الفجيرة اليوم- شهد الشيخ عبد الله بن حمد بن سيف الشرقي رئيس اتحاد الامارات لبناء الأجسام واللياقة البدنية، و معالي الدكتورة ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، الجلسة الأولى من اليوم الثاني لملتقى الفجيرة الثقافي، التي تناولت محوراً للنقاش “دور النتاج الفني والأدبي في الحفاظ على الموروث والتراث”، وأدارها الناقد والشاعر والمسرحي العراقي عبدالحميد الصائح، تحدث فيها كل من الفنان السوري أسعد فضة والدكتور محمد الشحات أستاذ النقد ونظرية الأدب.
واستهل الاستاذ عبد الحميد الصائح الجلسة بالحديث عن دور النتاج الفني والأدبي في الحفاظ على التراث، وتغيره بين فترة وأخرى، ولاسيما في مرحلة وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الجديد التي تشهد تعقيدات كثيرة في عدم نقل المعلومة بالطريقة الصحيحة، متسائلاً: كيف يمكن للفن الحفاظ على الخصوصية الاجتماعية لا سيما في بلداننا العربية.
وأشار مدير الجلسة إلى أن الحوار ينقسم إلى شقين، نقدي وعملي، حيث يتحدث الفنان أسعد فضة عن الجانب العملي في حياته الفنية بينما يتناول الدكتور محمد الشحات الجوانب النقدية في الفن وتأثيره على التراث وماذا يوفر هذا الأخير من مادة للقيام بأي عمل فني ، وهل التراث يخدم الفن ام العكس؟
الفنان أسعد فضة أكد في مداخلته أن الموروث الشعبي وتقاليده يشكل ثقافة الشعوب وما تحمله من قيم حضارية كبيرة، مستعرضاً تجاربه الشخصية مع المسرح القومي في سوريا والتي تناولت التراث الذي يعد جاذباً للفنان المسرحي على نحو خاص.
وبدأ الفنان أسعد فضة عرض تجاربه الفنية من عمله على نصوص الكاتب السوري الراحل سعد الله ونوس، لكونه من أكثر الكتّاب السوريين الذين تناولوا التراث واستلهم منه معظم أعماله، وكان أشهرها مسرحية “سهرة مع أبي خليل القباني ” التي طرحت من عدة زوايا، منها الصراع الموجود في المجتمع وبين العالم المتطور والعالم المتقلب، ولفت فضة إلى أن أبو خليل القباني هو أول من أطلق المسرح الغنائي من خلال الغناء التراثي والموشحات الأندلسية، فكان هو الفنان المجدد للتراث ولكل ما يتعلق بمشروعه الفني.
وانتقل الفنان أسعد فضة للحديث عن مسرحية ثانية لسعد الله ونوس “الملك هو الملك” التي خلقت اشكالية في طريقة عرضها لكونها تعالج آليات السلطة وانتقالها بالتراث إلى آفق جديدة، لافتاً إلى أن استخدام التراث يحمل أكثر من بعد حيث يحاول الفنان من خلاله الهروب من الرقابة وتمرير رسائل تحاكي الواقع المرير.
ونوه الفنان السوري أسعد فضة إلى حرية المسرح بحيث يستطيع الفنان قول ما يشاء، ويستطيع إسقاط على التراث أي فكرة يريد أن يبرزها، مؤكداً على أن المسرح هو ملك الفنون ويعتمد بالشكل الرئيسي على الممارسة والتجربة العملية الطويلة.
من جهته دعا الدكتور محمد الشحات إلى ضرورة التفريق بين ثلاثة مفاهيم وتحديد العلاقة فيما بينها، وهي الإرث والتراث والموروث،، فالإرث هو في الغالب الذي يسلك الاتجاه المادي، بينما التراث يذهب إلى الإرث الفكري المكتوب، وأخيراً الموروث هو الإرث الفكري الشفاهي .
وتساءل شحات كيف للمبدع العربي أن يستفيد من الانتاج الفكري وتوظيفه في أعمال فنية تخدم قضية ما، ويجيب الشحات في هذا الصدد بأن الفنانين يذهبون إلى التراث قصداً، على نحو يقرأ البعض التراث بطريقة اسقاطية، ومنهم من يقوم بقراءات انتقائية له، كما كان الحال مع الأديب المصري نجيب محفوظ .
وأكد الدكتور محمد الشحات أن التراث العربي غني بالكثير من المواضيع الهامة، وهنا يأتي دور الفنان في التقاط المواضيع الهامة، مشيراً إلى أن الحداثة والتراث قد يخلقان اشكالية كبيرة في التوافق وطريقة عرض الفكرة، لافتاً إلى أن التراث العربي يملك خصوصية لكونه يعكس الهوية العربية.
وطرح الشحات سؤالا حول كيف نستطيع قراءة التراث وكيف نجدده، مشيراً في هذا السياق إلى القراءة الفاعلة والطازجة والقراءة النقدية التي تناولها الأدباء جابر عصفور ومحمد عابد الجابري والشاعر السوري أدونيس والكاتب المصري نصر حامد أبو زيد ، إضافة إلى القراءات الانتقائية للتراث والتنويرية .
اختتمت الجلسة بعدة مداخلات بدأها الأديب صالح هويدي بالسؤال لماذا نستدعي التراث وما أهمية توظيف التراث في الفن؟ مؤكداً أن الفكر الغربي لا يطرح هذه التساؤلات لسبب بسيط هو أن العرب يعيشون الزمن التاريخي على نحو متقطع، والتراث لديهم منفصل عن الواقع، بينما الإنسان الغربي لا ينفصل عن ماضيه.
وتحدث الدكتور سامح مهران في مداخلته عن التراث كقضية شائكة، بينما سألت الروائية التونسية فاطمة عن سبب الحديث عن الأساطير اليوم وما الاستفادة منها في وقتنا الراهن، وهل ذلك يعود لمشكلة في الهوية العربية، مؤكدة أنه لابد من توفير الفكر الصحيح والواقعي للأجيال الصاعدة بما يخدم مجتمعاتهم في المستقبل

تصوير :احمد نور