كشف تقرير رسمي عن اتجاه الدولة لحظر استخدام الزيوت المتحولة صناعياً (المهدرجة) (السمن النباتي) في الأغذية بشكلٍ نهائي بحلول عام 2023، تماشياً مع استراتيجية منظمة الصحة العالمية التي أطلقتها، أخيراً، مؤكداً أنه يتم التمهيد لهذه الخطوة منذ عام 2016، بإصدار لائحة فنية بشأن الدهون (الأحماض الدهنية) المتحولة، تلزم مصنّعي المنتجات الغذائية المحتوية على الدهون المتحولة بإيجاد بدائل لهذه الدهون.
وتعرف الزيوت المهدرجة (السمن النباتي)، بأنها زيوت يتم تسخينها إلى درجات عالية مع إضافة الهيدروجين إليها، وتصنف كزيوت مصنّعة، إذ تدخل في تصنيع الأطعمة والمأكولات المتعددة، كونها تحسّن من الطعم وتمنع العفن وتطيل الصلاحية، إلا أنها ضارة للصحة العامة.
وتفصيلاً، حذّر تقرير رسمي صدر عن وزارة التغير المناخي والبيئة، أخيراً، من مخاطر وأضرار استخدام الزيوت المهدرجة في الأغذية، مؤكداً أنها تتسبب في زيادة وزن الإنسان، ورفع مستويات الكوليسترول الضار، وتقليل مستويات الكوليسترول النافع، ما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، مشدداً على أن هذه الزيوت أشد ضرراً على صحة القلب من الدهون المشبعة، التي ترفع مستوى الكوليسترول الضار، بينما لا تؤثر في مستوى الكوليسترول الجيد، بينما الزيوت المهدرجة تؤثر في القلب والكوليسترول الجيد معاً، كما تتسبب في الإصابة بمرضي السكري والزهايمر.
وذكر التقرير، الذي عُرض على المجلس الوطني الاتحادي، أخيراً، أن الزيوت النباتية تعتبر من أهم وأفضل مصادر الدهون، إلّا أن كلفة استخدامها مرتفعة في مجال تصنيع الأغذية، وعليه ظهرت البدائل فيما يسمى بالزيوت المهدرجة أو المتحولة، التي تنقسم إلى نوعين، الأول يوجد طبيعياً بكمياتٍ صغيرة نسبياً في المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والحليب ومشتقاته، بينما النوع الثاني صناعي، وهو عبارة عن زيوت نباتية تتعرض للحرارة والضغط والهيدروجين لتتحول الزيوت من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة، حيث يتم الاعتماد عليها في تصنيع الأطعمة.
وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية والجمعية الأميركية للقلب أوصتا بألّا تزيد كمية الدهون المشبعة على 10%، والدهون المتحولة على 1% من مجموع السعرات الحرارية التي يتم استهلاكها يومياً، بما يعني ألّا يزيد ما يتناوله الشخص البالغ في اليوم الواحد على 22 غراماً من الدهون المشبعة، و2.2 غرام من الدهون المتحولة (على أساس أن النظام الغذائي يحتوي على 2000 سعرة حرارية يومياً).
وأكد التقرير أن وزارة التغير المناخي والبيئة تولي اهتمامها بالسلامة الغذائية، بهدف ضمان تداول منتجات سليمة وصالحة للمستهلك، والارتقاء بمستوى السلامة الغذائية في الدولة إلى أفضل المعايير والممارسات العالمية، مشيراً إلى أن الوزارة تتولى دوراً قيادياً ومسؤولية وضع السياسات والاستراتيجيات والتشريعات اللازمة لضمان سلامة الغذاء.
وأفاد التقرير بأنه في إطار حرص الدولة على ارتفاع مستوى السلامة الغذائية، تم إصدار القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2015، بشأن سلامة الغذاء ولائحته التنفيذية، إذ يتضمن القانون أهدافاً عدة، منها ضمان سلامة وملاءمة الغذاء المتداول، ومراقبته خلال مراحل السلسلة الغذائية، للتحقق من صلاحية المادة الغذائية للاستهلاك الآدمي، إضافة إلى حماية صحة المستهلك، من خلال إزالة أو الحد من كل المخاطر المرتبطة بالغذاء.وقال إن الوزارة تتولى التنسيق مع السلطات المحلية المختصة بسلامة الغذاء والجهات الاتحادية ذات العلاقة، ومنها هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس والهيئة الاتحادية للجمارك ووزارة الصحة ووقاية المجتمع ووزارة الاقتصاد، من خلال تشكيل اللجنة الوطنية لسلامة الغذاء منذ عام 2010، ومن مهام اللجنة اقتراح التشريعات واللوائح الفنية والمواصفات القياسية ذات الصلة بسلامة الأغذية.
ولخّص التقرير الإجراءات التي قامت بها الوزارة للحد من أضرار الدهون المهدرجة على صحة المستهلك في الدولة، لافتاً إلى أنه تم طرح موضوع الدهون المتحولة (الزيوت المهدرجة) في اجتماعات اللجنة عام 2012، حيث تم تكليف وزارة الصحة ووقاية المجتمع إعداد دراسة مقارنة بالإجراءات الدولية المتبعة للحد من خطورة استهلاك الدهون المتحولة، وجاءت نتائج الدراسة إلى أن تشريعات الدولة تخلو من إلزامية توفير بيانات على البطاقة الغذائية بشأن نسبة الدهون المهدرجة، وكذلك عدم وجود تشريع للحد من تناول الدهون المتحولة.
وأفاد بأنه نتيجة لتلك الدراسة، صدرت توصية اللجنة في ديسمبر 2013 بأن تحدث هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس اللائحة الفنية الخاصة باشتراطات البيانات الغذائية على البطاقة، حيث تم تحديث هذه اللائحة عام 2017، ودخلت حيّز التنفيذ في تاريخ الأول من أغسطس 2017، وتختص هذه اللائحة الفنية بمتطلبات وضع البيانات الإيضاحية التغذوية على بطاقة المنتجات الغذائية المعبأة، وتنطبق على كل الأغذية المعبأة، باستثناء بعض المواد الموضحة في اللائحة.
وأوضح التقرير أن اللائحة ألزمت منتجي ومستوردي الأغذية بإضافة الدهون المتحولة ضمن البيانات التغذوية المدرجة على بطاقة المنتجات الغذائية، والتي تشمل مقدار الطاقة والكربوهيدرات والدهون والبروتين والألياف والفيتامينات والمعادن الأخرى.
وقال: «للحد من تناول الدهون المتحولة تم إصدار لائحة فنية بشأن الدهون (الأحماض الدهنية) المتحولة بتاريخ 23 نوفمبر 2016، ألزمت مصنعي المنتجات الغذائية المحتوية على الدهون المتحولة بإيجاد بدائل لهذه الدهون، بأن يكون الحد الأقصى لمحتوى الدهون المتحولة في الأطعمة الأخرى 5% من إجمالي محتوى الدهون».
وأضاف التقرير أنه من الجانب التنظيمي لتداول الأغذية، أصدر مجلس الوزراء قراره رقم (26) لسنة 2017 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2015 بشأن سلامة الغذاء، ووفقاً لهذه اللائحة فإن الغذاء يعتبر ضاراً بالصحة إذا كان له تأثير في صحة المستهلك، سواء بعد تناوله مباشرة أو على المدى القريب أو البعيد، إذ يعاقب بالحبس مدة لا تقل على ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل على 100 ألف درهم، ولا تتجاوز مليوني درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تداول في أية مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية غذاء ثبت أنه ضار بالصحة.
وتتولى السلطات المحلية المعنية بالرقابة على الأغذية تنفيذ عمليات مكثفة من الرقابة والتفتيش على الأغذية المتداولة والمستوردة، كما تقوم بزيارات ميدانية دورية على المنشآت الغذائية من مصانع ومطاعم ومحال البيع بالجملة والتجزئة، والأسواق التجارية وغيرها، لمراقبتها للتأكد من مراعاة الممارسات الصحية الجيدة، بالإضافة إلى التأكد من تطبيق أحكام القانون الاتحادي في شأن سلامة الأغذية، ولائحته التنفيذية واللوائح الفنية والمواصفات القياسية، ومنها مطابقة البطاقات الغذائية للتأكد من الالتزام بكتابة الدهون المتحولة ضمن البيانات التغذوية للمنتج، كما يتم أخد عينات للتأكد من الالتزام بالحد الأقصى للنسب المسموح بها للدهون المتحولة في الأغذية.
وشدّد التقرير على أن الوزارة لم تتلق أي إخطارات أو مخالفات تتعلق بالزيوت المهدرجة في المنتجات الغذائية على مستوى الدولة، استناداً إلى النظام الوطني لاعتماد وتسجيل الأغذية (زاد)، الذي تديره الوزارة، والذي يتم من خلاله تسجيل الأغذية بعد التأكد من استيفاء متطلبات التسجيل، وإجراء التحاليل المخبرية اللازمة لمطابقة المنتج للمواصفات القياسية واللوائح الفنية.
وذكر أنه في العام الماضي أطلقت منظمة الصحة العالمية استراتيجية عالمية بشأن منع استخدام الدهون المتحولة صناعياً بشكلٍ نهائي بحلول عام 2023، أسوة بما هو معمول به في بعض الدول مثل الدنمارك، موضحاً أنه لتحقيق هذا الهدف داخل الدولة، تم تشكيل اللجنة الوطنية للتقليل من استهلاك الملح والدهون المشبعة والمتحولة، برئاسة وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وعضوية ممثلين عن وزارة التغير المناخي والبيئة، والسلطات المحلية المعنية بالرقابة على الأغذية، بهدف تبني وتنفيذ استراتيجية منظمة الصحة العالمية.
منع الأغذية الضارة
أفاد تقرير وزارة التغير المناخي والبيئة بأن الوزارة تتمتع بعضوية عدد من المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بإصدار التشريعات والأنظمة والقوانين المتعلقة بسلامة الغذاء، وفقاً لآخر الدراسات والأبحاث العلمية، كما ترتبط مع أنظمة الإبلاغ والإخطار الدولية والإقليمية المتعلقة بسلامة الغذاء، ومنها نظام الإنذار السريع الأوروبي للأغذية والأعلاف، ونظام الإنذار الخليجي السريع للأغذية.
وأوضح أن هذه الشراكات تتيح للوزارة المتابعة المستمرة للمستجدات والإخطارات لمنع دخول الأغذية الضارة بالصحة والمغشوشة والمضللة والمخالفة للوائح الفنية والمواصفات القياسية، والتي يتم تعميمها على كل السلطات المعنية بالرقابة الغذائية.
الامارات اليوم