رحب القادة العرب في ختام قمتهم في تونس أمس بمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتخصيص مشروع قمر صناعي يعمل عليه العلماء العرب كأول مبادرة تعاون في نطاق المجموعة العربية للتعاون الفضائي، ودعوة العلماء العرب المعنيين للانخراط في هذا المشروع.
كما أكد البيان الختامي للقمة، رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، وجدد القادة العرب تأكيدهم على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، وكذلك على مركزية القضية الفلسطينية للعرب، ورفض الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.
وترأس صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وفد الدولة إلى أعمال القمة العربية.
وضم الوفد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومعالي سيف محمد الهاجري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، ومعالي فارس محمد المزروعي مستشار في وزارة شؤون الرئاسة، ومعالي سعيد الرقباني مستشار صاحب السمو حاكم الفجيرة، ومحمد سعيد الظنحاني مدير الديوان الأميري بالفجيرة، وسيف محمد السويدي مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، وراشد محمد المنصوري سفير الدولة لدى تونس، وجمعة مبارك الجنيبي المندوب الدائم للدولة لدى جامعة الدول العربية وسفير الدولة لدى مصر.
ووجه الدكتور أنور قرقاش، الشكر والتقدير للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي. وقال في تغريدة عبر «تويتر»، رصدها «المشهد العربي»: «كل التقدير لفخامة الرئيس الباجي قايد السبسي ولتونس الشقيقة على تنظيم قمة العزم والتضامن». وتابع: «قمة تونس الخيّرة خطوة إيجابية في سعينا المشترك نحو ترسيخ العمل العربي المشترك». وواصل: «ويأتي إعلان تونس وثيقة إستثنائية تؤطر أجندة العمل العربي للمرحلة القادمة».
ورفضت القمة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية ودانت المحاولات العدوانية الرامية إلى زعزعة الأمن، وما تقوم به من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها للميليشيات الإرهابية في عدد من الدول العربية، لما تمثله من انتهاك لمبادئ حُسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة. وطالبت إيران بسحب ميليشياتها وعناصرها المسلحة التابعة لها من كل الدول العربية.
وأكدت الحرص على التمسك بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية، وأن تكون علاقاتنا مع الدول الأخرى مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي بما يكفل إرساء دعائم الأمن والسلام والاستقرار ودفع عملية التنمية.
الجزر المحتلة
وأكد القادة العرب سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبوموسى)، وأكدوا تأييدهم جميع الإجراءات التي تتخذها لاستعادة سيادتها عليها، داعين إيران إلى الاستجابة لمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
إشادة بالإمارات
أكد البيان الختامي لقمة تونس بدعم الحوار بين الأديان باعتباره عاملاً أساسياً في نشر وتعزيز قيم التسامح والتضامن الإنساني واحترام الاختلاف، وفي مواجهة الغلو والتطرّف، مجدداً الترحيب باللقاء الذي تمّ بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، أثناء زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال شهر فبراير 2019.
وشدد القادة العرب على الأهمية المحورية للتنمية الشاملة في النهوض بأوضاع المنطقة، وتحصين المجتمعات العربية ضدّ آفات التطرف والإرهاب، وتقليص مظاهر الإقصاء والتهميش، وضرورة مزيد تطوير الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الشاملة والمستدامة، من خلال الاستثمار في قدرات الإنسان العربي وتأهيله علمياً ومعرفياً وقيمياً.
وأشاد القادة العرب بمبادرة دولة الإمارات بتأسيس «المجموعة العربية للتعاون الفضائي» وثمّنوا دورها وإسهاماتها في تطوير التعاون العربي في مجال علوم الفضاء واستخداماته لصالح تقدم الدول العربية. ورحّبوا بمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتخصيص مشروع قمر صناعي يعمل عليه العلماء العرب كأول مبادرة تعاون في نطاق المجموعة العربية للتعاون الفضائي، ودعوة العلماء العرب المعنيين للانخراط في هذا المشروع.
وشدد البيان على أهمية السلام الشامل كخيار عربي وفق مبادرة السلام العربية. وذكر أنه من غير المقبول بقاء المنطقة العربية مسرحاً للتدخلات الخارجية. وتحدث البيان عن ضرورة العمل على التوصل إلى تسويات في سوريا وليبيا، والحفاظ على وحدة أراضي العراق، واستقرار لبنان وتنمية الصومال.
ودان البيان استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ الحوثية، مشيراً إلى أن أمن السعودية جزء من الأمن العربي.
وأكدت القمة بطلان القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، محذرة من اتخاذ أية إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس.
وأكد القادة العرب أن الإعلان الأمريكي الذي صدر بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، يعتبر باطلاً شكلاً وموضوعاً، ويعكس حالة من الخروج على القانون الدولي، مؤكدين أن الجولان أرض سورية محتلة ولا يحق لأحد أن يتجاوز. وشددوا على ضرورة إيجاد حل سياسي يُنهي الأزمة السورية.
وجدد القادة العرب تضامنهم مع لبنان بوجه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، وإزاء الأعباء المترتبة على أزمة النزوح السوري.
ورفض المجتمعون وأدانوا استهداف أراضي السعودية ومدنها بالصواريخ الباليستية، مؤكدين على مواصلة الجهود الإقليمية والدولية من أجل إعادة الشرعية إلى اليمن ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني، مع ضرورة التزام ميليشيا الحوثي باتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق استوكهولم، وصولاً إلى تسوية سياسية تحفظ استقلال اليمن ووحدته وتعيد له وللخليج العربي الأمن والاستقرار
تدخّلات إيران
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إن تدخلات إيران وتركيا في شؤون عدد من الدول العربية فاقمت الأزمات فيها وأبعدتها عن الحل. وقال في الافتتاح إن «التدخلات من جيراننا في الإقليم، وبخاصة من إيران وتركيا، فاقمت من تعقد الأزمات وأدت إلى استطالتها واستعصائها على الحل».
وأكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أهمية إقامة دولة فلسطينية. وقال إن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، بل في العالم بأسره، يمر عبر إيجاد تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.
مركزية فلسطين
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة افتتح بها أعمال القمة بصفته رئيس القمة الـ29. وأكد مركزية القضية الفلسطينية، وشدّد في الوقت نفسه على رفض المساس بالسيادة السورية على الجولان.
وقال: «ستظل القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وجدد التأكيد على رفض المملكة «القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان»، وأكد «أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن أمن سوريا ووحدتها وسيادتها، ومنع التدخل الأجنبي».
وأكد دعم السعودية لجهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي في اليمن وفق المرجعيات الثلاث، وطالب المجتمع الدولي بإلزام الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بوقف ممارساتها العدوانية. وأكد أن «السياسات العدوانية للنظام الإيراني تشكل انتهاكاً صارخاً لكافة المواثيق والمبادئ الدولية»، وحث «المجتمع الدولي على القيام بمسؤولياته تجاه مواجهة تلك السياسات ووقف دعم النظام الإيراني للإرهاب في العالم».
مواجهة التحديات
ودعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في كلمته لتطبيق قرارات وتوصيات قمتي الكويت وبيروت. وشدد على أن القضية الفلسطينية تبقى القضية المحورية والأولى للعرب، معرباً عن الأسف لإعلان واشنطن اعترافها بسيادة إسرائيل على الجولان.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني إن إيران هي الراعي الأول للإرهاب، مشيراً إلى أن تطويرها للصواريخ الباليستية ينتهك القرارات الدولية. وأن بلاده تدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن «اليد العربية لا تزال ممدودة بالسلام العادل والشامل». وقال في كلمته إن «استمرار الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني سيبقى وصمة عار حقيقية على جبين المجتمع الدولي». ودعا إلى تعزيز العمل المشترك لمواجهة أي تدخلات خارجية تغذي الطائفية والمذهبية.
الهم الأول
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أنه لا أمن ولا استقرار دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، مشدداً على أن الأردن مستمر بدوره التاريخي في حماية القدس. وأكد أن الجولان أرض سورية محتلة.
وانتقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الدعم الأمريكي لإسرائيل، قائلاً إن ما تشهده فلسطين من ممارسات قمعية ونشاطات استيطانية كان له أن يكون لولا دعم الإدارة الأمريكية.
البيان