الفجيرة اليوم- تنوع الثقافات وزخم العادات والتقاليد الذي تتميز به مختلف الشعوب التي تحتضنها دولة الإمارات، ساهم في دعم توجّه الدولة نحو مجتمع يسود بين أهله التسامح والتآزر والاحترام، والذي يندرج من عمق التقاليد الإماراتية المتسامحة، التي تحرص على الانفتاح الحضاري والتعايش السلمي.
وفي شهر رمضان الفضيل، في هذه الأجواء الروحانية والأيام المباركة، ومع التنوع الثقافي، تتميز مختلف الشعوب بممارسة طقوسها وعاداتها التي تتفرد بها عن غيرها من الثقافات، وإلى إمارة الفجيرة رئة الإمارات حيث التراث والموروثات الشعبية التي تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، هذا التراث وهذه الأصالة انعكست على الطقوس الإماراتية فلم يتخل أبناء هذا الوطن عن هذا الإرث المنبثق من الأجداد والآباء، ولما تتميز به دولة الإمارات من تنوع ثقافي، جمعت جنسيات مختلفة واحتضنتها وغرست فيها قيم التسامح والتآزر والإخاء، وأقامت العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تستهدف هذه الشعوب لتشاركها فرحتها وأعيادها ومناسباتها المختلفة، كل ذلك وفر فرصة للتميز والتنافس على إبراز جماليات كل ثقافة من الثقافات التي تقيم على أرض هذا الوطن.
“الفجيرة اليوم” استطلعت آراء عدد من الجنسيات المختلفة التي تقيم في إمارة الفجيرة، للوقوف على عادات وطقوس تلك الشعوب خلال شهر رمضان الفضيل، فالتقت محمد سليمان الظهوري من دولة الإمارات، والذي أكد بأنه رغم مشاغل الحياة اليومية إلا أن شهر رمضان فرصة للتواصل والزيارات بين الأهل والأصدقاء بعد صلاة التراويح، كما أنه قبل موعد الإفطار يتبادل الأقارب والجيران الوجبات الغذائية فيما بينهم كنوع من التواصل بطابع اجتماعي، ولمباركة الشهر الفضيل من منطلق روح التعاون والمودة بين أبناء الحي الواحد، وأشار الظهوري إلى أن مائدة الإفطار لا تخلو من الأكلات الشعبية الإماراتية التي تميز هذا الشعب عن غيره، فهناك “الهريس”، “الثريد”، “المجبوس” و”اللقيمات” وغيرها باختلافها وتنوعها، ومن ناحيته قال نايف حسن الرئيسي: “مازالت العادات الإماراتية في مائدة الإفطار تجسد ثقافة المطبخ الإماراتي، هذه الثقافة التي ترسخها العادة رغم التنوع والكثرة والتطورات والتغيرات، إلا أنها تحافظ على عاداتها من الأكلات الشعبية التقليدية، فقد اعتاد أهل الإمارات على أن تزخر المائدة بالأكلات المتنوعة والحلويات، كما أن أبناء الحي الواحد يتبادلون الأكلات الشعبية فيما بينهم، وكعادةٍ لا يعود الصحن إلى صاحبه فارغاً بل يجب أن يكون مليئا بالأطعمة المختلفة.
وإلى عادات مصر، تشير أسماء محمد إلى أن منزل الأخ الكبير يجمع العائلة في أول أيام رمضان فتتنوع الأطباق في المائدة التي أساسها “السمبوسة”، “القطايف”، والشوربة وغير ذلك، وتحرص عائلة أسماء طوال أيام الشهر الفضيل على متابعة الزيارات للأهل والأصدقاء بهدف تقوية صلة الرحم والعلاقات الاجتماعية، أما سامي محمد فأكد أيضاً أنه قبل شهر رمضان يحرص على وضع زينة خاصة وفانوس رمضان، مع استمرارية زيارات الأهل والأصدقاء بعد الإفطار، والسهر حتى وقت السحور.
ومن جهتهما، أكدت حنان حسن ومنار حمدان من سوريا، أن شهر رمضان أساسه صلة الرحم و”اللمة” عند الجد والجدة من طرف الزوج، أما على مائدة الإفطار فتتنوع الأكلات مثل “شيش برك”، “ملوخية خضراء”، مقلوبة” وبعض الحلويات مثل “العوامة” و “رز بلبن”، وإلى ما قبل عيد الفطر بقليل “الحلوة العربية” و”المعمول”، وتحرص حنان حسن على تعويد أبنائها على الصيام والالتزام بصلاة التراويح والالتحاق بمركزٍ لتحفيظ القرآن، ثم تتنوع البرامج خلال الشهر الفضيل من رحلات عائلية وأخرى ترفيهية.
وفي ذات السياق، قال عماد عبد الغفار حسن من السودان: “يجتمع كل أفراد الأسرة عند مائدة الإفطار، ويبدأ الإفطار عادة بتناول التمر ثم طبق “البليلة” وهو عبارة عن حمّص مسلوق وتمر، وبعد ذلك الشوربة أو عصير الليمون، ومن أشهر الوجبات الرمضانية السودانية هناك “الويكة”، “العصيدة وملاح الروب”، “القرَّاصة”، والمشروبات التقليدية مثل “الآبري” المعروف أيضاً باسم “الحلو مر”، و”التبلدي”، “الكركدي”، “قمر الدين” و”الآبري الأبيض”.
وأضاف عماد: “يعد تجمع الأسر للإفطار في أول يوم رمضان بمنزل الوالدين من أهم الطقوس الرمضانية، ومن عادات أهل السودان أيضاً، كثرة تبادل الأكل بين الناس حيث ترى الأطباق الرمضانية قبيل موعد الإفطار تُرسل بين البيوت، ويعد مجلس ما بعد الإفطار بمثابة مجتمع شعبي مصغر تدور فيه مختلف الحكايات والذكريات، وبنفس الوقت تعليم الأجيال القادمة بضرورة التراحم والترابط وتفقّد الجار”.
العادات والطقوس المغربية كما أوضحت هانية عبدالكريم، وإن تشابهت في عادة التجمع العائلي والعزائم والولائم، إلا أنها تتميز في مائدة الإفطار فهناك “الشباكية”، “الحريرة” “السلّو” واللحم المبخر وغير ذلك بما تزخر به المائدة من تنوع وتفرد، وأشارت هانية إلى أن رمضان فرصة للتقارب بين الأهل وصلة الأرحام وزيارة الجار.
أيام مباركة جسدت في طقوسها عادات وثقافات مختلفة، وشعوب اجتمعت على الخير، في دولة ترسخ قيم التنوع والتعايش بين الشعوب، وتعزز قيم التسامح بين الجنسيات والحضارات التي تحتضنها، ففي شهر رمضان المبارك تبرز مظاهر إحياء الطقوس الرمضانية وسط أجواء احتفالية رائعة، تزخر بالمودة والرحمة والروحانيات بطابع خاص مع الأهل والأصدقاء.