غيب الموت، أمس، سيف بن أحمد الغرير، الذي يُعدّ أحد كبار رجال الأعمال في دولة الإمارات ومؤسس «مجموعة الغرير».

ولد سيف أحمد الغرير في منطقة ديرة عام 1924، ونظراً لأنه الابن الأكبر من أبناء أحمد الغرير الخمسة، فإنه سرعان ما انخرط في مهنة عائلته في ذلك الوقت وهي صيد اللؤلؤ.

وعلى الرغم من أنه كان في مقتبل العمر، فقد كان سيف الغرير يمضي أربعة أشهر متواصلة في عرض البحر، يعيش فيها على الأرز والتمر والسمك.

وبما أنه كان «النوخذة»، أو قبطان المركب والممثل لمالكها، فقد كانت أهم واجبات سيف الغرير هي الحفاظ على حبات اللؤلؤ، إذ كان يضعها في صناديق خشبية صغيرة داخل المقصورة التي ينام فيها.

تجارة الذهب والتمور

بحلول الثلاثينات، ومع ظهور اللؤلؤ الاصطناعي من اليابان، أصبحت مهنة صيد اللؤلؤ غير مجدية وغير مربحة، فانتقلت العائلة إلى التجارة، وطورت مراكب صيد اللؤلؤ الصغيرة، لتقوم برحلات أطول، وتحمل مواد أثقل، ليبدأ أفراد العائلة بنقل التمور من العراق إلى إفريقيا والهند، التي كانوا يعودون منها محملين بالأقمشة والمنسوجات، والأخشاب التي كانت تصنع منها المراكب، ولاحقاً أضيف الذهب إلى تجارتهم، عندما أصبحت دبي مركزاً مهماً لتجارة هذا المعدن الثمين.

تجربة مؤلمة

وخلال رحلة إلى الهند تخللتها عواصف عاتية ورياح قوية، سبب اندفاع الأمواج القوية تهيجاً مؤلماً في إحدى عيني سيف أحمد الغرير، وقد قال في ذلك: «عندما وصلنا الهند كانت عيني تؤلمني بشدة، فذهبت إلى طبيب قال لي إنه إذا أردت أن يزول الألم، فسأخسر إحدى عيني، فأخبرته بأن يوقف الألم، والحمد لله أنني سأخسر عيناً واحدة فقط».

«مجموعة الغرير»

مع نهاية الخمسينات، بدأت دبي تشهد نمواً متسارعاً تحت حكم المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الذي دعم رؤيته الطموحة من خلال الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية، وهكذا بدأ اقتصاد دبي بالازدهار.

وبعدما كانت عائلة الغرير تعمل في صيد وتجارة اللؤلؤ خلال العقود الأولى من القرن الـ20، وسعت العائلة أعمالها لاحقاً لتشمل المجالات التجارية والصناعية، إلى أن أرست قواعد هذه الأعمال المتعددة من خلال تأسيس «مجموعة الغرير» عام 1960. وكانت دبي في ذلك الوقت تشهد نمواً اقتصادياً وتجارياً كبيراً بفضل قيادة حكامها، وبإسهام من عائلات دبي التي كانت تحترف التجارة، وعائلة «الغرير» إحداها.

أنشأ سيف الغرير «مجموعة الغرير»، لتجمع تحت لوائها الأعمال الخاصة بالعائلة، ومع الوقت وتحت إدارته، توسعت لتشمل مجالات: البيع بالتجزئة، والصناعة، والعقارات. وجرى تقييم كل مشروعٍ للمجموعة من خلال إسهامه في نمو المجموعة، وازدهارها خصوصاً، ونمو اقتصاد دبي وازدهارها عموماً.

وكانت المجموعة أول من أسس معملاً للإسمنت في دبي، إضافة إلى إنشائها مطاحن للقمح، ومعامل لتكرير السكر، ومعامل لصهر الألمنيوم. كما شيدت مركزاً للتسوق عام 1981، لترسي بذلك أحد أقوى القطاعات الاقتصادية في دبي.

تميز المجموعة

وعن أهمية التميز في مجال خدمة المتعاملين، كان الراحل يقول: «يكمن جوهر نجاح المجموعة في الثقافة المؤسساتية التي تتمتع بها، والتي تهدف إلى تعزيز النمو وإذكاء روح الابتكار، ويكمن أيضاً في استراتيجية كسب المتعامل من خلال تقديم الجودة الفضلى، والحلول المبتكرة، والبحث الدؤوب عن السبل المثلى لخدمة المتعاملين».

أدخل سيف أحمد الغرير أبناءه الستة إلى المجموعة وهم: عبدالرحمن، وماجد، ومحمد، وأحمد، وراشد، وسعيد. واستمرت المجموعة في التوسع في صناعات ومشروعات جديدة، لاسيما في مجال صناعة منتجات التعبئة والتغليف وسحب الألمنيوم، وتسارعت وتيرة التغييرات في المجموعة خلال العقد الأخير، إذ رفعت استعداداتها لإنشاء المشروعات، والقيام بالأعمال على مستوى الشرق الأوسط، وإفريقيا، وأستراليا، وأوروبا، وشمال أميركا.

الامارات اليوم