توقّع مبتكرو بودكاست أن يشهد سوق البودكاست في الإمارات نمواً قوياً لدى المستخدمين في الفترة المقبلة كوسيلة جديدة ومتنامية لاستهلاك المحتويات الرقمية، خصوصاً لدى جيل الشباب الذين يشكلون نحو 36% من سكان الدولة. وتوقعت دراسة حديثة لشركة «بي دبليو سي» و«IAB» أن تصل إيرادات صناعة البودكاست في العالم إلى حوالي 678 مليون دولار بنهاية 2019 وأكثر من مليار دولار بحلول 2021، بنمو أكثر من 48%، فيما توسّع شركات كبيرة مثل سبوتيفاي وغيرها محفظة خدماتها من البودكاست من خلال الاستحواذ على عدد من مقدمي «الوسيلة الجديدة المتنامية لاستهلاك المحتوى» حول العالم، والتي تعيش في هذه الآونة عصرها الذهبي بالنسبة لجيل الألفية الذي ينتظر الكثير منهم توظيف مهاراته التقنية وإطلاق صوته للعالم.

ولفت المبتكرون إلى أن مشهد البودكاست أصبح في الفترة الأخيرة في الإمارات والمنطقة عموماً أكثر تنوعاً وإثارة، مع تقديم أصوات جديدة ومجموعة واسعة من الموضوعات تتناول برامج حوارية تعبر عن المنطقة، ومصادر ملهمة للأعمال، وبرامج الترفيه والثقافة والرياضة، فيما يعود تاريخ مقاطع البودكاست في الإمارات إلى عام 2005 منذ أن قدمت «آبل» مقاطع البودكاست لعامة الناس من خلال برنامجها «آي تيونز» iTunes وبنظام «المحتوى الصوتي بحسب الطلب».

مشاركة مجتمعية

وتقول خيرة بندقجي، المنتجة السعودية لبودكاست «الزبدة»: لطالما أردت أن أكون جزءاً من محادثة البودكاست التي استضافت أشخاصاً شعرت بقربهم لي. أتذكر أنني عندما استمعت إلى البودكاست لأول مرة، كانت البودكاست GeekSpeak وFresh Air موجودة على مشغل «آبل بودكاست». وبعد سبع سنوات، قمت بتقديم بودكاست الزبدة الخاص بي إلى «آبل بودكاست كونيكت» Apple Podcast Connect«.

وتصف بندقجي، المؤسسة المشاركة السابقة لشبكة البودكاست مستدفر قائلة:»مشاركة المجتمع لا تُقدر بثمن، خاصة على منصة يمكن أن نشعر فيها بالوحدة أحياناً. ففي معظم الأوقات يتواصل المستمعون بعد مرور أشهر من العمل على البودكاست، وقد يكون هذا التأخير في استجابة المجتمع مثبطاً، ومن السهل أن ننسى الدافع وراء قيامنا بهذا. ولكن تقدم لنا الشبكات هذا المجتمع والشعور بالانتماء. لطالما أردت أن أكون جزءاً من محادثة البودكاست التي استضافت أشخاصاً شعرت بقربهم لي.

قضايا ثقافية

وقال مشاري العنيزي، مبتكر بودكاست Millennial Mirrors ومُقدمه: «لقد بدأت شخصياً البودكاست الخاص بي لأنني رأيت أنها وسيلة تساعد على إجراء المقابلات والمحادثات التي كنت أرغب في مناقشتها حول القضايا الثقافية التي تؤثر على جيلنا في الشرق الأوسط».

ويضيف العنيزي، وهو مؤسس مشارك كذلك في شركة إنتاج البودكاست Finyal: «قررنا إنشاء شركة لإنتاج البودكاست لنغطي ما اعتبرناها حاجة ناقصة في السوق لابتكار محتوى مثير للاهتمام ينبع من المنطقة ويبث لأهل المنطقة. أنا وشريكي نعشق البودكاست، وبما أننا في الشرق الأوسط شعوب نأتي من خلفية غنية بسرد القصص، فلماذا لا نعود إلى تلك الجذور بطريقة حديثة؟ كما نبيع الإعلانات على البودكاست لدينا، وبهذه الطريقة نحقق منها استفادة مالية».

مزايا

وتعتبر الاستضافة المجانية أحد المزايا الرئيسة للانضمام إلى شبكة بودكاست، فالإنتاج الصوتي عالي الجودة قد يكون مكلفاً، وتوفر الشبكة عادة لمعدّي بث البودكاست بيئة ومعدات مناسبة للتسجيل تتيح لهم التركيز على ابتكار المحتوى. علاوة على ذلك، قد يكون لدى معدّي البودكاست الراغبين في رفع مستوى برامجهم للحصول على جمهور أكبر أو الباحثين عن فرص تمويل لجمهورهم المتزايد فرص أفضل لتحقيق ذلك من خلال الانضمام إلى شبكة تسمح لهم بالتواصل بشكل أفضل.

وتنتشر في المنطقة العربية اليوم ثلاثة أنواع رئيسة من فئات البودكاست الصاعدة في منطقتنا وهي شبكات البودكاست، والبودكاست المستقلة، وبودكاست الوسائط التقليدية (المطبوعات، والتلفزيون، والراديو).

شبكات البودكاست

تعتبر شبكات البودكاست هي الأكثر شعبية. تتكون الشبكة من مجموعة من البرامج تُعرض في مكان واحد وتتناول مواضيع مختلفة وتبث في حلقات. يمكنك أن تعتبرها وكأنها بمثابة (Netflix للمحتوى الصوتي)، كل ما عليك فعله هو تصفح برامج الشبكة والبحث عن شيء تحبه، ثم البدء بالاستماع. جمعت شبكات البودكاست في الشرق الأوسط مثل Amaeya أو Finyal أو Sowt أو مستدفر، على سبيل المثال لا الحصر، الآلاف من المستمعين لكل حلقة، ولديها معدّي بودكاست مثيرين للاهتمام وبخلفيات مختلفة.

البودكاست المستقلة

ويعتبر البودكاست المستقلة نوعاً آخر من البودكاست ويشير إلى أفراد أو برامج غير مرتبطة بأية شبكة أو شركة، مثل أبجورة أو Looking forward with Laila Faridoon. وقد وجد الكثير منها جمهوراً مخلصاً وحتى فرص رعاية بفضل أسلوب التقديم الذي يرتكز على فكرة سرد القصص. وبالإضافة إلى المحتوى الجذاب، أصبحت منتديات البودكاست شائعة بين معدّي البودكاست المستقلين. وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط أول منتدى على الإطلاق نظمه فريق من معدّي البودكاست المستقلين الذين يجتمعون شهرياً، ما يوفر ملتقى مهماً يسمح لكل المشاركين في مجال البودكاست بالتواصل والمشاركة والنمو معاً.

وتقول ليلى فريدون، وهي مديرة تنفيذية في إحدى الشركات ومدربة أعمال ومؤلفة كتاب «هكذا وجدت جانبي المشرق: لقد تعرفت على البودكاست من أحد الأصدقاء، فكنت قد نشرت كتابي مؤخراً واقترح صديقي أن أقدم أفكاري ونصائحي في بودكاست، فالكتاب يدور حول حب الذات والرفاه. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام»آبل بودكاست«سهل جداً بدءاً من إنشاء الحساب إلى نشر الملف الصوتي، وشعرت بالفخر لأن نشرات البودكاست الخاصة بي أضيفت أخيراً أكبر مجلد بودكاست، حيث إن انضمامي إليها قد ساعدني في الوصول إلى الجماهير حول العالم».

بودكاست الوسائط تبنت أيضاً وسائل الإعلام التقليدية هذه الوسيلة ووسّعت قنواتها الإعلامية الحالية لتشمل البودكاست وتصل بذلك إلى جمهور أكبر وتوسع منصتها. إضافة إلى ذلك، فإن مجال البودكاست يوفر للناشرين فرصة لتقديم محتوى حصري ومشاركة الجماهير بشكل أفضل بفضل متابعة جمهور أكثر قيمة وعلاقة بالمحتوى مقارنة بالقنوات الأخرى.