تفتتح دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، في الرابع من سبتمبر المقبل، مسرحاً ومكتبة للأطفال داخل المجمّع الثقافي، الذي شهد سلسلة واسعة من أعمال الترميم والتجديد، والذي يقع في منطقة الحصن الثقافية في قلب العاصمة أبوظبي. وإلى جانب المرافق الجديدة، تقيم دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، معرضاً بعنوان: «نجاة مكي: إضاءات»، وهو معرض تكريمي للفنانة الإماراتية الرائدة نجاة مكي، كما تنظم المعارض المجتمعية التي تقدم أعمالاً لفنانين ناشئين من دولة الإمارات العربية المتحدة.. وفي هذا الحوار تلقي «الاتحاد» الضوء على تجربة الفنانة نجاة مكي، وصعوبات البدايات، ومدلولات هذا التكريم، وغير ذلك مما يخص الحالة التشكيلية في الدولة.
عن البدايات الأولى، وما تختزنه الذاكرة من ذلك الزمن المتميز، بحراكه الثقافي المؤسس، قالت نجاة مكي: من المؤكد أن البدايات الفنية لأي فنان تكون مختلفة، أو متواضعة، لكن بمرور الوقت يكتسب الفنان خبرة، وتغتني تجربته من خلال الاطلاع على تجارب أخرى، وزيارات المعارض الفنية، والقراءة. أما بالنسبة لتجربتي، فقد أفادني وجودي مع مجموعة من الزملاء الفنانين في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية التي لعبت دوراً مفصلياً وجوهرياً في التأسيس للحركة التشكيلية في الإمارات، وتحملت أعباء التأسيس وبذر البذور ثم رعايتها حتى تنمو. كنا وقتها فئة قليلة تخرجنا في كليات الفنون، ولما رجعنا شكلنا مجموعة نتبادل فيها الحوار والمعلومات، إضافة إلى إقامة معارض جماعية، وقد واكب هذا الفعل الفني عملية التطور التي شهدتها الدولة في جميع مناحي الحياة.
هذا الحوار -كما أكدت نجاة مكي- مهم وضروري جداً في أي تجربة فنية لكي تنمو وتزهر «فمن خلال الحوار المستمر مع الزملاء في العمل، اكتشفت وجود تقاطعات مشتركة بيننا في سبيل تقديم نوع من الفن يلامس اهتمام الجمهور في ذلك الوقت، وكان علينا كفنانين أن نعرف كيف نوصل ما نريده من خلال لوحة أو منحوته أو عمل مفاهيمي».
وتابعت: «طبعاً، لكل فنان رؤيته في طرح التجربة الفنية، وعلى هذا الأساس قامت المعارض واختلفت الأساليب التي قدمت وقتها، وأتذكر الآن الفنان حسن شريف الذي اشتغل على الفن المفاهيمي، في وقت لم يكن فيه هذا الأسلوب معروفاً في المجتمع الإماراتي».

تكليف ومسؤولية
وحول المعرض الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لتكريمها، قالت الفنانة نجاة مكي: إن إقامة معرض باسمي ليس فقط تكريماً يستحق توجيه الشكر للقائمين عليه، بل هو أيضاً تكليف يؤشر على الثقة العالية التي أولتني إياها الدائرة، إنه لأمر جميل أن يترافق معرضي مع افتتاح صروح ثقافية جديدة في المجمع الثقافي الذي كان له دور مشهود في نشر الثقافة والعلوم والفنون، وهو مكان عزيز على قلبي ويعني لنا الكثير، فقد لعب دوراً مهماً في نشر الفنون والعناية بالفنانين، وأشعر اليوم بأنه يدخل في عهد جديد. أشعر بفرح لهذا التكريم ولكنني في الوقت نفسه أشعر أيضاً بمسؤولية كبيرة وضعت على عاتقي، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الذين منحوني هذه الثقة الغالية والكبيرة.

نوافذنا كثيرة
وعن رؤيتها للتطور الذي شهده الفن التشكيلي في الإمارات مع جيل الشباب وتجربته، قالت: الفن في وضع جيد، ونلاحظ في الوقت الحالي اهتمام المسؤولين في الدولة برعاية الفن ودعم الفنانين، وهذه نقطة مهمة، فعندما يكون المسؤول مهتماً بالثقافة يهتم بها الجميع، ما يجعل الفن والفنانين في موضع الاهتمام أيضاً، سواء كانوا رواداً أو شباباً أو ناشئين. ومن هذا المنطلق، أصبح للجميع نافذة أو أبواب أو قنوات كثيرة لرفد الثقافة، والفنون بالطبع بمختلف مجالاتها هي جزء من هذه المنظومة الثقافية الكبيرة، وذلك من خلال الجوائز أو إيفاد الفنانين إلى المعارض الدولية التي تقام خارج دولة الإمارات، لأن هذه المعارض تمثل ثقافات الشعوب، فكل شعب له ثقافة فنية في حاضره وفي تراثه، وهذه الثقافة هي التي تجمع وتظهر القيم والعادات، ولذلك أصبح لدولة الإمارات خط معروف، سواء من خلال المعارض التي تقام في الدولة أو في الخارج، وللشباب أيضاً دور آخر معاصر ومجدد للحركات الفنية، وهذا شيء مهم لأن عقلية الشباب اليوم تختلف عن عقليتنا نحن في البدايات الفنية، حيث كان الدور بسيطاً، وقد تحملنا الكثير وصبرنا حتى استطعنا أن نوصل الفكرة إلى الجمهور أو المتلقي.
وتابعت مكي: اليوم أصبحت الدولة من أفضل الدول في رعاية الفنون، وفيها عدد كبير وشرائح مختلفة من الشباب الذين يعملون في مجالات الثقافة والفنون على اختلاف مدارسهم الحديثة، وكل الجهود الكبيرة تصب فنونها في عصر الحداثة، وحتى الأطفال استخدموا المفردات الحداثية، وهذا شيء جميل، لكن لابد من أن تكون هناك رقابة على هذه الفئة من الأطفال لتكون تجربتهم متمكنة أيضاً على مستوى العادات والتقاليد. الحداثة جميلة وهي تعطي مردوداً رائعاً، خاصةً عندما تشارك دولة الإمارات في معارض عالمية، وتكون الأعمال المشاركة تحاكي العادات والتقاليد في طابع متجدد وحداثي، ولاشك أن للشباب دوراً مهماً وكبيراً في نقل تراثنا وثقافتنا وفنوننا إلى العالم، وفي صياغات تشكيلية متنوعة، وهذا بفضل اهتمام الشيوخ الكرام في إيفاد الفنانين للمشاركة في المعارض العالمية، واستقدام المعارض المهمة إلى الدولة، بكل ما تحمله من خبرات معرفية وفنية وأساليب واتجاهات تغني ثقافة الفنان المحلي، وهو أمر يستوجب شكرهم، وشكر شيخات الإمارات على ما قدمنه للفنان التشكيلي بشكل عام، وللمرأة الفنانة بشكل خاص، فقد أعطيت مساحة واسعة للانطلاق ونشر ثقافتها واستكشاف آفاق بعيدة.

الاتحاد