وتأتي الحاجة إلى مثل هذه الكتب لتغذي المناهج التعليمية بسبب أهمية دراسة التاريخ المحلي والتي من شأنها المساعدة في استخلاص الدروس من الماضي والاستفادة منه في الحاضر إضافة إلى أنها تعمق المعرفة في كيفية عيش الأسلاف مما يزيد من احترامهم تقديراً لتمسكهم بالأصالة من أجل التغلب على الكثير من التحديات المناخية والمعيشية وابتكار أدوات وأنظمة تساعد على تخطي الصعاب وتحويلها إلى مصدر معيشي أو وسيلة تسهل العيش، كما حدث مع ابتكار نظام الأفلاج قبل ثلاثة آلاف عام والذي ساعد على نشأة النظام الزراعي واكتشاف مناجم النحاس قبل نحو خمسة آلاف عام والتي سخرت لمصلحة التجمعات السكانية وقتها. ولايقتصر تدريس التاريخ للطلبة الشباب على سرد الأحداث التاريخية فقط بل يتضمن أيضاً المنظومة القيمية التي حافظت على وجودها ودورها لآلاف السنين وأبرزها قيم التسامح وقبول الآخر والتعايش مع الثقافات المختلفة واحترام المرأة ودعمها للمشاركة المجتمعية وهي القيم نفسها التي ميزت المجتمع الإماراتي منذ آلاف السنين.
ومع إطلاق كتاب “الإمارات – تاريخنا” ليدرس ضمن المناهج الدراسية يتم التأكيد على هذه القيم التي ستبقى والإمارات قدما في تنمية المجتمع وتطوير البنية الاجتماعية لترتكز على أصالة الإنسان وعراقة قيمه ودفعه نحو الإسهام الإيجابي لتحسين محيطه تماما كما فعل الأجداد.
وتتناول الفصول الـ17 من الكتاب مختلف التغيرات التي مرت على أرض الإمارات بدءاً من مراحل تشكل التضاريس الطبيعية في الإمارات قبل ملايين السنين وصولاً إلى القرن العشرين حيث تحولت البلاد إلى دولة حديثة اليوم. ويرصد الكتاب وصول أول الهجرات البشرية إلى هذه الأرض قبل حوالي 125.000 عام وتطور المجتمعات خلال العصر الحجري الحديث من حوالي 8000 إلى 3200 عام قبل الميلاد بما في ذلك الأدلة الجديدة المذهلة في جزيرة مروح، تليها دراسة للعصر البرونزي المبكر وظهور الزراعة والقرى مع إظهار أهمية ثقافة أم النار وصلاتها التجارية الواسعة، مروراً بفترة التغير الكبرى حتى حوالي 1000 عام قبل الميلاد حيث شهدت تحولاً في المستوطنات التي أصبت أكبر حجما ودائمة.
وتبحث الفصول التالية في ظهور نظام الري بالفلج وتطور القرى والبلدات، واستئناس الجمل وظهور الإسلام فيما بعد، كما يغطي الكتاب العصر الحديث لتتبع ظهور بني ياس والقواسم، وكذلك ظهور القوى الأجنبية في منطقة الخليج العربي خلال القرنين الخامس عشر والسابع عشر إضافة إلى تغطيته التكون التدريجي للهوية الوطنية خلال السنوات التي سبقت منتصف القرن العشرين وبعدها حكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودوره في مفاوضات قيام اتحاد الإمارات ومراحل تأسيسها من عام 1966 إلى 1971.
ويختتم الكتاب بفصول تتبع التطور السريع للإمارات في العقود التي تلت الاتحاد وتحولها إلى واحد من أحدث البلدان المعاصرة اليوم.
وشارك في تأليف كتاب ” الإمارات – تاريخنا ” كل من بيتر ماغيه، رئيس قسم الآثار في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي وبيتر هيلير من المجلس الوطني للإعلام وبإشراف من معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي وأسهم العديد من العلماء والمتاحف المحلية والعالمية في تزويد الكتاب بالصور الأرشيفية وتفاصيل آخر المكتشفات الأثرية.
وكالة أنباء الإمارات ( وام )