تحرص الكثير من الأسر على حث الأبناء على التكيف مع العام الدراسي الجديد بعد انقضاء الإجازة الصيفية، التي عاشوا خلالها حياة تعتمد على الترفيه وإشباع الهوايات والاستمتاع بالأوقات في أجواء المرح ومتابعة البرامج المحببة في التلفزيون أو من خلال اللعب المتواصل، لكن تظل هناك خطوات مهمة يجب أن تنتهجها كل أسرة من أجل أن يعود الأبناء للفضاء المدرسي، وهم في نشاط وحيوية واستعداد نفسي كامل لمتابعة الدروس والتفوق، ومن ثم استغلال الوقت في التعلم وعلى الرغم من أن بعض الأسر تواجه صعوبات في جعل الأبناء يتأقلمون مع الحياة المدرسية، إلا أنهم يدركون أنه شيئاً فشيئاً سيتعودون على الحياة المدرسية، لكن دائماً الآباء يبحثون عن البداية، ومن ثم كيفية تحفيز الأبناء لاستعادة نشاطهم وحيويتهم التعليمية.

واجبات
يقول استشاري الإرشاد النفسي والتربوي الدكتور جاسم المرزوقي: هناك تحديات تواجهها الأسرة مع بداية كل عام دراسي من أجل تغيير النظام المفتوح الذي تعود عليه الأبناء خلال فترة الإجازة الصيفية بخاصة أنهم تعودوا خلال هذه الفترة على ممارسة ألعابهم في محيطهم الاجتماعي، ومن ثم التعود على النوم في أوقات متأخرة، وهو ما يشكل جزءاً من الحرية التي تتاح لهم في مثل هذه الظرف، لذا فإن الأبناء في حاجة إلى تهيئة نفسية واستعدادات خاصة من أجل العودة إلى محيطهم المدرسي وهم في حالة تسمح لهم بالاستذكار والتعاطي مع آليات اليوم المدرسي، ومن ثم الالتزام بتأدية الواجبات والانخراط بوجه عام في الحياة العلمية بكل جد واجتهاد.

أدوات مدرسية
ويضيف المرزوقي أنه من الضروري أن تتفهم كل أسرة أن اصطحاب الأبناء إلى شراء أدواتهم المدرسية هو جزء من التهيئة النفسية، حيث يشعر هؤلاء الأبناء بالسعادة في أثناء تخير ما يلزمهم من أدوات، لكن تظل هناك عقبات يجب الالتفات إليها بشكل جدي مثل مسألة النوم في ساعة متأخرة من الليل، ومن ثم الاستيقاظ عند الظهيرة مثلاً، لذا فمن الضروري أن يتم تعويدهم على ضبط مواعيد النوم لافتاً إلى أنه من ضمن المشكلات الأخرى والتي تحتاج إلى تهيئة نفسية أن يتم تقليل أوقات اللعب حتى يتعود الأبناء على تأدية واجباتهم دون تذمر أو قلق.
يذكر أن أساليب التهيئة النفسية كثيرة وأهمها التحفيز الذي له مردود إيجابي على الأبناء، لكن تظل تهيئة من يدخلون المدرسة للمرة الأولى، المهمة الأصعب لأنهم ليس لديهم خبرة سابقة وهم في حاجة إلى متابعة وتحفيز، ومن ثم ضرورة الذهاب معهم إلى المدرسة على الأقل في الأسبوع الأول نظراً لأنهم لم يواجهوا من قبل مرحلة الانفصال عن المنزل بهذا الشكل وحتى لا يقعوا فريسة للفوبيا ومسألة قلق الانفصال ويوضح أنه من الضروري في كل الأحوال تهيئة جميع الأبناء للمدارس من خلال تنبيههم قبل بداية الدراسة بأسبوعين حتى يستعدوا بشكل أفضل.

أوقات الفراغ
ويورد أسامة فضل أب لثلاثة أبناء أنه حاول بكل السبل إسعادهم خلال الإجازة الصيفية وأتاح لهم فرصاً كثيرة للترفيه وممارسة الألعاب المحببة إليهم، لكنه يجد صعوبة في أن يعدهم نفسياً للعودة للمدارس وأنه كان يعقد معهم جلسات يومية من أجل أن يستقبلوا العام الدراسي بنشاط وحيوية وسعادة وإقبال على اكتساب المعارف وتعلم المهارات وممارسة مهامهم التعليمية على أكمل وجه، مشيراً إلى أنه رصد لهم مكافآت ويعمل على تحفيزهم حتى يكونوا في حالة من السعادة وأن يبتعدوا عن الكسل والارتباط باللعب بخاصة أن طفله الأصغر لا يريد التأقلم مع استئناف الدراسة وأنه يتعامل معه باللين من أجل أن يخفف ضغوطه النفسية، خصوصاً أنه يعده بأن يترك له مجالاً لممارسة بعض الألعاب بشكل يومي بشرط أن يكون ذلك في أوقات الفراغ وبعد الانتهاء من أداء واجباته.

حب العلم
وتذكر أميمة أحمد ربة منزل أنها تعاملت مع أولادها بشكل مختلف قبل العودة للمدارس من خلال شراء كل ما يلزمهم من أدوات، بالإضافة إلى أنها منذ أسبوعين وهي تحاول تعديل نظام النوم والاستيقاظ حتى يتسنى لهم الراحة والاستعداد البدني والنفسي للدراسة، بالإضافة إلى أنها قلصت ساعات اللعب وأصبحت في مواعيد محددة حتى يتعودا على تنظيم الوقت، مشيرة إلى أنها نجحت فيما ذهبت إليه وأنها تنتهج هذا الأسلوب منذ سنوات وأنه يجدي، فضلاً عن أنها تعمل على إدخال البهجة في نفوسهم وتغرس فيهم حب العلم وتترك كل واحد يعبر عن أمنياته المستقبلية ومدى رغبته في أن يكون إنساناً ناجحاً مما يسهم في تهيئتهم نفسياً واجتماعياً للعودة إلى المدارس.

الاتحاد