أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” أن دولة الإمارات تلعب دوراً محورياً ومؤثراً في تعزيز التعاون الدولي وتوثيق روابط المنطقة مع العالم، بما لها من مكانة وعلاقات متميزة تجمعها بمختلف الدول الشقيقة والصديقة، مشيراً سموه إلى حرص الدولة على تعزيز أطر شراكاتها العالمية في شتى المجالات، تأكيداً لنهج الإمارات المنفتح على العالم وثقافاته، وسعيها الدائم لبناء المزيد من جسور التواصل الإيجابي والعمل المشترك نحو ترسيخ مقومات التنمية المستدامة لضمان الاستقرار والتقدم لشعوب المنطقة والعالم.
جاء ذلك بمناسبة حضور صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اليوم الجمعة، الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من منتدى “الحزام والطريق للتعاون الدولي” الذي انطلقت أعماله اليوم في العاصمة الصينية بكين تحت شعار “التعاون بين الحزام والطريق.. تشكيل مستقبل مشترك أكثر إشراقاً” بمشاركة نحو 40 من رؤساء الدول والحكومات ووفود حوالي 150 دولة ومنظمة دولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي وغيرها من الجهات التي تشملها المبادرة التي أطلقها فخامة شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية في العام 2013.

ونوّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بعمق العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين دولة الإمارات والصين في مختلف المجالات، وتوافق الرؤي بينهما حول مختلف الملفات والقضايا الدولية الراهنة، مشيراً سموه إلى أن دولة الإمارات تجمعها اليوم بالصين اتفاقيات اقتصادية وتجارية، بالإضافة إلى العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الشعبين الصديقين.
وأشاد سموه بأهمية الأهداف التي تسعى مبادرة الحزام والطريق إلى تحقيقها، مثمناً مردودها الإيجابي في دفع علاقات التعاون بين عشرات الدول في قارات العالم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا إحياءً لفكرة طريق الحرير التاريخي. وقال سموه “دولتنا شريك في بناء مشروع الحزام والطريق .. وأهدافه تتوافق مع رؤيتنا وخططنا للمستقبل… ولدينا من المقومات ما يؤهلنا للقيام بدور رئيس في إنجاح أهدافه من موقع استراتيجي وقدرات لوجستية وبنى تحتية وتاريخ طويل كمركز محوري لحركة التجارة العالمية.. نتطلع للتعاون مع كافة الأطراف في إنجاح هذا المشروع العالمي الواعد بكل ما يمهد له من فرص”.
وأضاف سموه: “الاقتصاد العالمي قائم على الفرص المشتركة بما يستدعيه ذلك من تضافر الجهود نحو توسيع الشراكات الدولية وتعزيز التدفقات التجارية وتحفيز القدرات الاستثمارية للدول .. منطقتنا العربية لها أهميتها على خريطة العالم الاقتصادية، وهي حافلة بالفرص رغم ما يحيط بها من تحديات نثق في قدرتها على تجاوزها لبدء مرحلة جديدة من النمو والازدهار”.
واختتم سموه بالقول: “التعاون الاقتصادي الإماراتي-الصيني في ازدهار… وهناك اتفاق كامل على أهمية توسيع دائرته وتعميق مردوده الإيجابي … حريصون على تعزيز مكانة الإمارات ضمن مختلف المشاريع الدولية التي تخدم مصالحنا ودول المنطقة، وتعود بالخير والنماء على شعوب العالم”.

وقد استمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والوفد المرافق لسموه للكلمة الافتتاحية لمنتدى الحزام والطريق والتي ألقاها فخامة الرئيس شي جين بينج، رئيس جمهورية الصين الشعبية ورحب فيها بالقادة والزعماء الحضور والوفود المشاركة من مختلف انحاء العالم، مؤكداً أن المبادرة تسير نحو تحقيق أهدافها في ضوء النتائج المشجعة التي حققتها الصين في تعاونها مع الدول الشريكة في تنفيذ المبادرة خلال الفترة الماضية ومنذ اطلاقها في العام 2013. ودعا الرئيس شي جين بينج، في كلمته، الدول الشريكة في “الحزام والطريق” لحشد الإمكانات والجهود لإنجاح أهداف المبادرة، مشيراً إلى أن بلاده تقف اليوم على أعتاب مرحلة تنموية جديدة، ستعمل فيها على توسيع دائرة تعاونها مع شركائها حول العالم من أجل مواجهة التحديات المشتركة وإيجاد الحلول الناجعة للمشكلات التي قد تعيق مسيرة التطوير العالمية، منوهاً بأن الصين تعتزم تقديم حزمة جديدة من المبادرات الداعمة للاستثمارات الأجنبية وللقطاع الاقتصادي بصورة عامة.
وشدد الرئيس الصيني، في كلمته، على أهمية رفع مستوى التعاون الدولي خلال المرحلة المقبلة والعمل على الحفاظ على الملكية الفكرية، فضلاً عن حماية البيئة، من أجل ضمان تنمية “عالية الجودة” لدول العالم أجمع، مؤكداً حرص الصين على التعاون مع كافة الشركاء الدوليين لفتح مزيد من فرص التعاون على أساس من النزاهة والشفافية.
كما تضمنت الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، التي انطلقت أعمالها اليوم في بكين، كلمات ألقاها عدد من رؤساء وقادة الدول الذين أشادوا برؤية الصين فيما يتعلق بتنمية الاقتصاد العالمي، وما تتسم به من انفتاح ورغبة في مشاركة الفرص على أساس متوازن يكفل دفع معدلات التنمية المستدامة على مستوى الدول التي تشملها المبادرة والمنتشرة عبر قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، معربين عن عزم دولهم التعاون مع الصين في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمبادرة بما يعود بالنفع على الجميع.
ويترأّس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الوفد الإماراتي الرسمي رفيع المستوى المشارك في أعمال منتدى الحزام والطريق في بكين والذي يضم سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل ومعالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد ومعالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية ومعالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير دولة ومعالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية الرئيس التنفيذي للمجموعة والعضو المنتدب في شركة “مبادلة” للاستثمار، وسعادة خليفة سعيد سليمان مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي، وسعادة علي عبيد علي الظاهري سفير الدولة لدى جمهورية الصين الشعبية.
وتهدف الدورة الثانية من المنتدى إلى دعم فرص النهوض بالتعاون الدولي وتنويع مساراته لاسيما على الصعيد الاقتصادي في إطار مبادرة “الحزام والطريق” الرامية إلى إحياء “طريق الحرير” التاريخي الذي ربط الصين بمناطق عدة حول العالم وكان له أثر إيجابي أسهم في دعم العديد من الحضارات القديمة امتداداً من آسيا شرقا وحتى أوروبا غرباً.
وتسعى المبادرة إلى خلق مناخ اقتصادي عالمي جديد يقوم على مبدأ الشراكة المتوازنة والتضمين ويدفع بالعولمة إلى آفاق أكثر انفتاحاً مع مراعاة ضمان النجاح لكافة الأطراف وبما يتواكب مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للعام 2030، فضلاً عن توفير مساحات جديدة للتقارب والتعاون بين دول العالم شرقاً وغرباً.
وأظهر تقرير، أعده مكتب المجموعة القيادية لدعم مبادرة الحزام والطريق، بعنوان “مبادرة الحزام والطريق: التقدم والإسهامات والآفاق، أن “المبادرة كان لها أثرها في استحداث محركات نمو جديدة لتسريع وتيرة التطوير في الدول المشاركة من خلال إنشاء سلاسل للصناعة والتوريدات والخدمات”.
وأوضح التقرير أنه خلال خمس سنوات وتحديداً من العام 2013 إلى العام 2018، وصل حجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول المشاركة في المبادرة إلى أكثر من 90 مليار دولار أميركي، مولداً إيرادات بلغت 400 مليار دولار.
وفي عام 2018، سجلت الشركات الصينية ما إجماليه 15.6 مليار دولار أميركي من الاستثمارات المباشرة غير المالية في الدول المشاركة، بزيادة 8.9 بالمائة على أساس سنوي، ما مثل 13 بالمائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر غير المالي في الصين خلال نفس الفترة. وأورد التقرير ما جاء في دراسة أجراها البنك الدولي عن أن شبكة النقل التي اقترحتها المبادرة يمكن أن تؤدي إلى زيادة بنسبة 4.97 بالمائة في إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول المشاركة. كما أشار البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية إلى أن التعاون ضمن الحزام والطريق، سيخفض كلفة التجارة العالمية بنسبة تتراوح من 1.1% إلى 2.2%، وسيسهم في دعم النمو الاقتصادي العالمي لنسبة متوقع لها ألا تقل عن 0.1% خلال عام 2019.
وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، وصل عدد اتفاقيات التعاون التي وقعتها الصين إلى 173 اتفاقية مع 125 دولة و29 منظمة دولية بنهاية مارس 2019، بينما تسعى المبادرة إلى تعزيز ترابط البنى التحتية، حيث تربط ستة ممرات اقتصادية رئيسية بين الدائرتين الاقتصاديتين الآسيوية والأوروبية، مع استهداف تعزيز التدفقات التجارية دون عوائق، إذ تبلورت شبكة من مناطق التجارة الحرة، بتجارة بين الصين ودول الحزام والطريق الأخرى وصل حجمها إلى 1.3 تريليون دولار أميركي في 2018، بزيادة 16.4 بالمئة على أساس سنوي. فيما تهدف المبادرة، وفقاً للصين، إلى تلبية مطلب المجتمع الدولي بنظام حوكمة عالمي يتميز بالنزاهة والمساواة والانفتاح والشمول.

المصدر: وام