الفجيرة اليوم

تحتفل دولة الإمارات ودول العالم غدا السبت باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف تحت شعار “أرضنا ، وطننا ، مستقبلنا” والذي يوافق 17 يونيو من كل عام .

ويهدف الاحتفال إلى تعزيز الوعي بالتصحر والجفاف كونهما أكبر التحديات البيئية حاليا إذ يعد التصحر من الظواهر البيئية الخطيرة التي تهدد حياة المجتمعات الاقتصادية والمعيشية حيث تتحول الأراضي الزراعية الخصبة إلى أراض جرداء قاحلة وما يترتب على ذلك من تداعيات عديدة تمس حياة الانسان واقتصاد البلاد.

وتعد مكافحة التصحر من القضايا المهمة لجميع دول العالم نظرا لانعكاساتها المباشرة وغير مباشرة على صحة الإنسان ورفاهيته وأثرها في اتساع رقعة التصحر خاصة في ظل الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها الأراضي في هذه المناطق وفي مقدمتها الزحف العمراني وتغير المناخ.

وبذلت دولة الامارات جهودا جبارة من أجل مكافحة التصحر والجفاف ومعالجة الأسباب والعوامل المؤدية له وهما “عامل طبيعي وعامل بشري”، حيث يتمثل العامل الطبيعي في ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة الكبيرين مع انخفاض في معدّل تساقط الأمطار، أما العامل البشري فيتمثل في الاستخدام غير المستدام والجائر للموارد الطبيعية منها ازالة الغطاء النباتي و الرعي الجائر خاصة في الفترة الجافة وإزالة الغابات التي تعمل على تثبيت التربة.

وتغطي الصحراء أكثر من 80 بالمائة من إجمالي مساحة الدولة أي ما يعادل ثلاثة أرباع مساحتها إلا أن الامارات نجحت وبشكل مميز في استثمار هذه المساحة الكبيرة من خلال نشر المسطحات الخضراء والحدائق وإقامة المحميات الطبيعية والأعداد المتزايدة من أشجار النخيل وزراعة مساحات شاسعة من الصحراء علاوة على تشجير المناطق المحيطة بالطرق المعبدة ومناطق الكثبان الرملية حيث جرت عمليات التسوية وتثبت الكثبان الرملية وزراعة غابات بأنواع عديدة من الأشجار الحرجية في العديد من مناطق الدولة، إضافة إلى إقامة المشاريع الاقتصادية والعمرانية والسياحية في قلب الصحراء والعشرات من الأنشطة الرياضية والتراثية فيها بصورة دورية والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتراث دولة الإمارات، ويعبر عن أسلوب الحياة البدوية فيها منها سباقات الهجن ورياضة الصيد بالصقور ورياضة الفروسية، إضافة إلى الصيد باستخدام كلاب السلوقي.

واستطاع مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه بفضل إرادة التصميم والتحدي أن يحقق بالفعل ما رأى الخبراء أنه المستحيل وأن يحول الصحاري القاحلة إلى بسط خضراء منتجة للخير والثمار حيث يقول “طيب الله ثراه” في هذا الصدد: “أعطوني زراعة .. أعطكم حضارة”، وتعتبر دولة الإمارات عضوا فاعلا في جميع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والتي انضمت اليها منذ عام 19988 بموجب قرار مجلس الوزراء وأعدت أول استراتيجية وطنية لمكافحة التصحر عام 2003، وتم الانتهاء من إعداد مسودة وتحديث الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر وفقاً للاستراتيجية العالمية والاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ واتفاقية الأراضي الرطبة ذات الاهمية العالمية والعديد من الاتفاقيات الدولية الأخرى الهامة.

كما وقعت الإمارات العديد من الاتفاقيات في مجالات مكافحة التصحر واستضافت وشاركت في اجتماعات على مستويات دولية وإقليمية كثيرة ونظمت مؤتمرات وندوات وحلقات دراسية وورش عمل كما أسست إدارات وأطلقت برامج وأنشطة وبلورت معظم تلك الفعاليات باعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة التصحر لتنظم وتقود الكثير من الجهود والانشطة الفاعلة في هذا المجال علاوة على توقيعها نحو 18 اتفاقية دولية في مجال البيئة منها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عام 1994، في حين استضافت أبوظبي أعمال الاجتماع الوزاري الآسيوي الثاني للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في يونيو 2003 وفي ديسمبر من العام نفسه اعتمد مجلس الوزراء استراتيجية وبرامج العمل الوطنية لمكافحة التصحر في الإمارات.

واهتمت الإمارات بالأنواع النباتية المحلية وتوسعت في زراعتها وأقامت مناطق محمية لصونها في مختلف مناطق الدولة في الوقت الذي أصدرت فيه قوانين وقرارات من شأنها ان تحقق التنمية المستدامة وان تحافظ على البيئة والموارد الطبيعية منها قانون حماية البيئة وتنميتها /24/ لسنة 1999 والذي يهدف إلى الحد من تدهور النظام البيئي من خلال التوقف عن الرعي الجائر كما صدرت قوانين وتشريعات محلية للمحافظة على المياه الجوفية كمخزون استراتيجي وذلك بالحد من ظاهرة الضخ الجائر وتنظيم عمليات حفر الآبار.

ويستحوذ قطاع الزراعة على نسبة مرتفعة من استهلاك المياه بالدولة ولهذا انتهجت الدولة سياسة زراعية ذات رؤية بعيدة تستهدف تحقيق التوازن بين الأمن البيئي والأمن الزراعي وذلك من خلال تطبيق الأنماط الزراعية المستدامة “كالزراعة العضوية” وهو نظام زراعي يعتمد على استخدام المواد الطبيعية البيولوجية في الزراعة بدلاً من الأسمدة الكيميائية والمبيدات ومواد المكافحة الضارة بالصحة العامة إلى جانب “الزراعة المائية”، وهي تقنية تساعد على نمو النباتات في المحاليل المغذية التي تمد النبات بكل ما يحتاجه من العناصر المغذية الضرورية للنمو المثالي وتطبق على زراعة الخضروات ذات المد الجذري الملائم فضلا عن تشجيع زراعة النباتات التي تتحمل الملوحة والجفاف وتعزيز استخدام المياه المستعملة المعالجة، إضافة إلى الزراعات التجميلية داخل وخارج المدن والحدائق العامة واستزراع الغابات وتنفيذ مشاريع أحزمة الغابات على الطرق الخارجية وتشجيع زراعة الأنواع المحلية اضافة الى تطبيق مبادئ الممارسات الزراعية الجيدة ووسائل الزراعة الذكية مناخيا.

ويوجد في الدولة 640 نوعا نباتيا موزعة في / 78 / عائلة و/ 416/ نبتة الجنسج وتعتبر غالبية نباتات الإمارات نباتات عشبية بواقع / 452 / نوعا تمثل / 71 / في المائة من إجمالي النباتات، ويوجد / 159 / نوعا شجيريا حيث تمثل الشجيرات والأشجار / 25 / في المائة و/ 4 / في المائة على الترتيب .. ومن أشهر النباتات وأكثرها كثافة وازدهارا ” الغاف والسدر والسمر والأرط ومن النباتات النادرة الموجودة في الدولة ” زهرة الأوركيد وشجيرة القصد وتسمى محليا “العثوت” ويوجد منها / 120 / شجيرة فقط تنبت في الوديان.

وتزيد كثافة انتشار النباتات البرية في المناطق الشمالية من الدولة وتمثل ما نسبته / 70 / في المائة من مجموع الأنواع النباتات البرية المنتشرة في الدولة وحوالي / 60 / في المائة من هذه النباتات الموجودة في الدولة حولية تنبت وتزهر وتكمل دورة حياتها في فترة قصيرة بعد سقوط الأمطار.

كما يوجد في الدولة ما يقارب / 200 / غابة صحراوية تتركز في مدينة زايد وغياثي والوثبة .. وقد اختيرت من هذه الغابات / 52 / غابة لتحويلها إلى محميات طبيعية ومن أهم الأشجار المزروعة في هذه الغابات “الغاف والسدر والسمر والراك و السلم و المغربي و النيم و الداماس و الهوهوبا”.

وتشير التقارير الصادرة عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إلى أن العالم يفقد سنوياً نحو 24 مليار طن من التربة الخصبة و700 بالمائة من اجمالي مساحة الاراضي الجافة المستخدمة في الزراعة في العالم تضررت بدرجات متفاوتة من جراء عمليات التصحر الأمر الذي ينطوي على انعكاسات سلبية على الجهود المحلية والإقليمية والدولية الموجهة لمكافحة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي.

 

وام