قال باحثون إن الكتاكيت تتواصل، على ما يبدو، مع بعضها البعض، حتى قبل الفقس وذلك عبر طريق لم يكن معروفاً حتى الآن وهو الاهتزاز.

وأعلن الباحثون، وهم من إسبانيا، هذه الخلاصة، اليوم الاثنين في دراسة نشرتها مجلة “نيتشر ايكولوجي اند ايفولوشن” المتخصصة في أبحاث الأحياء، وذلك بعد التجارب التي أجروها على طيور نورس البحر المتوسط.

عرّض الباحثون، خلال التجارب، كتاكيت لم تفقس من البيض لأصوات تحذيرية تصدرها طيور النورس البالغة عادة لتحذير أقرانها من أعدائها.

وصفت خبيرتان في تعليق على الدراسة، نشر في نفس المجلة، البحث بأنه “دراسة رائعة” من شأنها أن تغير النظرة الحالية لأجنة الطيور، وبشكل أساسي.

فبعد أن كان الخبراء يعتبرون الكتاكيت أفراداً منعزلة وساكنة، تبين أن هذه الأجنة أفراد فاعلة تدري جيداً ما يحدث في الوسط الذي تعيش فيه.

كان من المعروف، بالفعل قبل الدراسة، أن أجنة الطيور، تدرك، قبل الفقس من البيض، بعض الإثارات المحفزة من الخارج، مثل النداءات، بالإضافة إلى أنها تصدر هي الأخرى نداءات، حيث تستطيع الكتاكيت في بيضها، من خلال هذه النداءات، تنسيق وقت الفقس فيما بينها.

لكن هذه الدراسة، التي أجراها باحثون تحت إشراف خوسيه نوجويرا وألبرتو فيلاندو من جامعة فيجو الإسبانية، تشير إلى أن الخبراء المعنيين لم يولوا نوع هذا التواصل السابق للولادة وحجمه الأهمية الكافية.

درس الباحثون سرباً من طيور نورس البحر المتوسط، في جزيرة سالفورا، قبالة سواحل جاليسيا، جنوب غرب سانتييوج دي كومبوستيلا، في إسبانيا، حيث اعتادت طيور النورس البالغة في هذه المستعمرات إصدار أصوات تحذيرية عند رؤية متسللين، مثل طيور الفيزون، مما يجعل الكتاكيت تلزم السكون وتكف عن الحركة.

ودرس الباحثون، خلال هذه الدراسة، ردود فعل الكتاكيت التي لم تفقس، على مثل هذه الصيحات، وقاموا في سبيل ذلك بتجارب في المختبر على مجموعة بيض الطيور، من ثلاث بيضات لكل منها، حيث عرضوا اثنين من الأجنة الثلاثة أكثر من مرة يومياً، ولفترة قصيرة، لأصوات صيحات تحذيرية مميزة ومعروفة، خارج عش البيض، قبل أن يعيدوا البيضتين للبيضة الثالثة في العش، مع وضع البيضات الثلاث إلى جانب بعضها البعض مباشرة.

وتعمد الباحثون عدم تعريض إحدى مجموعات البيض، لمثل هذه الأصوات، لاختبار الفارق بين رد فعل هذه المجموعة وبقية المجموعات التي تعرضت للأصوات.
وبعد الفقس، تم فحص جميع الطيور الثلاثة من مختلف الأعشاش.

وجد الباحثون أنه، وخلافاً لطيور المجموعة التي لم تعرض للأصوات التحذيرية، فقد جمعتها عدة أمور متشابهة، حيث إن جميعها:

ـ خرج من البيض في وقت تال لفقس بيض المجموعة التي لم تعرض للأصوات،

ـ ارتفعت لديها نسبة هورمون كورتيزول الناتج عن الإجهاد،

ـ كانت لديها تغيرات لافتة في المجموع الوراثي،

ـ كان نموها أبطأ بعض الشيء.

كان أكثر ما لفت أنظار الباحثين، لدى هذه الطيور، هو أن كل العوامل المميزة لطيور البيضيتين اللتين تعرضتا لأصوات تحذيرية بعيدة عن البيضة الثالثة، انسحب أيضاً على الطائر الذي انبثق عن البيضة الثالثة، التي لم تتعرض لهذه الأصوات، “وتؤكد النتائج، التي تم التوصل إليها، أن أجنة طائر النورس لا تستجيب فقط للإشارات التحذيرية الصادرة عن الطيور بالغة النمو، بل أيضاً لإشارات أجنة أخرى داخل العش، وأنها تكيف تطورها، فيما بعد، بطريقة مشابهة”.

ورأى معدو الدراسة أن “هذه النتائج تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على أن الأجنة تتقاسم المعلومات فيما بينها، وهي في البيضة”.

علقت كل من مايلين ماريت وكاثِرين بوخانان، من جامعة ديكين الأسترالية في مدينة جيلونج، على الدراسة بالقول إن الدراسة تشير إلى وجود قدر بعينه من التواصل الاجتماعي السابق للولادة “كنا حتى الآن نعتقد أنه مستحيل”.

تابعت الخبيرتان أنه إذا تأكدت نتائج الدراسة، فإن ذلك يعني أنه بإمكان الإشارات الاهتزازية نقل معلومات أكثر تعقيداً بكثير عن مجرد الفقس الوشيك من البيض.

ورأت الخبيرتان أنه وبشكل عام فإن للنتائج تأثيرات كبيرة على فهم التواصل بين الأشقاء قبل الولادة.

الاتحاد