توفي أول أمس الفيلسوف الفرنسي الكبير ميشال سير عن 89 عاماً، الذي يعد من آخر رواد الجيل الفلسفي الأخير في فرنسا وأوروبا، والذي جعل من الفلسفة طريقة نضال من أجل مجتمع جديد وإنسان جديد بعدما تراكمت مشكلات العصر في توجهاتها المختلفة.
فيلسوف وأديب، ومفكر موسوعي غزير الإنتاج، متعدد الاهتمامات، وأحد أبرز الوجوه في المشهد الثقافي الفرنسي المعاصر، تتوزع كتاباته في ميادين عدة: الفلسفة، تاريخ العلوم، الاتصالات، التقنية، الرياضيات، الفيزياء، الأدب، الموسيقىز
حاز الراحل وسام الشرف الفرنسي العام 1985، والعديد من الجوائز والأوسمة في فرنسا وخارجها مكافأة له على اسهاماته المعرفية والفكرية. ومن أعماله: “نظام ليبنتر ونماذجه الرياضية” (1968)، “أوغست كانط: دروس في الفلسفة الإيجابية” (1975)، “هرمس” (1977)، “العقد الطبيعي” (1991)، “المناظر الطبيعية للعلوم” (2000)، “اختلافات في الجسد” (2002)، “العلوم والرجل المعاصر” (2003)، “روايات صغيرة لمساء يوم الأحد” (2006)، “قصص عن الإنسانية” (2006)، “الإصبع الصغيرة” (2012)، بحسب “اندبندنت”.
وعلى الرغم من شهرته العالمية لم يترجم من كتب ميشال سير، التي تربو على الثلاثين إلى العربية سوى كتاب “الإصبع الصغيرة”، مما يدل على أنه مجهول عموماً لدى القراء العرب ما عدا الذين يقرأون بالفرنسية أو الإنجليزية.
يوضح سير أن التكنولوجيات الجديدة غيرت فقط من تصورنا للمكان والزمان، وهي لم تقلص المسافات، بل حذفتها تماماً. وفي رأيه أن وجود التكنولوجيا الرقمية غيّر العلاقات بين الناس لسبب بسيط جداً، ويوضح هذا السبب، قائلاً: “أنا أستاذ، وعندما كنت أدخل إلى الصف قبل 30 سنة تقريباً، لم يكن الطلاب على علم بموضوع المحاضرة. أما اليوم فإنني على يقين، أن معظم الطلاب بحثوا من خلال الإنترنت عن موضوع المحاضرة. هناك نوع من المساواة بيني والطالب، لأنه أكثر دراية مما كان عليه في الماضي. ولذلك فقد تغيرت العلاقة بين المعلم والطالب. مثال آخر: عندما تكون مريضاً، وتعتقد أن لديك مرضاً معيناً، فإنك قبل الذهاب إلى الطبيب تلقي نظرة من خلال الإنترنت عن المعلومات حول هذا المرض، بالتالي يمكنك في بعض الأحيان تقييم الطبيب واعتباره غير كفؤ. في الوقت الحاضر يجب أن يعرف الطبيب أن لديك بعض المعلومات عن هذا المرض. ولذلك فالعلاقة بين الطبيب والمريض تغيرت نتيجة تغير العلاقات التي تتعلق بمعظم المهارات”.
وكان سير أعرب عن اهتمامه بظهور الفلسفة السياسية الجديدة، التي تتناول البيئة الرقمية في القرن الـ 21، وقال “أعتقد أن من هذا المكان الذي بلا قانون- الإنترنت- سوف يظهر قانون جديد، مختلف تماماً عن قانون فضائنا القديم”.
في كتب مثل “العقد الطبيعي” و”الحواس الخمس” و”عينان” وسواها، حاول سير أن يؤكد أنه مأخوذ بأفكار لا تخشى التململ والتيه. وهو يُصرّ، على غرار الفلاسفة الإغريق، على تحفيز الناس على الحركة. فالمعرفة بنظره مرتبطة بالحركة دوماً، والحركة ترادف الحياة.
البيان