الفجيرة اليوم  /   أكد عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن كتابة القصص التاريخية بأسلوب جيد وبطريقة سلسة وروائية تسهم في تقبل المنتج الثقافي التاريخي دون البحث خلف هذه الوقائع، وجاء ذلك خلال كلمة ألقاها في حفل إطلاق كتابي “سيرة مدينة” و”بيبي فاطمة” بالانجليزية في العاصمة البريطانية لندن.

وقال القاسمي: “قصة أحد الكتب قصة حقيقية موثقة بتوثيق صحيح لكن هناك صراع بين القصة التاريخية والقصة الخيالية، فهل نكتب القصة بضرب من الخيال أم نكتبها بوقائع التاريخ؟. التاريخ في طريقة سرده صعب خاصة عند الناس الذين لا يتقبلون الثقافة كمنجز إنساني، ولذلك ندفعهم إلى قبول القراءة والتثقف بطريقة تصل إليهم بدون أن يبذلوا أي جهد، القصة التاريخية إذا كتبت بأسلوب جيد وبطريقة سلسة وروائية ووضعت الأحداث بمواقعها الصحيحة حيث تصل إلى عقل القارئ وكأنها ضرب من الخيال وبدون إضافات ولا زخرفة فهذه الروايات التي نكتبها لا يوجد بها أي نوع من الزيف أو المبالغة “.

‫ وأضاف حاكم الشارقة “إن كتاب سيرة مدينة فيه أجزاء خفيفة مقبولة لكن هذا التاريخ مسطر وموثق ولذلك ربما يسأل الإنسان لماذا هي صغيرة؟ جمالها في هذا الوضع والمهم لو أن أحداً اطلع على آخر هذه القصة سيطلع على تاريخ وصول الإنجليز إلى الخليج، وهو مسطر ومثبت في هذه القصة، فالإنجليز كانوا قد وصلوا في 1616م عندما وصل مستر شيرلي وتفاوض مع شاه عباس، و اتفقوا على أساس أن يفتحوا مركزاً في جاسك للبضاعة في فارس وبين إنجلترا على يد شركة الهند الشرقية، و كانوا قد أغرقوا عددا من سفن الإنجليز فأتوا بقوة وهذه القوة وصلت في آخر هذه القصة ”

‫ وأضاف “المتحدث يتكلم عن خرائط و أنا طبعاً درست وأخذت اجازة من جامعة دريم ولي كتابات في الجغرافيا ولما أتى رسام الخرائط الإنجليزي مستر ميلر قالوا له تعالى نحن ليس لدينا خرائط لأن البرتغاليين لم يعدوا خرائط تعالى امسح لنا الخليج “.

وعن طريقة رسم ميلر للخرائط و تسمياتها أشار إلى “أن ميلر تعامل مع البصرة على أنهم أتراك والجهة الثانية فارس وتعامل مع القطيف والبحرين كعرب فاحتار فأعد خارطتين يضعونها في السفن فإذا كانوا سينزلون في البصرة يقولون أخرج خارطة البصرة، وإذا كانوا سينزلون في بوشهر قال أخرج خارطة بوشهر”.

خرائط.. الاسكندر وداريوس
‫وعن إصدار كتاب حول الخرائط، قال حاكم الشارقة: ” أما موضوع الخرائط فأنا بصدد إصدار كتاب ضخم يتكلم عن نشأة الجغرافيا، وماهي الجغرافيا، ومن اخترع الجغرافيا و كل هذه الأمور وفي ادعاء يقال إن العرب اخترعوا الجغرافيا وأنا أقول أبداً، القصة كلها في غزو الإسكندر المقدوني لفارس، ولما وصل إلى أواخر فارس يتتبع داريوس ملك فارس بعث القائد نيرخوس ليبحث له عن طريق إلى الهند ومن هنا سجلت المعلومات حول هذا المكان وعمل خارطة نيرخوس مع شخص يسمي بطليموس وعملا أول خارطة للخليج من ناحية مدخله، فلما جلس الإسكندر المقدوني تراءت له جبال مسندم فسأل نيرخوس ما هذا؟ قال: ذلك ساحل أكلة السمك، وتسجلت في الخرائط التي أتت من بعد بطليموس بهذا الاسم”.

وأضاف “المفارقة أن في تلك الفترة كان الإسكندر المقدوني يطارد داريوس و كان داريوس قد احتل ساحل مسندم الذي هو من الشارقة وطالع هذه المناطق إلى رأس الخيمة، في هذا الوقت كان مالك ابن فهم أتى من جنوب الجزيرة، واحتل عمان وصارت هنا المعركة، وانهزمت جماعة داريوس ويأتي شخص في سنة 1730 كتب كتاب اطلس، فسماه الامبراطوريات في العالم، وأخذ يتكلم عن امبراطورية الصين وغيرها، ولما جاء عند امبراطورية فارس، أتى إلى مكان الإسكندر ونيرخوس الذي كانوا قد جلسوا به على ساحل قريب إلى هرمز ويتكلم عن ساحل أكلة السمك، فكتب عليه ساحل أكلة السمك، هنا الظاهر أنه كان لا يعرف قراءة اللاتيني جيداً فقد قال احتلها داريوس وهي بلده كيف يحتلها..؟ القراءة لم تكن جيدة عند هذا الكاتب، أنا أحقق هذه في كتيب صغير غير الكتاب أسميه أخطاء التأريخ في الجغرافيا”.

و قال القاسمي: ” كتب اريان كتاباً سماه انديكا، أي الهند، وأخذ ما كتبه نيرخوس وما توصل له وكتب الكتاب وهو موجود في المكتبة البريطانية لكنه لما أتى بطليموس فقد جمع الكثير وأخرج المقاسات العجيبة مثل الفرق الزمني بين الإمارات والإسكندرية ساعتين، هذا في بداية العهد المسيحي يكتشف المقاس الذي هو الآن ساعتين بين الإسكندرية والإمارات انظروا إلى أين الدقة كانت”.

‫ وأوضح أن بطليموس لم يرسم خرائط إنما كتبها كتابة الوصف وأتى شخص ووجد مخطوطة بطليموس بإسطنبول في عهد محمد الفاتح وأخذ النسخة وجاء إلى شخص قال له: هل تستطيع أن ترسم لي خارطة بهذا الوصف؟ قال: نعم فرسم الخارطة في 1445 بعد احتلال إسطنبول .

وأضاف “يقول صاحب المشروع بعد ما نقشها أرسلت واحدة إلى الفاتيكان وواحدة إلى السلطان وأبقيت واحدة عندي، وأنا ذهبت إلى الفاتيكان لم يقبلوا أن يعطوني و قالوا لا نستطيع أن نصور لكن هنالك شركة بريل سنة 1932 صورت منها وأهديت أنا نسخة من زوجة بريل، سيدة فاضلة قالت هذه نسخة عندي أعطيك إياها”.

‫ ‫وألقى عضو المعهد العالمي للجغرافيا، نيكولاس كرين، في الحفل كلمة قدم فيها لكتاب سيرة مدينة، مشيداً بالطرح الجميل لتفاصيل المنطقة ومرورها عبر المدن بتسلسل دقيق، أبرز الكثير من الأوضاع الاجتماعية التي تضفي تميزاً على الطرح التاريخي في الكتاب.

‫ وتخلل الحفل لوحة فنية قدمها أحد الرسامين حول الكتب التي أطلقت باللغة الإنجليزية، فيما شاهد الحضور فيلماً حول محاور الكتب وأبرز فصولها التاريخية والأدبية.

وكالة أنباء الإمارات ( وام )