الفجيرة اليوم / خاطبت غرييتا تونبيرغ، الناشطة الشابة ذات الخمسة عشر ربيعا، قادة العالم في قمة المناخ في بولندا العام الماضي، واتهمتهم صراحة بالتقصير في مواجهة قضية التغير المناخي.
“تتحدثون عن نمو اقتصادي صديق البيئة لأنكم خائفون من تراجع شعبيتكم. تتحدثون فقط عن المضي قدماً في نفس الأفكار السيئة التي انتهت بنا إلى الفوضى التي نعيشها الآن، حتى وإن كان الحل البديهي هو التوقف الفوري عن هذا النهج. أنتم لستم ناضجون بما يكفي لمواجهة هذه الحقيقة… حتى هذا العبء تتركونه لنا نحن الأطفال”.
اعتصام منفرد
بدأت رحلة تونبيرغ في أغسطس/آب العام الماضي، عندما قررت بدء حملة مناهضة للتغير المناخي والاعتصام منفردة أمام مقر البرلمان السويدي.
وأطلقت تونبيرغ على الحملة اسم “العدالة المناخية الآن”. وعلى مدار سبعة أشهر، انضم إليها المزيد من النشطاء وزملاؤها في المدرسة، لتتحول حملتها إلى دعوة اعتصام عالمي يوم الجمعة القادمة.
من هي؟
غريتا هي الابنة الوحيدة للممثل والكاتب السويدي سفانت تونبيرغ، ومغنية الأوبرا السويدية الشهيرة مالينا إيرنمان.
وشخّص الأطباء إصابتها بمتلازمة “أسبرغر” منذ أربعة أعوام، وهو أحد أنماط مرض التوحد، يجعل المصابين يتعاملون مع العالم بحساسية زائدة.
وبالفعل تجلت هذه الحساسية مع بدء معرفتها بقضية التغير المناخي وهي في الثامنة من العمر، إذ استحوذ الأمر على تفكيرها، وغرقت في تفاصيله حتى أصبح جزءا من شخصيتها. واستنكرت تقاعس الكبار عن مواجهة هذا الخطر الذي يهدد البشرية.
وبدأت غريتا ثورتها من الداخل، إذ دأبت على التحدث إلى والديها عن قضيتها، وإمدادهما بأفلام ومقالات تبرز خطورة التغير المناخي على مستقبل الحياة على الأرض.
ونجحت أخيرا في إقناع والدها بأن يصبح نباتيا، وإقناع والدتها بأن تتخلى عن رحلات الطيران المتكررة رغم تأثير ذلك على عملها.
وهنا، أدركت غريتا قدرتها على الإقناع والمثابرة في سبيل قضيتها، فقررت بدء اعتصامها أمام البرلمان السويدي لمطالبة بلادها باتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التغير المناخي.
واستوحت غريتا الفكرة من اعتصام مدرسي قام به طلبة مدرسة باركلاند في ولاية فلوريدا الأمريكية، في مارس/آذار 2018، للدفع بتغيير قوانين حيازة السلاح بعد أن فتح مسلح النار داخل المدرسة.
وأرادت غريتا وأصدقاؤها نسخ هذه التجربة وتنظيم حراك مدرسي مماثل للاحتجاج على السياسات الخاصة بالتغير المناخي.
وعندما فشلت المجموعة في الاتفاق على رأي موحد، ذهبت غرييتا منفردة إلى مقر البرلمان في العشرين من أغسطس/آب 2018، تحمل لافتة مكتوب بخط عليها بخط اليد “الاعتصام المدرسي لأجل المناخ”.
وفي كل يوم جمعة، تقف غريتا في نفس المكان، تحمل نفس اللافتة، وينضم إليها البعض أحيانا وتقف وحيدة في أحيان أخرى، حتى أصبحت مثالا للصمود والمثابرة.
ودُعيت غرييتا للتحدث عن قضيتها أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وقمة المناخ في بولندا، ومنتديات تيد في استوكهولم.
وحاليا يدعو الحراك الذي دشنته غرييتا إلى وقفة احتجاجية كبيرة يوم الجمعة القادم، تحت شعار “الاعتصام العالمي من أجل المناخ”.
وتحمل غرييتا غصة لا تبدو أنها ستنتهي قريبا، إذ قالت لقادة العالم: “في العام 2078، سأحتفل بعيد ميلادي الخامس والسبعين. وقد أنجب أطفالا يحتفلون معي بهذا اليوم. وقد يسألونني عنكم، ولماذا تقاعستم عن فعل أي شيء قبل فوات الأوان. تقولون أنكم تحبون أطفالكم أكثر من أي شيء، لكنكم تسرقون مستقبلهم أمام أعينهم”.
BBC