تكثف الوجهات السياحية في الدول المختلفة من عروضها الترويجية في دولة الإمارات، خلال موسم الصيف، من أجل استقطاب السائحين من الدولة، مستغلة رغبة العديد من الأسر في قضاء إجازة صيفية في الخارج والتمتع بالمقومات والمزايا التي لا يمكن مقاومتها.
ونظراً لجاذبية تلك العروض، يضطر عدد من الأسر المقيمة في الدولة إلى طرق أبواب البنوك من أجل الحصول على قروض أو استخدام البطاقات الائتمانية لتدبير نفقات السفر، لاسيما أن الشهور الماضية شهدت زيادة الإغراءات وعروض السفر إلى الخارج، وتنوعها ما بين تخفيضات على الإقامة في الفنادق، وتسهيلات في منح التأشيرات، والترويج للمعالم السياحية ووجهات التسوق وغيرها.
يرى خبراء ماليون أنه رغم اهتمام الأفراد بالسفر لقضاء عطلة صيفية في الخارج، فإن تدبير نفقات ذلك يجب أن يكون من الموارد الذاتية أو من المدخرات، تجنباً للتعرض إلى ضغوط ومشاكل مادية في المستقبل، محذرين من الإفراط في استخدام البطاقات الائتمانية أثناء السفر والانسياق لإغراءات التسوق أثناء العطلات الصيفية، إذ أن ذلك الأمر يترتب عليه تبعات مالية فيما بعد، قد يعجز رب الأسرة عن تغطيتها في ظل ارتفاع الفائدة والرسوم والغرامات، في حال التأخر عن سداد المستحقات على البطاقات الائتمانية في موعد استحقاقها.
وكانت إحصائيات لبنك الإمارات دبي الوطني، تم الإعلان عنها في منتصف العام الماضي، أظهرت أن نسبة الحاصلين على قروض شخصية من البالغين من سكان الإمارات تبلغ 44%، في حين بلغت نسبة الحاصلين على قرض من رصيد بطاقة الائتمان 55%، كاشفة أن 19% من البالغين في دولة الإمارات تأخروا في سداد الالتزامات المستحقة عليهم خلال العام السابق.
وأكدت الإحصاءات أن 94% أبلغوا بتعرضهم لضغوط مالية، مشيرة إلى أن 25% من البالغين في الإمارات يجدون أقساط الديون التي يسددونها شهرياً (مجهدة)، لاسيما وأن نسبة لا تتجاوز 38% من البالغين من سكان الإمارات لديهم ثقافة مالية.
إغراءات السفر
يعد التسوق في الخارج من الأمور المحببة إلى نفوس الكثيرين من المقيمين في الدولة، لاسيما عند زيارة وجهات التسوق العالمية مثل لندن وباريس وغيرها.
واستغلت الفنادق في تلك الدول، الرغبةَ في التسوق للترويج لنفسها في منطقة الخليج بشكل عام، عبر الإعلان عن قربها من مجموعة من أشهر وجهات التسوق والمعالم السياحية، إلى جانب الإعلان عن عروض حصرية لجذب المقيمين في دولة الإمارات، مستغلة الطبيعية الأخاذة والمدن التاريخية والشوارع المحفوفة بمختلف أشكال الفنون، والشواطئ الرملية، والحياة الليلية النابضة بالحياة وتوافر مراكز التسوق، وغير ذلك.
وأعلن فندق شيراتون جراند لندن بارك لين عن عرض خاص لسكان دول الخليج، وقال إنه على مدى سنوات كان الوجهة المفضلة لدى الزوار من المنطقة العربية والسياح من دول الخليج، واستقبل العام الماضي أعداداً كبيرة من الضيوف، محققاً نسبة إشغال تعد الأعلى للنزلاء القادمين من دول الخليج، وخصوصاً العائلات والأزواج، مرجعاً ذلك إلى موقعة بالقرب من مجموعة من أشهر وجهات التسوق والمعالم السياحية، وكونه أحد أقدم الفنادق وأشهرها في لندن، حيث تحيط به الحدائق الملكية في لندن. إلى ذلك، طرحت مجموعة هيلتون عروضها السنوية للصيف، وقال سايمون فنسنت، رئيس مجموعة هيلتون في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، إن المجموعة أعلنت عن أحدث فنادقها في إسبانيا من أجل جذب المزيد من السائحين من منطقة الخليج والشرق الأوسط، وذلك في مدينة «ملقة» التي تعد واحدة من أكثر الوجهات شعبية في أوروبا، حيث توافدت أعداد كبيرة من السياح إليها، حتى بلغ العدد 12.5 مليون سائح العام الماضي، مؤكداً أن «هيلتون» ترغب في توسيع محفظتها من الفنادق بنسبة 50% في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.
وفي الإطار ذاته، دخل عدد من الوجهات السياحية الجديدة إلى مجال التنافس على جذب السائحين من دولة الإمارات، حيث أعلنت مجموعة فنادق ومنتجعات «لوتي» والتي تعد أكبر مؤسسة للفنادق في كوريا الجنوبية اهتمامها بسوق الشرق الأوسط، وشاركت كأول هيئة كورية مستقلة في دورة عام 2019 من سوق السفر العربي.
وتدير المجموعة 30 فندقاً (19 في كوريا و11 في الخارج) في 7 دول، وروجت لأحد فنادقها في مدينة سيؤول والذي يقع في أعلى ناطحة سحاب تمثل كوريا الجنوبية، بأنه يذكر من يراه ببرج خليفة في دبي.
وبحسب جانج هوان كيم، الرئيس والمدير التنفيذي لفنادق ومنتجعات لوتي، فإن المجموعة ومع إضافة تسعة فنادق جديدة خلال عامين فقط، تعمل على زيادة وجودها وتوسعها العالمي في قطاع الفنادق، فقد أصبحت أول شركة كورية تشارك بنجاح في سوق السفر العربي لعام 2019 وهو أكبر سوق عالمي للسياحة والمؤتمرات في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن المجموعة تركز على تحسين الوعي بالعلامة التجارية في سوق الشرق الأوسط لتأمين العملاء المحتملين، وذلك في إطار سعيها لأن تصبح واحدة من أفضل العلامات التجارية الثلاث في آسيا.
وتعد حفلات الصيف من أهم الإغراءات التي تروج لها الوجهات السياحية في الخارج لاستقطاب السائحين من دولة الإمارات، وكان من أحدث تلك الوجهات مالطا التي تروج لانعقاد النسخة الثانية من حفلات صيف مالطا في الفترة من 11 إلى 17 أغسطس المقبل، عبر مواقع عدة على جزيرة مالطا، حيث أكدت مشاركة عدد كبير من الفنانين المحليين والدوليين والفرق الموسيقية، إلى جانب عدد من لاعبي كرة القد. وقال كارلو ميكاليف، نائب المدير التنفيذي ومدير التسويق في هيئة مالطا السياحية، إن جزيرتي مالطا وغوزو نجحتا خلال السنوات الثلاث الماضية في التطور والنمو سنوياً، بتنظيم فعاليات مرموقة تتحدى بها أشهر الوجهات السياحية في أوروبا، منوهاً بأن مالطا أصبحت وجهه صيفية مثالية للفعاليات الموسيقية والمائية المعروفة دولياً، خاصة أن الفنانين المعروفين من شتى أنحاء العالم ينجذبون إلى مالطا للعمل مع المواهب المحلية في مهرجانات الموسيقا والثقافة والفنون العصرية والطعام والرياضة، وغيرها.
كما أعلنت اللجنة المنظمة لموسم جدة إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية التي تستهدف بشكلٍ خاص زوار هذا الحدث، والذي يهدف لإبراز الفرص التنموية وتسليط الضوء على المملكة كإحدى الوجهات السياحية، وفي خطوة تأتي ضمن الجهود المبذولة لرفع زخم تدفق السياح والزوار إلى المدينة الساحلية، والمساهمة في إنجاح موسم جدة في نسخته الأولى. وأشار المهندس رائد أبوزنادة، المشرف العام على موسم جدة، إلى أن إصدار التأشيرة السياحية الإلكترونية يرتبط بشراء تذاكر لأيٍ من الأحداث والفعاليات التي يحفل بها الموسم، حيث يضمن شراؤها الحصول على التأشيرة بشكل فوري وفي غضون ثلاث دقائق فقط، وذلك من خلال تسجيل الدخول على منصة «شارك» واتباع الإرشادات البسيطة اللازمة.
وفي خطوة مماثلة، أعلنت تايلاند إعفاء مواطني 21 دولة من رسوم التأشيرة وعقد مكتب الهجرة والشرطة الملكية التايلاندية، شراكة مع «في إف إس غلوبال» لتقديم خدمة التأشيرة التايلاندية الجديدة عند الوصول، حيث يمكن تقديم طلب التأشيرة من المنزل وتسلم التأشيرة خلال 24-72 ساعة عن طريق البريد الإلكتروني، من أجل تسريع إجراءات السفر في مطارات تايلاند وتجنب قوائم انتظار التأشيرة الورقية الطويلة، مع تخفيف أعباء حمل مستندات السفر، بالإضافة إلى أنه لم يعد هناك حاجة إلى حمل عملات نقدية للدفع.
وذكرت جمعية مقاطعة أورانج للزوار أن المقاطعة الموجودة بجنوب كاليفورنيا، قد رحبت بنحو 50.6 مليون زائر خلال عام 2018، حيث تجاوز الإنفاق 13 مليار دولار أميركي، بزيادة 4.2% عن العام السابق، مشيرة إلى أن الإنفاق من زوار الشرق الأوسط في المرتبة الثامنة بين الزوار الدوليين.
تحذيرات
أعرب صلاح الحليان، المستشار المالي ومؤسس موقع «بيزات»، عن اندهاشه من إقدام بعض الأشخاص، سواء من المواطنين أو المقيمين، على الاقتراض من البنوك من أجل تدبير نفقات سفر الأسرة إلى الخارج في الصيف سنوياً، محذراً من الانسياق إلى إغراءات السفر إلى الخارج في ظل العروض التي تستهدف السائح من الإمارات، خاصة من قبل الوجهات السياحية وحتى البنوك ذاتها التي تتسابق إلى توفير العروض الخاصة بقروض لأغراض استهلاكية. وشدد الحليان، على أهمية أن يخطط المقيمون في الدولة للسفر إلى الخارج قبل موسم الصيف بفترة، وذلك عبر توفير نسبة من الدخل لا تقل عن 5% لأغراض السفر والعطلات، مؤكداً أن الاقتراض بهدف السفر هو مشكلة بحد ذاتها، فالاقتراض يجب أن يكون لسبب رشيد أو للحالات الطارئة وليس لسبب استهلاكي.
وحذر الحليان، من الاستخدام الزائد لبطاقات الائتمان خلال رحلة السفر، من أجل تجنب الوقوع فريسة للديون. وأشار إلى أن عدم الانتباه عند استخدام بطاقات الائتمان خلال التخطيط للسفر، يزيد مشكلة الديون التي قد تتراكم في ظل ارتفاع الفائدة على التأخر في السداد، ما يؤثر سلباً، ناصحاً الراغبين في السفر وممن لا يملكون القدرات المالية الكافية بالبحث عن وجهات سياحية قريبة من الدولة والإقامة في فنادق اقتصادية، بدلاً عن الإقامة في فنادق خمس نجوم في وسط المدينة.
بدوره، قال الدكتور نجيب الشامسي، الخبير الاقتصادي، إن الاقتراض من البنوك يكون معقولاً طالما كان موجهاً لأهداف أساسية في حياة الإنسان مثل الزواج أو التعليم أو تجديد وصيانة المنزل أو غير ذلك من الأغراض. وأكد أن الاقتراض الخاطئ هو الذي يتم من أجل شراء سلع كمالية أو رفاهية أو من أجل التباهي، مثل السفر للخارج أو لشراء سيارة فارهة، ناصحاً بدراسة الاحتياجات الفعلية قبل الحصول على قرض، حيث إن الاقتراض الخاطئ قد ينعكس بتداعيات سلبية اجتماعية وأسرية.
خبراء يحذرون من أعباء «الائتمانية» أثناء السفر
دائماً ما ينصح الخبراء الماليون، أفراد المجتمع بعدم الاعتقاد بأن رصيد البطاقات الائتمانية التي في حوزتهم هو مال مملوك لهم ينفقونه وقتما شاءوا، حيث إن غالبية أفراد المجتمع دائماً ما يقعون في فخ الإفراط في الإنفاق بالبطاقات الائتمانية عند سفرهم إلى الخارج، ومن ثم يفاجؤون عند العودة بأعباء مالية ورصيد مستحق على البطاقة يفوق تصوراتهم.
ويؤكد الخبراء أن تكلفة استخدام بطاقة الائتمان أثناء السفر تبلغ أكثر من ضعفي تكلفة استخدامها في داخل الدولة، نظراً إلى الفارق في سعر تحويل العملة من الدرهم إلى عملة الدولة التي يسافر إليها حامل البطاقة، وكذا رسوم المعاملات المصرفية الخارجية التي تحتسب حتى عند التسوق عبر الإنترنت، ورسوم السحب النقدي من ماكينات الصراف الآلي في الخارج، والتي تصل إلى 3% من قيمة المعاملة.
وتحصل البنوك العاملة في الدولة، بين 2.99% إلى 7% كرسوم معالجة عند الدفع بالدرهم الإماراتي للمعاملات الدولية التي تتم عبر البطاقات الائتمانية في أثناء وجود العميل خارج الدولة، مع فرض رسم تحويل بقيمة 1.15% على جميع المعاملات الدولية المدفوعة بعملة الدرهم الإماراتي، في حين تكون رسوم المعالجة بنسبة 3% كجزء من رسوم التحويل الخاصة بالمعاملات المنفذة بالعملة الأجنبية. وأكدت البنوك أنه في حين قد يبدو الدفع بعملة الدرهم أكثر ملاءمة أثناء السفر وعند التسوق عبر الإنترنت، لكن حائز البطاقة في الواقع سيدفع أكثر في هذه الحالة، ناصحة العملاء بالدفع بالعملة المحلية دائماً للدول الخارجية التي يوجدون بها.
وأوضحت البنوك أنه إذا كان العميل الذي يريد الشراء من متجر على الإنترنت، موجوداً في الولايات المتحدة الأميركية أو موجوداً في أحد المتاجر المفضلة في مدينة لندن، ويريد الدفع باستخدام البطاقة، فإنه عند الدفع بالدرهم الإماراتي، سيدفع رسوم معالجة أعلى بنسبة تتراوح بين 3% إلى 7% على عملية الشراء؛ أي أنه سيدفع أكثر، مشيرة إلى أنه عند الدفع بالعملة المحلية في الدول الخارجية سيدفع العميل رسوم معالجة بنسبة 3% فقط، كجزء من رسوم التحويل الخاصة بالمعاملات المنفذة بالعملة الأجنبية، ما يعني أنه سيحقق وفراً.
وفي الإطار ذاته، نصح بنك الإمارات دبي الوطني عملاءه الذين يستخدمون البطاقات في الخارج بالدفع بعملة البلد التي يزورونها، وليس بالدرهم الإماراتي، منبهاً إلى أن القيام بهذا الأمر سيوفر على العميل رسوماً غير ضرورية. وأكد البنك أن الحصول على تجربة سفر خالية من المتاعب، يتطلب من العميل ضرورة تعبئة رصيد حساب بطاقة الخصم وضبط حدود السحب عبر البطاقة لتتناسب مع احتياجات السفر، داعياً العملاء إلى الحرص على أن يبقوا البنك دائماً على اطلاع عن المعلومات الخاصة برقم هاتفهم المتحرك، وعنوان البريد الإلكتروني وخطط السفر، حتى يتمكن البنك من التواصل معهم بسهولة إذا احتاجوا إلى أي مساعدة.
من جهته، نبه أسامة حمزة آل رحمة، المدير العام لشركة الفردان للصرافة، إلى ضرورة أن يدرك حامل البطاقة الأعباء المترتبة على استخدام البطاقة في الخارج، وأهمها سعر تحويل العملة من الدرهم إلى عملة الدولة التي يسافر إليها، وغالباً ما يكون الفارق كبيراً قياساً إلى سعر التحويل من شركات الصرافة قبل السفر للخارج. وقال: إن من الأعباء الأخرى، رسوم استخدام البطاقة في الخارج، والتي تصل إلى نسب كبيرة حال السحب النقدي من ماكينات الصراف الآلي في الخارج، موضحاً أن من الأخطاء الشائعة الإفراط في استخدام البطاقة الائتمانية إلى درجة تجاوز الحد الائتماني للبطاقة، حيث يترتب على ذلك المزيد من الرسوم والغرامات.
منتجات مصرفية للسفر
توفر بنوك محلية تغطية تأمينية شاملة (بوليصة تأمين) لعملائها من المسافرين للخارج، وذلك بالتعاون مع عدد من شركات التأمين وبهدف منح العملاء قيمة مضافة، حيث صممت هذه التغطية الجديدة بناء على الملاحظات الواردة من الشركاء والعملاء.
وتتضمن بوليصة التأمين الخاصة بالسفر 16 نوعاً من التغطية وهي فقدان الرحلة، تأخير السفر، تقليل عدد الرحلات، تأخر الأمتعة، فقدان الأمتعة الشخصية، ضياع النقود الشخصية، المساعدة في استخراج جواز السفر، النفقات الطبية الطارئة، المسؤولية الشخصية، المصروفات القانونية في الخارج، والتأمين على المنزل، إلى جانب تغطية تأمينية خاصة للعب الجولف، والغوص، والتزلج على الجليد، وعلى حفلات الزفاف لحماية الأزواج المسافرين إلى الخارج بغرض الزواج، وأيضاً رعاية الحيوانات الأليفة.
وأشارت البنوك إلى أن العميل يمكنه أن يحصل على بوليصة التأمين لرحلة واحدة أو بوليصة تأمين سفر سنوية، موضحة أنه في حالة بوليصة التأمين لرحلة واحدة، فإنها توفر تغطية لتلك الرحلة المحددة فقط، في حين أن بوليصة تأمين السفر السنوية تعد أكثر ملاءمة للشخص الذي يسافر لمرات أكثر خلال العام، نظراً لفاعليتها من حيث التكلفة؛ إذ ستغطي الرحلات المتعددة خلال السنة دون الحاجة إلى إخطار البنك، كما أن قيمة التغطية والمبالغ المحددة التي يتم تقديمها من خلال وثائق تأمين السفر السنوية ولرحلة واحدة متطابقة كلياً.
الاتحاد