تتجه أنظار العالم يوم الأثنين المقبل إلى دولة الامارات العربية المتحدة لمتابعة فعاليات الدورة الرابعة والعشرين من مؤتمر الطاقة العالمي الذي تستضيفه العاصمة أبوظبي خلال الفترة من 9 إلى 12 سبتمبر الجاري بمشاركة 71 وزيرا و500 رئيس تنفيذي.
ويمثل الحدث الذي يقام على أرض مركز أبوظبي الوطني للمعارض أكبر تجمع دولي لمواجهة التحديات ورسم ملامح مستقبل صناعة الطاقة في العالم، ويشارك فيه قادة قطاع الطاقة وأبرز الخبراء من مختلف الدول.
وتعد الدورة الـ 24 للمؤتمر الأكبر من نوعها حيث تشهد مشاركة أكثر من 300 عارض من الشركات العالمية في القطاعين العام والخاص، وكذلك أكثر من 150 دولة سيشاركون في المعرض المصاحب الذي يمتد على مساحة 35 ألف متر مربع، كما يستضيف المؤتمر أكثر من 80 جلسة.
ويعزز الحدث مكانة أبوظبي العالمية كلاعب رئيس ومحوري في قطاع الطاقة بالعالم خاصة مع حضور العدد غير المسبوق من المشاركين والمتحدثين الرسميين وتنوع الجهات العارضة و برنامج المؤتمر الشامل.
وكانت الإمارات قد فازت في عام 2014 بالإجماع بحق استضافة مؤتمر الطاقة العالمي 2019 وذلك بعد منافسة مع عدد من الدول من بينها روسيا، لتكون بذلك أول دولة من الدول الأعضاء بمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” التي تستضيف هذا الحدث المهم الذي بدأ قبل الــ 95 عاما، كما هي أول دولة تستضيف المؤتمر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعود أصول مؤتمر الطاقة العالمي إلى فترة وجيزة بعد الحرب العالمية الأولى، عندما قرر الأسكتلندي دانيال دانلوب الجمع بين خبراء الطاقة البارزين لمناقشة قضايا الطاقة الناشئة فترة ما بعد الحرب، خاصة مع التغييرات الكبيرة التي شهدها العالم آنذاك على صعيد الاقتصاد والجغرافيا السياسية، وما كان يستلزمه ذلك من إحداث تغير في أساليب التعامل مع موارد ومصادر الطاقة، فاقترح دانلوب جمع الخبراء من مختلف أنحاء العالم لمناقشة مشاكل الطاقة المزامنة لذلك الوقت، وكذلك مناقشة مشاكل الطاقة المستقبلية.
وفي عام 1923، قام دانلوب بتشكيل لجنة خاصة للإشراف على تنظيم أول مؤتمر عالمي للطاقة في لندن عام 1924، وتم اختيار دانلوب ليكون الأمين العام الأول للمؤتمر، واجتذب المؤتمر وقتها 1700 مندوب من 40 دولة.
وفي 11 يوليو 1924، تم تأسيس المؤتمر رسميًا، ومنذ ذلك الحين، صار المؤتمر أحد أهم معالم تخطيط الطاقة في العالم، حيث يقوم بتوفير البيئة اللازمة لقادة وخبراء مجال الطاقة لدراسة ومواجهه التحديات التي تواجه المستثمرين والمستهلكين وفتح أسواق جديدة.
وتميزت دورة المؤتمر التي عقدت في برلين 1930 بمشاركة مجموعة مميزة من العلماء فيه، وكان من أبرز المتحدثين فيه العالم الفيزيائي الشهير والحائز على جائزة نوبل سابقاً ألبرت أينشتاين الذي قدم محاضرة حول “مشكلة الفضاء والأثير الفزيائي” وشرح نظرية النسبية لأول مرة باللغة الإنجليزية، كما كان من ضمن المشاركين آرثر إدينغتون الفيزيائي والفلكي البارز.
وأكدت دورة المؤتمر لعام 1936 على الأبعاد ذات القيمة للطاقة، مثل أهمية توجيه الطاقة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية، وظل المؤتمر في تطور بشكل مستمر حيث منحته الأمم المتحدة صفة استشارية في عام1947، وثم أعيدت هيكلته في عام 1968.
وتعتبر الدورة التاسعة للمؤتمر عام 1974 التي عقدت في ديترويت بالولايات المتحدة الأمريكية من العلامات الفارقة في تاريخه العريق، حيث اجتذب المؤتمر فيها نحو 4000 مندوب يمثلون 69 دولة، وجاء في البيان الافتتاحي للرئيس الأمريكي أنذاك، جيرالد فورد، أنه لن تتمكن دولة من حل مشكلة الطاقة وحدها، ليكون ذلك إيذاناً بضرورة التكاتف الدولي لحل قضية الطاقة التي بدا وقتها أنها آخذة في التفاقم.
وتغير عام 1992 إسم المؤتمر ليصبح “مجلس الطاقة العالمي”، وصار المجلس يستضيف مؤتمرالطاقة العالمي الذي يعتبر الفعالية الأكبر والأكثر نفوذا في العالم في مجال الطاقة، ويتم تنظيمه كل ثلاث سنوات.
ومع مطلع التسعينيات في القرن الماضي، بدأ مفهوم استدامة الطاقة في الظهور والتداول، وقد تبناه مؤتمر الطاقة العالمي، وتم توقيع بروتوكول كيوتو في عام 1997،الذي تناولت مواده مبادئ وطرق وقواعد توجيهيه بخصوص التحقق والتبليغ والمحاسبة عن الاتجار في الانبعاثات، وإقرار الإجراءات والآليات المناسبة والفعالة لتحديد ومعالجة حالات عدم الامتثال لأحكام هذا البروتوكول وتسوية المنازعات.
ويشير البروتوكول، كذلك، إلى ضرورة الدفع بالتنمية المستدامة خاصة في الدول النامية.وتأكيداً لأهمية وعمق الالتزام البيئي لدولة الإمارات العربية المتحدة، كانت من الدول السباقة التي حرصت على دعم بروتوكول كيوتو في عام 2005.
وشهد عام 2003 صدور تقرير الإشكالية الثلاثية للطاقة العالمية الذي أعدَّهُ مجلس الطاقة العالمي بالتعاون مع شركة أوليفروايمان للاستشارات الإدارية العالمية، تحت عنوان “حان وقت العمل: إشكالية الاستثمار في توفير طاقة مستدامة”، وأكد فيه بيير جادونيكس، رئيس مجلس إدارة “مجلس الطاقة العالمي” عن الفترة من 2007 – 2013 على أن مؤتمر الطاقة العالمي سيشكل المرحلة الحيوية في حوار الطاقة بين المعنيين، وسوف يتم العمل على تحقيق رؤية وحلول عملية ذكية مشتركة تستهدف ضمان مستقبل مستدام للطاقة للجميع.
وام