هل تصدق أن قطعة من الحجر لا تزيد مساحتها على متر مربع واحد تصل قيمتها إلى نحو 400 دولار؟ وأن قيمة الجبل الذي تقتطع منه هذه القطعة تبلغ قيمته أكثر من مليار دولار؟

في الواقع، هذا الأمر صحيح بالمطلق، ذلك أن هذا الحجر ليس عاديا، إنه نوع من الرخام الإيطالي يعرف باسم “رخام كارارا”، وهو أحد أرقى وأروع أنواع الرخام في العالم، والذي استخدم على مر التاريخ في إنشاء بعض المباني الرائعة.

وكارارا مدينة إيطالية تقع في مقاطعة ماسا كارارا ضمن إقليم توسكاني (توسكانا بالإيطالية)، وتعتبر من أهم مراكز إنتاج الرخام في إيطاليا ويعرف هذا النوع من الرخام باسم “رخام كارارا”، وهو رخام أبيض اكتسب شهرته بلونه الأبيض النقي ويتم استخراجه من جبال الألب القريبة.

ومن بين الأمثلة على هذا النوع من الرخام، مبنى “البانتيون” في روما و”تمثال ديفيد” للنحات والفنان الإيطالي الشهير مايكل أنجلو، بالإضافة إلى الكثير الكثير من المباني والتماثيل التي تعود إلى العصور الرومانية القديمة.

ويأتي هذا الحجر الرخامي الفاخر من منطقة “أبوان ألبس”، وهي عبارة عن سلسلة جبال في شمال توسكاني تمتد لمسافة 58 كيلومترا ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى 2000 متر.

ويمكن القول إن محاجر الرخام في كارارا أنتجت من الرخام، عبر التاريخ، أكثر من أي مكان آخر على الأرض.

وتقدر القيمة السوقية الإجمالية لمحاجر كارارا بأكثر من 1.1 مليار دولار، وتنتج نحو 4 ملايين طن من الرخام كل عام، ويعمل فيها نحو 13 ألف شخص.

وإلى جانب قيمتها الصناعية والتجارية، ظهرت محاجز كارارا في السينما، ومن بينها فيلم جيمس بوند، حيث كان دانييل كريغ يقود سيارة أستون مارتن فوق المنحدرات الرخامية.

ويتم استخراج الرخام في كارارا باستخدام سلك ألماس قياس 5 ميلليمترات أو بواسطة المنشار الكبير.

ويعتمد سعر قطعة الرخام من محاجر كارارا على كيفية استخراجها وعلى عروقها، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكلف لوح من رخام ستاتيواريو أو كالاكتا أكثر من 11 ألف دولار للطن الواحد.

وفي العادة، يكون الأكثر تكلفة هو ذلك الرخام الذي يتم تصديره، بحسب موقع “بيزنيس إنسايدر”.

ووفقا للموقع، ففي العام الماضي، تم تصدير ما مجموعه 1.2 مليون طن إلى كل من الصين والولايات المتحدة وألمانيا على التوالي.

أما الرخام الذي لا يتم تصديره إلى الخارج، فتستخدمه الشركات المحلية وورش العمل الحرفية، التي تنتشر على طول المدن الساحلية في غربي توسكاني، لعل أبرزها مدينة بيتراسانتا، التي يطلق عليها لقب “مدينة الرخام” وذلك بسبب التدفق المستمر للفنانين عليها.

على عكس الشركات الأجنبية التي تسعى للحصول على أفخم ألواح الرخام، يبحث الحرفيون في بيتراسانتا عن الحجر المثالي الذي ينبض بالحياة، كما اعتاد مايكل أنجلو.

وقال النحات البارز فرانكو سيرفيتي لإنسايدر “عندما تصنع تمثالا، يمكن أن تتفكك بعض المواد، في حين أن هذه القطعة متجانسة إلى حد ما”.

وتنشر ورشة سيرفيتي نحو 200 طن من الرخام كل عام.