وضعت المفوضية الأوروبية قائمة بواردات أميركية قيمتها نحو 20 مليار يورو (22.6 مليار دولار) قد تفرض عليها رسوم جمركية في نزاع بين الجانبين بشأن الدعم لصناعة الطائرات، وفقاً لما أكده ديبلوماسيون أوروبيون اليوم الجمعة، في وقت حذرت خبيرة اقتصادية من أن الضرر الاقتصادي الذي يُمكن أن ينشأ من الحرب التجارية بين أوروبا وأميركا أكثر أثراً على الاقتصاد العالمي من الحرب التجارية مع الصين.
وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء، بفرض رسوم جمركية على منتجات من الاتحاد الأوروبي قيمتها 11 مليار دولار، بسبب ما تعتبر واشنطن دعماً مجحفاً يُمنح لشركة “إيرباص” الأوروبية لصناعة الطائرات.
وستكون إجراءات الاتحاد الأوروبي مرتبطة بالشكوى التي قدمها التكتل إلى “منظمة التجارة العالمية” بشأن الدعم لشركة “بوينج” الأميركية لصناعة الطائرات. وما زال يتعين أن تحدد لجنة تحكيم في المنظمة القيمة النهائية لإجراءات مضادة محتملة.
وقالت المفوضية في وقت سابق هذا الأسبوع، إنها بدأت إعداد إجراءات مضادة في قضية بوينج. وأضافت آنذاك أنها منفتحة على مناقشات مع الولايات المتحدة، بشرط ألا تقترن بشروط مسبقة وأن تهدف لتحقيق نتيجة عادلة.
وذكر دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي أن من المتوقع أن تنشر المفوضية قائمة بالمنتجات في 17 أبريل، لبدء عملية المشاورات العامة والتي يمكن بعدها تعديل القائمة. وقد تكون القيمة النهائية للإجراءات المضادة التي ستحددها لجنة تحكيم “منظمة التجارة العالمية” أقل.
وطلب الاتحاد الأوروبي في بادئ الأمر من “منظمة التجارة” أن تجيز إجراءات مضادة بقيمة 12 مليار دولار. وقد لا يصدر قرار لجنة التحكيم قبل مارس 2020.
وتخوض الولايات المتحدة وأوروبا نزاعاً بشأن مزاعم متبادلة بتقديم دعم غير قانوني لشركتي الطيران العملاقتين. والقضية مطروحة في منظمة التجارة العالمية منذ نحو 15 عاماً، وتتمخض عن انتصارات جزئية للجانبين.
وفي السياق، قالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في “صندوق النقد الدولي” جيتا جوبيناث، إن حرباً تجارية جديدة سببها الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات، قد تلحق أضراراً أكبر بالنمو الاقتصادي العالمي من الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وقالت جوبيناث لرويترز في مقابلة، إن “مثل هذا الصراع سيؤثر على الصادرات من عدد أكبر بكثير من الدول، وسيؤدي لفرض رسوم عقابية على السلع الأميركية من العديد من الشركاء التجاريين”.
وأضافت جوبيناث على هامش اجتماعات “صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي” السنوية في واشنطن: “نشعر بالقلق من تأثير الرسوم الجمركية على السيارات على الاقتصاد العالمي، في وقت دخلنا فيه في مرحلة تعافٍ”.
وذكرت أنه “إذا امتدت تلك النزاعات التجارية إلى قطاع السيارات، فسيؤدي ذلك لحدوث اضطرابات في أجزاء أكبر من سلاسل توريد قطاع الصناعات التحويلية العالمي”.
ولفتت جوبيناث المولودة بالهند والتي تعمل أستاذة بجامعة هارفارد إلى أن “هذا سيكون بالفعل أكثر تكلفة على الاقتصاد العالمي من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.
وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تبلغ نحو 25 في المئة على السيارات ومكوناتها المستوردة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، مستنداً إلى قانون تجاري لعام 1962 كان يهدف إلى حماية الصناعة العسكرية في حقبة الحرب الباردة.
وأقر ترامب علناً ??بأنه يستخدم تهديد فرض الرسوم الجمركية على السيارات لجذب شركاء تجاريين منهم اليابان والاتحاد الأوروبي إلى مفاوضات تجارية. لكنه هدد مؤخراً بفرض رسوم جمركية على السيارات من المكسيك ما لم تحسن الأمن على الحدود الأميركية.
ووفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي أصدره صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء، من المتوقع أن يستمر انتعاش النمو في عام 2020، لكن الصندوق حذّر من أن التوقعات عرضة للعديد من المخاطر.
وقالت جوبيناث إن التجارة هي أكبر هذه المخاطر، والتي تشمل أيضاً ارتفاع ديون الشركات والحكومات، وضغوط في بعض الأسواق الناشئة الكبيرة، والانسحاب الفوضوي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكانت مصادر في الاتحاد الأوروبي قالت، إن دول الاتحاد وافقت بصفة مبدئية أمس الخميس على إطلاق محادثات تجارية رسمية مع الولايات المتحدة، في خطوة تهدف، لكنها لا تضمن، تهدئة العلاقات المتوترة بين الجانبين.
وتوصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى انفراجة في يوليو الماضي، حينما وافق ترامب على وقف فرض رسوم عقابية على السيارات الأوروبية، مع سعي الطرفين لتحسين الروابط الاقتصادية. لكن الرسوم الأميركية لا تزال سارية على واردات الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي.
الاتحاد