهاب الفكري المتمثل في فرض الفكر والهجوم على ممارسات الآخرين، وهناك الإرهاب المعنوي الذي يمثل حالة التطرف الفكرية.

وأشار بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم مارلي لويس رافايل ساكو إلى التجربة الإماراتية في التسامح والعيش المشترك باعتبارها نموذجاً يحتذى به.

مؤكداً على عدد من الخطوات الهامة في سياق المواطنة والمعايشة السلمية بين المواطنين يأتي في مقدمتها التوعية بتلك القضايا ومواجهة التفسيرات الخاطئة والأفكار الدينية المغلوطة، إضافة إلى الشق التشريعي للحد من خطاب الكراهية بتصنيفه على أنه فعل من أفعال الإرهاب.

أحداث مأسوية

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال كلمته التي ألقاها أمام المؤتمر، إن المنطقة تمر حالياً بأحداث مأساوية جراء تفسير النصوص المقدسة تفسيراً خاطئاً لتبرير سفك الدماء من قبل الجماعات المتطرفة، مما أدى إلى تآكل قيم التعايش والمواطنة، داعياً إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش وتعزيز ثقافة الحوار الوطني في المجتمعات العربية.

البيان