الفجيرة اليوم

قال الدكتور شريف الجيار، أستاذ النقد الأدبي، إن مؤرخي الأدب لم يتناولوا سيرة حياة الراحلة الأديبة اللبنانية مي زيادة بشكل منصف، مضيفا أن تناول الكاتبة المصرية نوال مصطفى لسيرة حياة الأديبة اللبنانية، في كتابها “أسطورة الحب والنبوغ”، كان الأكثر إنصافا.

ورأى الجيار، خلال ندوة أقيمت بالقاهرة لمناقشة الطبعة الرابعة من كتاب “أسطورة الحب والنبوغ”، بحضور عدد من كتاب النقاد والشخصيات العامة في مصر، الثلاثاء، أن إعجاب المثقفين بشخصية مي (1886 – 1941) يرجع لأسباب عديدة، منها: أنها امرأة شامية متحررة متعلمة تجيد عدد من اللغات، كانت تفتح بيتها للمثقفين لتناقشهم وتحاورهم في صالونها الأسبوعي، في مجتمع الرجل فيه هو رقم واحد، والمرأة في المرتبة الثانية.

واعتبر أستاذ النقد الأدبي أن أزمة زيادة الأساسية تتمثل في افتقادها للوطن، فهي تنتمي لأم فلسطينية وأب لبناني، وعاشت حياتها متنقلة بين بيروت والقاهرة، التي احتلت لديها مكانة كبيرة تجلت في تبرعها بمكتبتها قبل وفاتها.

وأكد أن رسائل مي إلى الأديب اللبناني جبران خليل جبران والأديب المصري عباس محمود العقاد تظهر ذكاءها كامرأة مثقفة، مضيفًا أن بعض الرسائل تظهر أنها مالت إلى العقاد عاطفيا لكنها سرعان ما تراجعت.

يروي كتاب “أسطورة الحب والنبوغ” سيرة حياة مي زيادة خلال فترة إقامتها في القاهرة، واختلاطها بالمجتمع المصري، ومجتمع المثقفين والأدباء في فترة العشرينيات من القرن الماضي. بينما قالت مؤلفة الكتاب نوال مصطفى إنها كتبت عن شخصيات عديدة وليس فقط مي زيادة، وكلها شخصيات أثرت فيها بشكل شخصي، ومنهم جلال الدين الحمامصي، ونزار قباني.

وأكدت مصطفى أنها كتبت سيرة مي زيادة بعد اقتراح من الكاتب الراحل أنيس منصور، الذي كتب مقدمة الطبعة الأولى من العمل عام 2000، حتى صدرت الطبعة الرابعة عن دار العين في مطلع العام الجاري، مشيرة إلى أن هناك مشروعا لتحويل الكتاب إلى مسلسل تليفزيوني منذ 10 سنوات، لكنه توقف بسبب الظروف السياسية التي شهدتها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني.

وأضافت أن حالة الحب والإعجاب التي كان يبديها الكتاب والأدباء للأديبة الراحلة لم تكن حقيقية، إذ تخلوا عنها أثناء حبسها 300 يوم في مستشفي العصفورية بعد مؤامرة عائلتها عليها، في حين أن هؤلاء الكتاب كان بإمكانهم تحريك الرأي العام بأقلامهم لكنهم لم يهتموا، لذا كرهت هؤلاء الأدباء رغم مكانتهم الأدبية العالية.

وتابعت: “لم يقف إلى جانبها سوى الصحفي أمين الريحاني، الذي طالب مجلس النواب اللبناني بالتدخل لحمايتها، وبالفعل خرجت وحاضرت في الجامعة الأمريكية، بحضور القضاة الذين أبهرهم براعة مي في الخطابة، وأطلق سراحها وعادت إلى مصر مرة أخرى حتى توفيت على أرضها”، مشيرة إلى أن لبنان طالبت بنقل رفات الأديبة الراحلة لكي تدفن فيه لكن الطلب قوبل بالرفض.

فيما وصفت الكاتبة الصحفية عبلة الرويني العمل بأنه “كتاب الحب والأحاسيس والمشاعر”، مضيفة أن الجانب الإنساني كان النقطة التي انطلقت منها الكاتبة في بحثها عن حياة الأديبة اللبنانية.

وأشارت إلى أن نوال مصطفى توقفت كثير أمام علاقة مي بجبران التي دامت 20 عاما شهدت انقطاعا في المراسلات لمدة 5 سنوات، معلقة على هذه العلاقة بأنها ظاهرة غريبة إذ لم يلتق الأديبان خلالها، واصفة شخصية زيادة بأنها “أخلاقية وتطهرية”.

وأضافت الرويني أن فتحي رضوان تناول حالة مي زيادة كظاهرة اجتماعية تعبر عن انفتاح المرأة العربية وتعتبر تمثيلا للحرية والانفتاح والتنوير، متابعة أن الأديبة الراحلة كانت تأمل أن يأتي بعدها من ينصفها، وبالفعل حدث ذلك من كاتبات وكتاب عديدين، وعلى رأسهم نوال مصطفى.

العين الأخبارية