تحتل منطقة الفجيرة للصناعات البترولية «فوز» مكانة مرموقة على مستوى العالم بشكل عام والشرق الأوسط وآسيا بشكل خاص في مجال تخزين النفط ومشتقاته والصناعات القائمة عليه منذ تأسيس «فوز» بمرسوم من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة في العام 2011.
وحققت «فوز» خلال السنوات الـ 8 السابقة نسبة نمو في المشاريع الاستثمارية البترولية بلغت 40%، وتسعى لرفع هذه النسبة إلى 60% خلال خطتها لاستقطاب المزيد من الاستثمارات في السنوات الخمس القادمة، لتصبح بذلك من أهم المناطق البترولية في صناعة وتخزين النفط على طريق الحرير الجديد.
أكد مسؤولون في منطقة الفجيرة للصناعات البترولية «فوز»، أن البنية التحتية في الميناء البترولي الحالي تستوعب كافة المشاريع البترولية المستقبلية حتى عام 2030. وبحسب المخطط العام للمنطقة من المتوقع أن تشهد توسعاً كبيراً في المستقبل القريب، نظراً لزيادة الطلب من الشركات العالمية للاستثمار في المنطقة، ويتم ردم أجزاء من بحر عمان قبالة شواطئ الفجيرة لاستيعاب حجم الأعمال على المنطقة.
وقال كابتن سالم عبدالله الحمودي، مدير منطقة الفجيرة للصناعات البترولية: «نحن لسنا منتجين للنفط الخام، وإنما نقوم بتخزين وخلط وتحسين المنتجات البترولية، ثم تقدمه الشركات القائمة على هذه الصناعة الحيوية إما للسفن العابرة كوقود، أو تصدير هذه المنتجات النفطية لجميع أنحاء العالم، حيث تعمل في المنطقة البترولية 16 شركة من كبرى شركات التخزين والصناعات البترولية في العالم وعلى رأسها (فيتول) و(أدنوك) و(فوباك)».
ولفت إلى أن الفجيرة للصناعات البترولية أصبحت منطقة عالمية على طريق الحرير الجديد، ورابطاً مهماً بين الشرق والغرب، لاسيما وأن المنطقة توفر ما يزيد على 20 خدمة لوجستية في القطاعات البترولية وغيرها.

70 مليون برميل
وأوضح الحمودي، أن «فوز» أصبحت منذ سنوات من أكبر موانئ العالم بعد سنغافورة وروتردام في مجال التزود بالوقود وتخزين البترول والصناعات القائمة على النفط، حيث باتت الفجيرة موجودة بقوة على الخريطة العالمية في قطاع النفط والصناعات النفطية، وتستضيف العديد من المؤتمرات، وكذلك ترعى الإمارة مؤتمر للنفط في بريطانيا سنوياً.
وأكد أن السعة التخزينية للنفط ومشتقاته ارتفعت بشكل كبير حتى صارت 10 ملايين طن متري، أي ما يعادل 70 مليون برميل سنوياً، وقد سجلت العام 2011 ما يقارب 3 ملايين طن متري، أي ما يعادل 21 مليون برميل من النفط الخام ومشتقاته، وهذا يؤكد أن منطقة الفجيرة للصناعات البترولية أصبحت من أهم المناطق البترولية في الشرق الأوسط وهي تنافس وبقوة ميناء سنغافورة.

أكبر مستودع للتخزين
وأشار كابتن الحمودي، إلى أن منطقة الفجيرة للصناعات البترولية «فوز» من خلال منشأة الفجيرة لتخزين النفط، توصلت في وقت سابق مع «أدنوك» إلى اتفاق لإقامة أكبر خزان للنفط الخام تحت الأرض في الفجيرة، وأوكلت «أدنوك» تنفيذ المشروع لشركة «إس كي انجنيرنغ آند كونستركشن» الكورية بتكلفة إجمالية تصل إلى 4.4 مليار درهم، وبطاقة تخزين تصل إلى 42 مليون برميل من النفط الخام. وأضاف كابتن الحمودي، سيتم تشييد 3 خزانات تحت الأرض يستوعب الواحد منها 14 مليون برميل، وبدأ العمل الفعلي في منشأة الفجيرة لتخزين النفط الخام تحت الأرض في العام الماضي 2018، وانتهى العمل في المرحلة الأولى من المشروع، والتي تشمل تشييد أنفاق الدخول، ومن المقرر إنجاز المشروع العملاق في نهاية 2022.

338 خزاناً للبترول
وقال الحمودي: «بحسب آخر التوسعات في (فوز) حتى يوليو الماضي، بلغت المساحة الإجمالية للأرض نحو 15 كيلو متراً مربعاً تمتد من ميناء الفجيرة البحري وحتى مشارف منطقة القريّة على الخط الساحلي للفجيرة»، مضيفاً «مع بداية تأسيس المنطقة كان عدد خزانات النفط 136 خزاناً، ثم ارتفع ليصل إلى 338 خزاناً حتى يوليو 2019 وجميعها مملوكة لشركات عالمية وبعضها للفجيرة».
وأكد أن المنطقة تسعى في الوقت الحالي لاستقطاب شركات عالمية لإنشاء محطة للغاز المسال، وجار عمل دراسة متخصصة حول هذا المشروع باعتبار أن «فوز» بحاجة ماسة إلى مثل هذه المشاريع التي باتت مهمة لتزويد السفن العابرة بالغاز المسال كوقود.
وبموجب الدراسة، سيتم عمل كيانات استراتيجية مع شركات عالمية داخل «فوز» لتوفير هذه السلعة العالمية من الغاز المسال الذي أصبح عصب الحياة الاقتصادية وحركة المرور في كل موانئ العالم، وكان صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، قد أصدر في نهاية أبريل عام 2011 مرسوماً أميرياً يقضي بتأسيس منطقة الفجيرة للصناعات البترولية على أن يتم اختصارها بـ«فوز»، وتعني المنطقة البترولية الجديدة بكافة شؤون البترول ومنتجاته والصناعات الهيدروكربونية بما فيها صناعات النفط والغاز، بجانب توفير البنية التحتية والمباني والخدمات الإدارية للمستثمرين.. وتقع «فوز» على مفترق طرق ما بين مدينتي الفجيرة ودبا، وتقدم المنطقة خدمات بترولية لـ16 شركة عالمية من أهمها شركة «أدنوك» و«فيتول» و«فوباك هورايزون» وشركة «الفجيرة أويل» وهي شركة عالمية قائمة بين حكومة الفجيرة والصين وأستراليا.

رصيف بترولي عملاق
من جانبه، قال كابتن موسى مراد مدير عام ميناء الفجيرة البحري: «انتهت منطقة الفجيرة للصناعات البترولية مؤخراً من تدشين أول وأكبر رصيف بترولي عملاق على المحيط الهندي فئة (VLCC) بكلفة إجمالية تصل إلى 650 مليون درهم بتوجيهات القيادة الرشيدة، وذلك ضمن مخطط عام للمنطقة يهدف إلى مواكبة التطورات الجديدة في المنطقة البترولية التي أصبحت محط أنظار الشركات العالمية في مجال استثمارات النفط ومشتقاته». وأضاف أن الطاقة الاستيعابية للرصيف البترولي الجديد تصل إلى 350 ألف طن متري، أي ما يوازي 2 مليون برميل، وبسعة تخزينية تبلغ 12 – 15 ألف طن في الساعة، بما يوازي 25 – 35 مليون طن في السنة، ويصل عمق الرصيف 26 متراً، وقادر على استقبال السفن النفطية العملاقة بطول 340 متراً، ونطمح من خلال هذا الرصيف العملاق إلى استقبال 15 ناقلة نفط عملاقة في السنة بدلاً من 4 ناقلات في الوقت الحالي، مشيراً إلى أنه في حال وجود إقبال كبير على هذا الرصيف ستقوم حكومة الفجيرة من خلال «فوز» بإنشاء رصيف بترولي آخر عملاق لاحقاً، حيث تمتك الفجيرة بنيّة تحتية في المنطقة البترولية غير مملوكة في أي ميناء بترولي آخر في الشرق الأوسط وفق المخطط العام لفوز على مدى السنوات المقبلة. وقال مدير ميناء الفجيرة البحري: «إن الميناء وخلال السنوات الخمس السابقة استقبل 70.900 ناقلة نفط وسفن شحن بضائع، وبلغت نسبة ناقلات النفط التي مرت عبر الميناء 70% من إجمالي السفن العابرة التي تزودت بالوقود».
وذكر أن العام 2014 سجل استقبال الميناء لـ14،015 ناقلة نفط وسفن شحن، وفي عام 2015 استقبل الميناء 13،734 ناقلة نفط، وخلال العام 2016 استقبل 14،942 ناقلة، وفي العام 2017 استقبل 14،265 ناقلة، وفي العام الماضي 2018 استقبل الميناء 13،944 ناقلة نفط وسفن شحن تزودت بالوقود والخدمات اللوجستية الأخرى.

وقود السفن الآمن
وقال الدكتور محمد سعيد الكندي وزير التغير المناخي والبيئة السابق رئيس ملتقى الفجيرة الدولي للتزود بالوقود «فوجكون»: «نجحنا خلال الدورة الحادية عشرة من الملتقى الذي تنظمه (فوز) في إنتاج وقود السفن الذي يحتوي على نسبة ضئيلة من الكبريت، لمنع الانبعاثات، والتزمت الفجيرة بإنتاج وقود بحري خالي من الكبريت وبنسبة تصل إلى 0.5% بدلاً من 3.5% اعتباراً من يناير 2020، طبقاً لقرارات المنظمة البحرية الدولية»، لافتاً إلى أن الفجيرة حازت قصب السبق أوسطياً بتوفير هذا النوع من الوقود.

راشد الشرقي: ثورة في رقمنة مخزونات النفط ومبيعاته
قال الشيخ الدكتور راشد بن حمد بن محمد الشرقي نائب رئيس منطقة الفجيرة للصناعات البترولية، إن ثورة البلوك تشين العالمية بدأ اعتمادها فعلياً في «فوز» منذ أكثر من عام تقريباً، حيث تتيح البلوك تشين تتبع حجم المخزون من النفط من خلال لجنة بيانات الطاقة «فيدكوم» وحركة الأسعار العالمية لسلع النفط ومشتقاته في السوق العالمي وربطها مع «فوز» والبنوك والمؤسسات البترولية وغيرها.
وأكد أن «فوز» تسعى للتواجد بقوة في أسواق النفط ومشتقاته العالمية، حيث جددت تعاقدها مع شركة «إس أند بي جلوبال بلاتس» العالمية بهدف استقطاب المزيد من المستثمرين النوعيين في القطاع، وكذلك العمل على وضع تسعيرة يوميه للمنتجات النفطية في الفجيرة التي أصبحت أحد أهم المواقع الحيوية في قطاع الصناعات النفطية في الشرق الأوسط.
ولفت الدكتور الشرقي إلى أن «فوز» تسعى خلال الفترة المقبلة إلى رفع الطاقة التخزينية إلى 14 مليون طن متري، أي ما يعادل 100 مليون برميل سنوياً، وتصل الطاقة التخزينية في الوقت الحالي 10 ملايين طن متري في السنة، أي ما يعادل 70 مليون برميل. وأن حجم المناولات البترولية في المنطقة ارتفع بشكل هائل، حيث سجل العام الجاري 2019 مناولة ما يزيد على 90 مليون طن من النفط ومشتقاته، بينما سجل خلال العام 2017 ما يقارب 89 مليون طن، وفي العام 2011 سجل مناولة 21 مليون طن من النفط ومشتقاته.

صالح الشرقي: ميناء الفجيرة يربط المنطقة بآسيا وأفريقيا
قال الشيخ صالح بن محمد الشرقي رئيس دائرة الصناعة والاقتصاد رئيس ميناء الفجيرة البحري: «إن التوسع الجغرافي لإمارة الفجيرة والتوسعات الاقتصادية في (فوز) وهيئة المنطقة الحرة والميناء يجعلها مركزاً استراتيجياً لتخزين وتسويق وتجارة النفط في الدولة وعلى مستوى الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، كما يضع الفجيرة على طريق الحرير الجديد ومحوراً هاماً كنقطة عبور على هذا الطريق التجاري العالمي في مجال النفط والطاقة».
وأكد الشرقي أن هدف الفجيرة الرئيس هو خلق فرص استثمارية حقيقية في المنطقة البترولية وغيرها من جميع أنحاء العالم لتحقيق النمو المنشود في الفجيرة والدولة وعلى المستوى الخليجي والشرق أوسطي، إذ إن فرص الاستثمار تسهم في خلق فرص عمل للمواطنين وغيرهم، كما تسهم في إيجاد حالة من الاستقرار ومواصلة القفزات النوعية في نهضة الإمارة، لذلك تقوم الإمارة باستضافة ملتقيات عالمية سنوياً مثل «الطاقة العالمي» وملتقى «فاجكون» للتزود بالوقود الذي يحظى باهتمام عالمي واسع.

سالم خليل: قفزات نوعية تواكب الاستثمارات البترولية الجديدة
قال الدكتور سالم عبده خليل المستشار الاقتصادي لحكومة الفجيرة والخبير في قطاع النفط: «إن حجم الاستثمارات في منطقة الفجيرة للصناعات البترولية بلغ مستوى جيداً، حيث تستقطب المنطقة يوماً بعد آخر استثمارات من قبل شركات عالمية في تخزين النفط والصناعات البترولية الأخرى».
وأشار الدكتور خليل، بدأ ميناء الفجيرة برصيفين وكاسر أمواج بأعماق 10.5 – 12.5 متر، وبلغت التكلفة الإجمالية للميناء وقتها 176 مليون درهم في عام 1977، وبلغ طول الأرصفة في الوقت الحالي 370 متراً، ما يعني أكثر من 6 كيلومترات وأعماق تصل إلى 26 متراً كما في الرصيف البترولي العملاق.
ولفت المستشار الاقتصادي لحكومة الفجيرة، إلى أنه بعد مرحلة الحاويات وشحن البضائع العامة وإعادة التصدير، بدأت الطفرة الثانية لميناء الفجيرة البحري في بداية التسعينيات بتدشين الأرصفة البترولية، حيث يوجد حالياً 11 رصيفاً بترولياً يخدم جميع العمليات البترولية من شحن ومناولة وغيرها، فضلاً عن الرصيف البترولي العملاق الذي يعد رقم 12، ولدينا في المنطقة البترولية مخطط في حال وجود توسعات جديدة يمكن إقامة 10 أرصفة بترولية جديدة تباعاً.

ممدوح مالك: توفير الخدمات للمستثمرين
قال ممدوح مالك المدير التجاري لشركة الفجيرة أويل: «تعد منطقة الفجيرة للصناعات البترولية (فوز) من أكثر المناطق العالمية توفيراً للخدمات للمستثمرين في الشرق الأوسط منذ تأسيسها، خاصة أن شركة الفجيرة أويل تعد ثاني أكبر شركة لتخزين النفط ومشتقاته في المنطقة، وتصل السعة العملية لمستودعات الشركة إلى 1.2 مليون متر مكعب من النفط الخام ومشتقاته، وقد وفرت لنا (فوز) إمكانية تخزين النفط الخام، كما توفر المنطقة البترولية خاصية الربط بين جميع الشركات الاستثمارية في مجال النفط ومشتقاته وتخزينه، وتلك ميزة كبرى لا تتوافر في المناطق النظيرة، إذ توفر عليك الوقت والمال للتبادل الاستثماري بين الشركات، خاصة أن المنطقة في طريقها للاستحواذ على حصص استثمارية ضخمة خلال السنوات القليلة المقبلة».

الاتحاد