أسهم التصعيد في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وتزايد المخاوف من تباطؤ عالمي، في صعود أسعار الذهب بأكثر من 100 دولار في أغسطس، حيث يقبل المستثمرون على الملاذات الآمنة، ومنها المعدن الأصفر الذي سجل مكاسب للشهر الرابع على التوالي، وأغلق في المعاملات الفورية، بنهاية جلسة تداول يوم الجمعة، عند 1520.39 دولار للأوقية (الأونصة).
وبدأت الصين والولايات المتحدة فرض رسوم جمركية إضافية متبادلة على السلع، وذلك في أحدث تصعيد في حرب تجارية مريرة، رغم الدلائل على أن المحادثات بينهما بشأن تلك القضية تستأنف هذا الشهر. وفرضت بكين رسوماً نسبتها 5% على النفط الخام الأميركي، إلى جانب بعض السلع الأميركية، ضمن قائمة مستهدفة تبلغ قيمتها 75 مليار دولار، وفي المقابل تبدأ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم نسبتها 15% على واردات صينية تتجاوز قيمتها 125 مليار دولار.
وفي السياق ذاته، يتوقع محللون أن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، الشهر المقبل، لتحفيز الاقتصاد، ما قد يؤثر سلباً على شهية تداول الذهب.
التوترات التجارية
وقال محمد جمال، مستشار الاستثمار وأسواق المال العالمية، لـ«الاتحاد»: إن الذهب لطالما عرف بأنه الملاذ الآمن في أوقات التوترات الجيوسياسية أو التجارية، مثل الوقت الحالي، خاصة فيما يتعلق بالحرب التجارية الممتدة بين الولايات المتحدة والصين، حيث يحاول كل طرف استخدام أسلحته التجارية وغيرها، على أمل أن يحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب أو المطالب عند وجود مفاوضات وقبل التوصل إلى اتفاق نهائي.
وأضاف أنه حتى الآن لم يحدث أي نوع من الهدوء في تلك التوترات يؤشر إلى عودة الأمور إلى مجاريها، ويعيد شهية الاستثمار للمستثمرين في الأسواق المختلفة، ما يجعل الذهب البديل الآمن لحين اتضاح الرؤية.
وأوضح جمال أن من العوامل المهمة التي تؤثر في أسعار الذهب (نوعية المستثمرين)، إذ أن هناك فئة كبيرة منهم تفضل اقتناص الفرص وتحقيق أقصى استفادة ممكنة خلال أقل وقت ممكن. وأضاف أن هذه الفئة تمثل المحافظ المالية كبيرة الحجم والمتنوعة الاستثمارات في أسواق مختلفة، وهي تفضل الاستثمار في الوقت الحالي، حيث تستفيد من التذبذبات التي تحدث في أسعار الذهب، بمعنى أنها تسعى لتحقيق المكسب في حال ارتفاع أو انخفاض السعر، عبر آليات «البيع على المكشوف» لعقود الذهب. ولفت إلى أن الفئة الثانية من المستثمرين تمثل المستثمر طويل الأجل نسبياً (لمدة تزيد على 3 اشهر) وهذا المستثمر عادة ما يخرج من الأسواق في حال التذبذبات الشديدة في الأسعار، ويفضل الذهب لحين اتضاح الرؤية بخصوص التطورات الجارية في العالم.
ورداً على سؤال عن ارتفاع أسعار الذهب لتتجاوز أعلى مستوى قبل 6 سنوات، أجاب جمال، بأن تجاوز أسعار الذهب مستوى 1555 دولاراً لا يعني أن يحدث تحول عن الذهب إلى بدائل استثمارية أخرى، خاصة أن أعلى سعر وصل له الذهب كان 1919 دولاراً للأونصة في صيف عام 2011، ما يعني أن الذهب سيظل البديل الاستثماري الآمن المتفق عليه من معظم المستثمرين.
توقعات متفائلة
ومن جهته، قال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك، إن التوقعات بشأن أسعار الذهب والمعادن الثمينة عموماً لا تزال متفائلة استناداً إلى توقعات النمو العالمي، وتوجه أسعار الفائدة على المدى القصير والبعيد، والدعم الناجم عن الحرب التجارية الممتدة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.
ولفت إلى أن القوة المتجددة للدولار تشكل تحدياً على المدى القصير، ولكن طالما بقيت أسعار الذهب أعلى من 1490 دولاراً للأونصة، فمن غير المرجح أن نشهد إقبالاً كبيراً على عقود الشراء طويلة الأمد.
وأشار هانسن إلى أن الذهب بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته، منذ ست سنوات، عند سعر 1555 دولاراً للأونصة، تعثر نتيجة تحول المستثمرين الباحثين عن قيمة نسبية نحو الفضة والبلاتين، موضحاً أن أسعار المعدنين وصلت إلى مستويات تاريخية، حيث أدى الارتفاع الكبير لأسعار الذهب، نتيجة انهيار عائدات السندات العالمية في مطلع يونيو، إلى تأثيرات على معادن أخرى ذات أسس ضعيفة نسبياً.
أسعار الفائدة
وبدوره، أرجع فيجاي فاليشا مدير المخاطر المالية، كبير محللي السوق في شركة سنشري فاينانشال، هبوط أسعار الذهب إلى الشكوك بشأن توقعات تخفيض أسعار الفائدة والتي أدت إلى جاذبية السبائك غير ذات العوائد.
ونوه إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن تحذير الصين من أنها سترد على أي تعريفات جمركية أخرى من الولايات المتحدة الأميركية، ساعد في الحفاظ على السعر فوق 1495 دولاراً.
الاتحاد