لم تتوقع إحدى الأمهات الإماراتيات في مدينة العين أن إدمان ابنها الشاب «حمد» (28 عاماً، ويعمل في وظيفة حكومية مرموقة، إلى جانب إدارته مشروعه الخاص الذي يتمثل في إطلاقه لمطعم في إحدى إمارات الدولة) غير الطبيعي للعبة «بوبجي»، سيكسبه علاقات وصداقات أصبح يثق بها ثقة عمياء، ومنها صداقته مع الشاب «زيد» الذي يقطن في إحدى الدول العربية.

حيث أخبر الأخير الشاب المواطن، بعد توطيد صداقتهما، عن ظروفه الأسرية التي تعاني من التشتت، إلى جانب الظروف المادية الصعبة، لدرجة أن الجامعة أوقفت انتسابه إليها، لأنه لم يدفع الأقساط المطلوبة منه، كما أن والده لم يعد يصرف عليه مطلقاً، بل ويطالبه بالبحث عن عمل، حتى يتمكن من إعالة نفسه والعودة كطالب في الجامعة!

وبعد عدة مكالمات ومحادثات رأف «حمد» بحال صديقه، فما كان منه إلا أن قام بتحويل 30 ألف درهم حتى يستطيع «زيد» الصرف على نفسه، وشراء المستلزمات من مأكل ومشرب وملبس، ومنها دفع الأقساط ليعود طالباً في الحرم الجامعي.

وليس هذا فحسب، إذ وعد «حمد» صديقه أيضاً بتحويل مبلغ آخر بعد 3 أشهر، وصعقت والدته وأفراد الأسرة حال علمهم بما فعل «حمد» الذي دافع عن نفسه بتقديم الخير والمساعدة. إلا أنه عجز عن الرد على سؤال والدته: «هل تعلم يقيناً وحقيقة بظروف وأحوال صديقك العربي، حتى تقوم بتحويل مبلغ كبير كهذا»؟

وفي هذا الإطار قالت موزة مبارك القبيسي، سفير أممي في المسؤولية المجتمعية لـ «البيان»: «تعتبر لعبة بوبجي تطبيقاً إلكترونياً في العالم الافتراضي، وللأسف الشديد سحب هذا التطبيق أبناءنا من حيوية الحياة إلى عزلة الذات وتفكك العلاقات، وإيجاد عالم من العلاقات الوهمية الخاضعة.

إضافة إلى تأجيج نزاعات السيطرة والتمسك والمغامرة الوهمية في مقابل الانسحاب المعرفي والفكري والاجتماعي للأبناء من حياتهم وما حولهم. وينبغي نشر التوعية من خلال تكاتف الجهود المجتمعية حول هذه الممارسات الشبابية الخطيرة في ثوب لعبة جاذبة جمعت أقطاب الشباب من كل الجنسيات والمستويات في أيقونة واحدة خرجت من حيز الترفيه إلى حيز ناقوس الخطر».

وأضافت : «ندرك حقيقة بأن هذه اللعبة لم تُولد العنف فقط، وإنما الاستغلال المادي، فحينما تتوطد العلاقات الافتراضية من خلال هذه اللعبة تبدأ مرحلة الاستجداء من خلال سرد الظروف المعيشية الصعبة أو الصحية وغيرها. لذا ينبغي الحذر الشديد، وألا نكون مغفلين يتم استدراجنا لتحقيق مآرب مستخدمي بوبجي».

منوهة بأن تلك الألعاب الإلكترونية هي في حد ذاتها عمليات تجارية للشركات العالمية التي تربح الملايين منها.

مغريات الإدمان

وأوضحت موزة النعيمي، استشارية نفسية أن سبب إدمان تلك الألعاب الإلكترونية يعود إلى مغرياتها اللامحدودة فهي مسليّة للشباب الذين ينظرون إليها باعتبارها مجرد لعبة، وهناك من يستغلها بشكل خاطئ ويلعبها طوال الوقت ما يقتل وقت الشباب ويستنزف طاقاتهم وأموالهم أيضاً. ونوهت النعيمي بأن مشاكل الألعاب الإلكترونية لا تنتهي.

حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من أن إدمان الألعاب الإلكترونية يمكن تصنيفه كمرض مزمن حالياً يؤدي إلى اضطراب الصحة العقلية لعدد كبير من مستخدميه، وتسبب في أكثر من 40 ألف حالة طلاق حول العالم حتى الآن، حسب تلك الإحصائيات.

استثمار الأوقات

وشددت الإعلامية عايدة طاهر على ضرورة استثمار أوقات الفراغ لدى الشباب والأطفال بما يعود عليهم بالمنفعة والفائدة وعلى مجتمعنا، كتوفير المساحات المناسبة لهم في مختلف مجالات الحياة، وابتعادهم عن مثل هذه الألعاب الإلكترونية التي تقتل أوقاتهم وتسهم في خلق سلوكيات سلبية في نفوسهم.

البيان