شهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي أمسية “يوم زايد للعمل الإنساني” التي أقيمت في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، برعاية وزارة شؤون الرئاسة، وتنظيم الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، بالتعاون مع مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي بمناسبة “يوم زايد للعمل الإنساني” الذي يصادف 19 رمضان من كل عام.

وحضر الفعالية إلى جانب سموه، معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، والشيخ عبدالله بن محمد بن خالد آل نهيان، وعدد من المسؤولين والشخصيات الدينية في الدولة، وجمع غفير من المصلين.

وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” أسس نموذجاً ملهماً للعمل الإنساني يشكل التسامح ركيزته الأساسية.

وأشار سموه إلى أن مسيرة العطاء الإنساني لدولة الإمارات تتواصل في ظل دعم ورعاية قيادة الدولة الرشيدة التي تحرص على تعزيز استدامة قيم الخير والتسامح والتعايش المشترك الراسخة في الدولة.

وأشاد سموه بجهود المؤسسات والجهات الخيرية والإنسانية في الدولة، وحرصها على تنفيذ البرامج والمبادرات التي تشمل العالم أجمع، مشيراً إلى أن “يوم زايد للعمل الإنساني” مناسبة لشحذ الهمم ومضاعفة الجهود الإنسانية، لتعزيز مكانة الدولة منارة للعطاء الإنساني العالمي.

وتحدث معالي عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي خلال الأمسية عن التسامح الإماراتي في عيون العالم، وقال إن “اللقاء في هذه الليلة المباركة من هذا الشهر العظيم لتجديد ذكرى قائد فذ ورائد عظيم، ولنقف وقفات للاعتبار، وقفات مع الذات والتاريخ، تحيي في النفوس قيم الخير والفضيلة من خلال تنسم نسمات طيبة من شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”.

وأشار معاليه إلى أن الحديث عن التسامح في شخصية زايد حديث لا ينفد، وموضوع متجدد لقيم الخير والمحبة التي كان يحملها، ورؤية تتجسد كل يوم في سلوك أبنائه وأحفاده وشعبه شعب الإمارات الكريم وجميع محبيه في العالم.

من جانبه قال سعادة تركي بن عبدالله الدخيل سفير المملكة العربية السعودية لدى الدولة، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” منارة للتسامح، فقد أرسى دعائم دولة الإمارات على قيم التسامح والتعايش، وحرص على أن تكون الإمارات رمزاً يجمع مختلف الثقافات والجنسيات والأديان”.

من جهته، أكد صاحب النيافة الأنبا بيشيوي من الكاتدرائية القبطية في أبوظبي، أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حرص على مد جسور الصداقة مع مختلف دول العالم بكل أطيافه وانتماءاته.

وخلال الفعالية سلّط سعادة عمر حبتور الدرعي المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، الضوء على أسس “الأخوة الإنسانية” في فكر الشيخ زايد.

وأشار إلى أن الأساس الأول للأخوة الإنسانية في فكر الشيخ زايد يتمثل في مراعاته للبعد الفطري والخلقي مع البشر جميعاً، فإيمانه بالأخوة الإنسانية نابع من فطرته السليمة وأخلاقه العالية وصفاته الشخصية وميوله الطبيعية وعاداته العربية الأصيلة.

ولفت إلى أن الأساس الثاني لرابطة الأخوة الإنسانية عنده “رحمه الله”، هو العمق الديني، فقد كان إيمانه بالدين أنه دين أخوة ومحبة ومصدر طمأنينة وسعادة لجميع البشر، إذ التقى الشيخ زايد ذات يوم مع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في عام 1993 وجرت بينهما محادثات كان من مخرجاتها ما صرح به الأمير تشارلز بأنه أدرك المفهوم الحقيقي للدين الإسلامي المعتدل من الشيخ زايد، الذي قال “طيب الله ثراه” في تلك الجلسة، إن “الإسلام دين رحمة وتسامح ومحبة وغفران وتفاهم وخطاب عقلاني وتقارب بين البشر ومعاملة بالتي هي أحسن، ولا يعرف العنف الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدعون الإسلام زوراً”، فقد كان “رحمه الله” يحمل هذه المسؤولية على عاتقه ويوضح للعالم ولغير المسلمين على الخصوص ما يدعو إليه ديننا من الأخوة الإنسانية”.

وقال: “كانت هذه الرسالة مهمة وأساسية في استراتيجية الأخوة الإنسانية عنده “رحمه الله”، ويدل عليها أيضاً الزيارة التي قام بها إلى الفاتيكان قبل 68 عاماً، ليسطر بتلك الزيارة المحطة الأولى لتلاقي أديان العائلة الإنسانية مع هذه الدولة”.

وأشار إلى أن ثالث الأسس لرسالة الأخوة الإنسانية عند الشيخ زايد “طيب الله ثراه” نظرته لهذا العالم كله على أنه عائلة واحدة، وهي الرابطة الحقيقية بين البشر. ورابع الأسس لهذه الرؤية الثاقبة في نهج زايد في الأخوة الإنسانية، أنها نظرة استشرافية تتجاوز في ارتساماتها محددات الزمان والمكان، تعتنق الماضي عبرة وذكرى وتصافح الحاضر استيعاباً وحلولاً، وتستشرف المستقبل قراءة وصناعة، لتضمن في شمولها هذا الريادة الحضارية التي تصنع الإنسان المنفتح الواعي والمبدع المتسامح الذي يحترم الآخر وينفتح على الثقافات الأخرى دون تردد.

وقد اطلع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان على هامش الفعالية على رواق تحت عنوان “منك نتعلم” نظمه مركز جامع الشيخ زايد الكبير انطلاقاً من رسالته الحضارية الداعية لتخليد سيرة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، ومآثره وقيمه الإنسانية النبيلة، وتضمن جدارية ضمت عدداً من القصص الملهمة في حياته وسردت وفق الخط الزمني لمحتواها التاريخي، إحياء للسيرة العطرة للشيخ زايد من خلال عرضها بصورة فنية تتيح لأكبر عدد من مرتادي الجامع الاطلاع على مشاهد ملهمة ومواقف مؤثرة في حياته، وتتوافق أهداف المعرض ومضمونه مع أهداف المركز في إحياء موروث الوالد المؤسس، وتخليد سيرته العطرة.

وقال سعادة الدكتور يوسف العبيدلي مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير، إن مسيرة الوالد المؤسس الشيخ زايد “طيب الله ثراه” الحافلة بالطموح والقيم الإنسانية والإنجاز، مصدر إلهام لمجتمع دولة الإمارات والعالم أجمع، وقدوة تحذو حذوها الأجيال، وإرث خالد من القيم. ويأتي تنظيم المركز للرواق ضمن منظومة من الأنشطة الثقافية التي تعد رافداً لرؤيته، في تخليد الأثر البارز الذي تركه الشيخ زايد “رحمه الله”، والذي رسخه كركائز لمجتمع متسامح يقوم على التعايش واحترام الآخر.

وأضاف: “يأتي اختيار اسم الرواق المقام بمقر الجامع، ترسيخاً للدور المؤثر للقائد الوالد كمدرسة للقيم، ونبراس اهتدت الأجيال بنور حكمته واستنارت ببصيرته على دروب العطاء غير المنقطع والطموح اللامحدود، مواصلة مسيرة بناء دولة حضارية أضحت نموذجاً تقتدي به الأمم، ومثالاً للنجاح الذي لايعرف المستحيل، وفق نهج ثابت من الأخلاق والقيم الرفيعة السامية التي رسخت مكانة دولة الإمارات في النفوس، وجعلت منها وجهة مثالية للقاصي والداني، وملاذاً لمن أراد مجتمعاً يسوده الرقي والسلام والتسامح والاحترام”.

وتم تصميم الجدارية بالتعاون مع الكاتبة الإماراتية الدكتورة فاطمة المزروعي التي اقتبست القصص من سلسلة “ثلاثية الشيخ زايد”، ورسومات الفنانة فاطمة البستاني.

وعكفت إدارة المركز في “يوم زايد للعمل الإنساني” على توزيع المصحف الصوتي على جميع المصلين في الجامع، والذي ضم عدداً من سور القرآن الكريم بصوت إمامي جامع الشيخ زايد الكبير إدريس أبكر ويحيى عيشان، إضافة إلى تنظيم برنامج استضاف عدداً من براعم أيتام الهلال الأحمر، قاموا بزيارة ضريح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والدعاء له بالرحمة والمغفرة.

وحرص المركز طوال الشهر الفضيل على تنظيم عدد من المبادرات والأنشطة الثقافية التي تتماشى مع قيم المركز المنبثقة من مآثر وقيم الوالد المؤسس، والتي حملت في طياتها التشجيع على الاقتداء بمآثره في الجانب الإنساني الذي ارتبط اسمه بعمل الخير والبذل والعطاء دون تفرقة بين دين أو لون أو جنس، كما عزز المركز دوره الفاعل في ترسيخ قيمة التطوع ضمن مبادراته الرئيسية، هذه القيمة التي غرسها الوالد المؤسس بين أبناء شعبه وتتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.

المصدر: وام