الفجيرة اليوم- إن العلاقة التي تربط أهالي الإمارات بشجرة النخيل، تعود إلى سنوات سابقة، إلى حياة الآباء والأجداد الذين لم يبخلوا عليها بالعناية والاهتمام، حيث كانت ومازالت تمثل مصدراً أساسياً بخيراتها وبفوائدها وارتباطها الوثيق بباني الإمارات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، حيث ساهم في أن تكون أساساً في حياة كل فرد، يستثمر خيراتها في مسكنه ومأكله وأيضاً من جانب إمداد بعض الحيوانات بالغذاء منها.
إمارة الفجيرة، تُزيّن أشجار النخيل شوارعها، ولاتخلوا المزارع منها، فإلى جانب أنها تزين المنظر العام للإمارة، لها العديد من الفوائد، وإن كانت بعض العادات والتقاليد والثقافات قد اندثر القليل منها في الحاضر، إلا أن شجرة النخيل وعلى مر الأيام مازالت لها مكانتها الخاصة، نلحظ ذلك جلياً حين نجد أصحاب المزارع أبناء هذا الوطن المعطاء يوفرون كل سبل العناية اللازمة بالنخيل، ويحرصون على الاهتمام بإنتاجها من الرطب ويحرصون أيضاً على تعليم الأجيال القادمة أهمية هذه الشجرة، ونشر التوعية بكل مايخصها والمساهمة في تعريف الجنسيات الأخرى على ماتمثله هذه الشجرة المباركة من قيمة حضارية عميقة، جسدتها بيئة الإمارات وعلاقتها الوثيقة بالنخلة.
“الفجيرة اليوم” إلتقت محمد خميس أحد مواطني إمارة الفجيرة في مزرعته التي لاتخلو من شجرة النخيل في قدفع، وقف محمد خميس على نقاط هامة حول شجرة النخيل، سرد تلك العلاقة الوطيدة التي تربط هذه الشجرة بابن الإمارات منذ الأزل، وكيف أن هذه العلاقة مازالت مستمرة بعمقها وأن الاختلاف قد يكون فقط في حداثة الإمكانيات والأدوات اللازمة للحفاظ على النخلة، التي هي بمثابة أم كما وصفها المواطن محمد، فمنها بنيت البيوت من جذع النخلة، وصنع الحصير من سعف النخيل وهو مايطلق عليه في الوقت الحالي “صناعات تحويلية”، إضافة إلى الحلويات وعلف الحيوانات فكانت هي المصدر للإنسان والحيوان.
يقول محمد خميس: “قديماً الأولين يقولون: من ليس لديه نخلة.. فقير”، فاكهتنا كانت التمر ومن النخلة وفرنا علف الحيوانات، وشجرة النخيل من الأشجار التي تقاوم الملوحة إلا أنها مع وفرة الماء تموت، لذلك يمكن اعتبار فصل الصيف موسم الرطب ووفرة الإنتاج”.
ذكر محمد خميس أنه من ملامح الاهتمام الخاص الذي توليه دولة الإمارات بالنخيل، أوردت شتلات لأصحاب المزارع لزراعتها والاستفادة من خيراتها.
ولحكمة رب العالمين، فالنخلة تحافظ على توفير الرطب طوال الموسم، وذلك بموجب أنها في إنتاجها للرطب الذي يختلف في مراحله يتم على مراحل بين النخلة الذكر والأنثى، ليتوزع الانتاج وفقاً لمراحل النضج طوال العام، فالنخلة محلياً يطلق عليها “قدم” و”أخر”، والقدم هو عندما تتقدم النخلة في الطلع، أما الأخر فحين يتأخر إنتاجها لآخر الموسم.
وأما الرطب، فمنه يُفرز أعلافاً للحيوانات ومنه الطازج للأكل ومنه يتم تخزينه وتجفيفه ليصنع منه الدبس الذي يتم صناعته في غرفة مغلقة لتفادي تأثره بالماء في موسم المطر.
ومن هنا حيث أصالة النخلة وفوائدها التي لاتُعد ولاتحصى، التي تعد مصدراً لاينضب للخير، يجسد اهتمام وتقدير أبناء هذا الشعب لها، حرص القيادة الرشيدة على نقل قيم الحفاظ على هذه الشجرة المباركة، وأهمية نقل تلك القيم للأجيال القادمة، ماكان نتاجه وفرة مزارع النخيل في الدولة لتشكل جزءً مهما في حياة أبناء الإمارات.
تصوير: مانوج