تولي دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز السلامة الرقمية للأطفال أولوية قصوى انطلاقا من التزامها الثابت بحماية أجيال المستقبل من جميع التأثيرات السلبية والمخاطر الناجمة عن ارتفاع وتيرة تواجدهم في فضاء العالم الافتراضي.
ومنذ ظهور الإنترنت والانتشار الواسع لاستخدام وسائط التواصل الاجتماعي بين جميع فئات المجتمع، أدركت دولة الإمارات ضرورة الإسراع في وضع خطة وقائية واتخاذ خطوات استباقية للحد من المخاطر المحتملة على شريحة الأطفال، خاصة في ظل المؤشرات الإحصائية التي تشير إلى أن الأفراد عموما في الإمارات يقضون نحو 8 ساعات يوميا بين مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فيما يمضي الأطفال مالا يقل عن ساعتين يوميا في استخدام الهواتف والأجهزة الذكية.
قانونيا .. التفت المشرع الإماراتي إلى أهمية حماية الطفل وضمان حقوقه ومنها حماية بيانات الأطفال عبر الإنترنت.
وأكد زايد الشامسي رئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام” .. على أهمية الخطوات التشريعية التي اتخذتها دولة الإمارات لتعزيز السلامة الرقمية للأطفال، معتبرا تلك الخطوات ترجمة لالتزام مؤسسات الدولة المعنية بحماية أجيال المستقبل من التأثيرات السلبية والمخاطر الناجمة عن ارتفاع وتيرة تواجدهم في فضاء العالم الافتراضي.
وأوضح أن المادة / 29 / من القانون الاتحادي رقم / 3 / لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل والمعروف باسم ” قانون وديمة”، تلزم شركات الاتصال ومزودي خدمات شبكة المعلومات الإلكترونية إبلاغ السلطات المختصة عن أية مواد لإباحية الأطفال يتم تداولها عبر مواقع وشبكة المعلومات الإلكترونية، كما يجب تقديم المعلومات والبيانات عن الأشخاص أو الجهات أو المواقع التي تتداول هذه المواد أو تعمد على التغرير بالأطفال.
ودعا الشامسي أولياء الأمور إلى ممارسة نوع من الرقابة والإشراف على محتوى المواد التي يتعرض لها أطفالهم خلال استخدامهم للإنترنت والتواجد على منصات التواصل الاجتماعي، محذرا من مخاطر تواجد الأطفال لساعات طويلة في الفضاء الرقمي وما قد يترتب على ذلك من مخاطر نفسية وصحية.
وعلى صعيد المبادرات الخلاقة، مثلت مبادرة “السلامة الرقمية للطفل” التي أطلقتها وزارة الداخلية بالشراكة مع البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة، في مارس الماضي، حدثا فارقا في جهود الارتقاء بجودة الحياة الرقمية للأطفال وطلاب المدارس وتوعيتهم بتحديات العالم الرقمي، وتشجيعهم على استخدام الإنترنت بشكل إيجابي وآمن.
وتهدف المبادرة إلى توعية الأطفال في الفئة العمرية من 5 إلى 18 عاما، بأسس استخدام الإنترنت، وكيفية التصرف مع أي إساءة أو خطر محتمل، من خلال تدريب الأطفال على الاستخدام الآمن لمواقع الإنترنت، وتطبيقات التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية.
وتشمل المبادرة تطوير موارد تعليمية حول السلامة الرقمية، وتمكن الأطفال من أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وتعرف الآباء والمعلمين بآليات تعزيز السلامة الرقمية للأطفال في المنزل والمجتمع المدرسي، من خلال تعليم الأطفال وتشجيعهم على الاستخدام الآمن والإيجابي للإنترنت، وتوعية وتأهيل المعلمين، والعمل مع الشركاء في مختلف القطاعات لضمان السلامة الرقمية في الدولة.
وفي عام 2018 نجحت ابوظبي في حشد أكثر من 450 من القيادات الدينية من شتى أنحاء العالم ضمن فعاليات مؤتمر “تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي” وذلك بهدف وضع رؤية عالمية مشتركة لتعزيز حماية المجتمعات، وخاصة الأطفال من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.
وتعود الجهود الإماراتية في حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت والفضاء الرقمي إلى عام 2001 حيث كانت أول بلد عربي ينضم إلى اتفاقية حماية الطفل من الجرائم السيبرانية لعام 2001.
وترأست الإمارات ممثلة بوزارة الداخلية فرقة العمل العالمية الافتراضية منذ عام 2015، كما شاركت في مؤتمر القوة العالمية الافتراضية “في.جي.تي.” وهو تحالف دولي من وكالات إنفاذ القانون المكرسة وشركاء الصناعة يعملون معا للحفاظ على سلامة الأطفال على الإنترنت، حيث ساهم الفريق في إنقاذ مئات الأطفال في جميع أنحاء العالم من استغلال الأطفال عبر الإنترنت ومحاكمة مئات المجرمين منذ عام 2003.
واستضافت الإمارات القمة العالمية الثانية لـ “ويبروتكت” عام 2015 في أبوظبي والتي أسفرت عن اتفاق الحكومات والمنظمات على إنشاء استجابة وطنية منسقة للاستغلال الجنسي للأطفال على الإنترنت، وفي يونيو 2017 انتخبت دولة الإمارات لقيادة اللجنة الدولية لحماية الأطفال عبر الإنترنت خلال مؤتمر الاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف.
وام