أكد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن المملكة لا تريد حرباً في المنطقة، إلا أنها لن تتردد في التعامل مع أي تهديد لشعبها وسيادتها ومصالحها الحيوية.

وأوضح سموه في حوار مع صحيفة “الشرق الأوسط” في عددها الصادر اليوم الأحد، نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن الاعتداءات على ناقلات النفط في الخليج، واستهداف منشآت نفطية في المملكة، ومطار أبها، تؤكد أهمية مطالبنا من المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم أمام نظام توسعي يدعم الإرهاب وينشر القتل والدمار على مر العقود الماضية، ليس في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع، منتقداً توظيف إيران العوائد الاقتصادية للاتفاق النووي في دعم أعمالها العدائية بالمنطقة ودعم آلة الفوضى والدمار.

وقال ولي العهد السعودي إن المملكة أيدت إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران إيماناً منا بضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفاً حازماً تجاه إيران، معرباً عن أمله في أن يختار النظام الإيراني أن يكون دولة طبيعية وأن يتوقف عن نهجه العدائي.
وفيما يلي مقتطفات من الحوار:
– تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة اضطرابات خطيرة تهدد أمن المنطقة واستقرارها والعالم أجمع. ما موقف المملكة تجاه هذه الأحداث؟ وكيف ستتعامل المملكة مع هذا التصعيد؟

إن موقف المملكة واضح كما جاء في بيان حكومتها. المملكة لا تريد حرباً في المنطقة، ولكننا لن نتردد في التعامل مع أي تهديد لشعبنا وسيادتنا ومصالحنا الحيوية. إن أولويتنا هي مصالحنا الوطنية، وتحقيق تطلعات شعبنا من خلال أهداف رؤية المملكة 2030 الاقتصادية والاجتماعية، والتنمية والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وهذا يتطلب بيئة مستقرة ومحفزة داخل المملكة وفي المنطقة، لذا ستجد أن دور المملكة، سواء في منطقة الخليج أو في شمال أفريقيا أو في منطقة القرن الأفريقي وغيرها، هو دور داعم للاستقرار والسلام، وهو النهج الذي سارت عليه المملكة منذ تأسيسها الساعي دوماً لنبذ التفرقة والطائفية والتطرف والحفاظ على وحدة واستقرار المنطقة والسلم الدولي.
كما أن للمملكة دوراً مهماً في المجتمع الدولي يتمثل في جهودها من أجل تأمين وصول إمدادات النفط عبر الممرات الحيوية التي تحيط بها، وذلك في سبيل حماية استقرار الاقتصاد العالمي. وقد رأى العالم كيف تعاملنا مع الناقلة الإيرانية في البحر الأحمر وفق ما تمليه علينا أخلاقياتنا ومبادئنا والمواثيق والأعراف الدولية. وبالمقابل نجد النظام الإيراني ووكلاءه الذين قاموا بأعمال تخريبية لأربع ناقلات بالقرب من ميناء الفجيرة، منها ناقلتان سعوديتان، مما يؤكد النهج الذي يتبعه هذا النظام في المنطقة والعالم أجمع. والدلائل على ذلك كثيرة وواسعة ومتكررة على مدى سنوات طويلة.

مرت أربعة أعوام على بدء عمليات التحالف في اليمن. كيف تنظرون إلى ما تحقق من تقدم على الصعيدين السياسي والعسكري. وما فرص إنهاء الأزمة اليمنية، خصوصاً بعد التوصل إلى اتفاقات استوكهولم، وبعد الهجوم الإرهابي الذي نفذته ميليشيات الحوثي على المضخات النفطية في المملكة ومطاري نجران وأبها؟

– ينسى كثيرون، أو يتناسون، كيف بدأت الأزمة في اليمن. عمليات التحالف بدأت بعد أن استنفد المجتمع الدولي كل الحلول السياسية بين الأطراف اليمنية وميليشيات الحوثي. ولابد من التذكير هنا بأن المملكة هي رائدة الحل السياسي، وهي التي قدمت المبادرة الخليجية وعملت على تحقيق انتقال سياسي سلمي في اليمن في عام 2011، ودعمت الحوار الوطني، وقدمت أكثر من 7 مليارات دولار دعماً اقتصادياً وتنموياً لليمن بين أعوام 2012 و 2014، وكانت جهود المملكة منذ عام 2011 تهدف إلى تحقيق انتقال سياسي سلس في اليمن بما يحافظ على استقلال اليمن وسيادته وتماسك مؤسساته السياسية والأمنية، منعاً لدخوله في حالة الفوضى. وبالفعل وقعت الأطراف اليمنية في الرياض على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. واشتركت كل الأطراف اليمنية، بما في ذلك الحوثيون، في الحوار الوطني اليمني الشامل. وبكل أسف قامت إيران من خلال الميليشيات التابعة لها بتعطيل المسار السياسي في اليمن، والبدء باحتلال المدن اليمنية والاستيلاء على مقدرات الدولة اليمنية، وقد أعطت المملكة كل الفرص لمعالجة الوضع بشكل سلمي، لكن إيران كانت تراهن على سياسة فرض أمر واقع عبر السلاح في الدول العربية، وللأسف لم يتصد المجتمع الدولي آنذاك لنهج إيران التوسعي والطائفي، ولذلك استمرت عبر ميليشياتها في محاولة بسط سيطرتها على اليمن. لكن الشعب اليمني وقف هو وقيادته موقفاً تاريخياً أمام هذا التدخل الإيراني، ولم نتأخر مع أشقائنا دول التحالف في المسارعة إلى الاستجابة للحكومة الشرعية لحماية اليمن وشعبه، وحماية أمننا الوطني، فلا يمكن أن نقبل في المملكة بوجود ميليشيات خارج مؤسسات الدولة على حدودنا.
ولله الحمد، تم تحرير معظم أراضي اليمن، وقد دعمنا الجهود كافة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. ولكن للأسف، ميليشيات الحوثي تقدم أجندة إيران على مصالح اليمن وشعبه الكريم، ورأينا مؤخراً الهجوم الحوثي الإرهابي الآثم على المنشآت النفطية ومطار نجران، وتبجح القيادات الحوثية في تبنيه، وهو أمر يثبت مرة أخرى أن هذه الميليشيات لا تأبه بمصالح الشعب اليمني، وبأي مسار سياسي لحل الأزمة اليمنية. أفعالهم تعكس أولويات طهران واحتياجاتها، وليس صنعاء.
موقفنا في التحالف فيما يتعلق بإنهاء الأزمة اليمنية واضح جداً، فنحن نؤيد جهود التوصل لحل سياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، ونقبل مشاركة الأطراف اليمنية كافة في العملية السياسية، ولكن وفق ما نصت عليه المرجعيات الثلاث. فلن تقبل المملكة استمرار الميليشيات وبقاءها خارج مؤسسات الدولة، وسعياً لتحقيق هذا الهدف النهائي، سنواصل عملياتنا ودعمنا للشعب اليمني في سعيه لحماية استقلاله وسيادته مهما كانت التضحيات. وفي الوقت نفسه ستواصل المملكة عملها على الصعيدين الإنساني والاقتصادي، وفي مجال إعادة إعمار المناطق المحررة، فهدفنا ليس فقط تحرير اليمن من وجود الميليشيات الإيرانية، وإنما تحقيق الرخاء والاستقرار والازدهار لكل أبناء اليمن.

هل التوافق في الرؤية مع الجانب الأميركي حيال إيران ينطبق على الوضع في سوريا، خصوصاً في ضوء القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا؟

– يوجد اتفاق حيال الأهداف في سوريا، وهي هزيمة تنظيم داعش، ومنع عودة سيطرة التنظيمات الإرهابية، والتعامل مع النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في سوريا، واستخدام الوسائل المتاحة كافة لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرار 2254، بما يحافظ على وحدة سوريا، ونعمل مع الدول الصديقة لتحقيق هذه الأهداف.

كيف تنظرون سموكم لزيارة رئيس الوزراء الياباني مؤخراً لإيران والتقائه بالمرشد الأعلى الإيراني؟

نشكر رئيس الوزراء الياباني على نياته الطيبة، ويد المملكة دائماً ممدودة بالسلام بما يحقق أمن المنطقة واستقرارها. إلا أن النظام الإيراني لم يحترم وجود رئيس الوزراء الياباني ضيفاً في طهران، وقام أثناء وجوده بالرد عملياً على جهوده، وذلك بالهجوم على ناقلتين إحداهما عائدة لليابان، كما قام عبر ميليشياته بالهجوم الآثم على مطار أبها، ما يدل بشكل واضح على نهج النظام الإيراني ونياته التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها، فإيران هي الطرف الذي يصعّد دائماً في المنطقة، ويقوم بالهجمات الإرهابية والاعتداءات الآثمة بشكل مباشر أو عبر الميليشيات التابعة. المشكلة في طهران وليست في أي مكان آخر، وكما ذكرت، على إيران الاختيار إما أن تكون دولة طبيعية لها دور بناء في المجتمع الدولي أو أن تبقى دولة مارقة وتتحمل عواقب هذا الأمر دولياً.

كيف ينظر سموكم إلى ما يشهده السودان من اضطرابات وتحولات سياسية؟

يهمنا كثيراً أمن السودان واستقراره، ليس للأهمية الاستراتيجية لموقعه وخطورة انهيار مؤسسات الدولة فيه فحسب، ولكن نظراً أيضاً إلى روابط الأخوة الوثيقة بين الشعبين. لقد كان إخواننا وأخواتنا من السودان – ولا يزالون – جزءاً من نسيجنا الاجتماعي، أسهموا مساهمات مشهودة في مسيرتنا في مختلف المجالات. ولن ندخر جهداً في المملكة لتحقيق الاستقرار والأمن للسودان وشعبه الكريم. لقد عبرنا في المملكة عما تم اتخاذه من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني، وقدمنا كجزء من واجبنا تجاه الأشقاء في السودان، حزمة من المساعدات الاقتصادية، إضافة إلى إيداع مبلغ 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني. سنستمر في موقفنا الداعم لأشقائنا في مختلف المجالات حتى يصل السودان لما يستحقه من رخاء وازدهار وتقدم.

المصدر: الاتحاد – أبوظبي