اختتمت الخميس 12 سبتمبر الجاري، فعاليات “مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرون” التي استمرت جلساته النقاشية وحواراته والأنشطة المرافقة على مدار أربعة أيام متواصلة في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وتركزت فعاليات اليوم الرابع والأخير من المؤتمر حول تشجيع المبادرات الجريئة لمواجهة تحديات الطاقة الرئيسية في المستقبل، وتشجيع استخدامات تقنيات الجيل الخامس من الاتصالات “5G” لتحقيق الاستدامة، وكيف يمكن أن يؤدي التعاون بين مختلف الأطراف إلى توفير طاقة أفضل وأرخص.

وتحت شعار “الابتكار: الطريق إلى الازدهار”، استمرت خلال اليوم الأخير من المؤتمر الحوارات والنقاشات رفيعة المستوى كما هو الحال بالنسبة للأيام الثلاثة السابقة.

ورحبت الجلسة الختامية بعدد من أبرز قادة الأعمال في الإمارات بالإضافة إلى شخصيات بارزة في مجال الصناعة وبعض المفكرين الواعدين من الشباب والوزراء.

وشهد اليوم  الختامي نقاشات مستفيضة حول القضايا الحاسمة والمؤثرة في مستقبل إنتاج الطاقة ونقلها وتوزيعها، وكيف يمكن لريادة الأعمال المبتكرة والجريئة صياغة ثقافة الابتكار الضرورية للتعاطي مع عالم يشهد تغيرا متسارعا.

وألقى خليفة حسن الفورة الشامسي، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والحوكمة لمجموعة “اتصالات”، الكلمة الرئيسية لهذا اليوم، والتي حملت عنوان “الاستفادة من تقنيات الجيل الخامس لدفع عجلة الاستدامة وتمكين الابتكار في قطاع الطاقة”.

ودارت الكلمة حول تسخير الجيل الجديد من تقنيات الهاتف المحمول بهدف تعزيز الاستدامة في قطاع الطاقة، وكيف أن تحسين التواصل بين الأفراد والشركات والكيانات، وما يتضمن ذلك من زيادة الوصول إلى المعلومات واستخدام الإنترنت بشكل أفضل، يساهم في تعزيز التوجه المستمر نحو الاستدامة.

وحدد الشامسي عددا من المزايا التي يمكن لتقنية الجيل الخامس أن تقدمها، وما تتضمنه من قدرة على تطوير الخدمات التي تعتمد عليها الشركات لمراقبة الأصول وإدارتها عن بعد، وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تساهم في الارتقاء بأنظمة الشبكات.

وقال الشامسي: “إن تقنية الجيل الخامس تقنية جديدة يمكنها إحداث نقلة هائلة وإطلاق صناعات جديدة. ولا يقتصر الأمر على السرعة فقط، ولكنها ستحدث نتائج مذهلة أيضا بالنسبة لتجارب الواقع الافتراضي والواقع المعزز”.

وأضاف: “تعد تقنية الجيل الخامس أداة أساسية ستعود بالنفع على المدن والدول والمصانع ومصافي النفط، فهي تمثل ركنا أساسيا في الانتقال إلى الجيل الصناعي الرابع، كما أنها تشكل الأساس بالنسبة لمستقبل التقنيات الرقيمة”.

وتابع: “علينا أن نواصل التعاون والابتكار في سبيل تحقيق أقصى فائدة ممكنة من مزايا تقنيات الجيل الخامس، وبالطبع لن يحدث ذلك بمجرد الجلوس في المكاتب، ولكن علينا أن نعمل على ترسيخ التواصل بين عقولنا وأن نواصل العمل والتجريب، يمكننا أن نحقق أي شيء إذا كنا نمتلك الإرادة والتصميم”.

وساهم “مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرون” في التقاء أبرز الشخصيات العاملة في قطاع الطاقة لتبادل النقاشات حول أهم ما يشغل هذا القطاع، واهتم كذلك بدعم القادة والمبتكرين والمفكرين المستقبليين فقد شهدت جلسة “الشركات الناشئة لتحويل الطاقة: قوة الإرادة والتحدي” اجتماع فريق من الخبراء، ومن بينهم الفائزون بجائزة “الشركات الناشئة لتحويل الطاقة” لهذا العام، حيث جرت النقاشات في الجلسة حول التنبؤ بتحديات الطاقة التي سيواجهها العالم في السنوات القادمة وتحديد أيها أكثر إلحاحا.

وانضم المهندس مروان بن حيدر، النائب التنفيذي للرئيس لقطاع الابتكار والمستقبل في هيئة كهرباء ومياه دبي، إلى المتحاورين خلال الجلسة التي استعرضت نماذج الأعمال والتقنيات والأفكار الجديدة التي ستكون في طليعة التحول المتواصل في قطاع الطاقة.

وقال ابن حيدر أن جميع الشركات ستكون أمام أحد خيارين هما “الابتكار” أو “الركود” وأكد أن دمج الأفكار الجديدة الشجاعة والجريئة التي طورتها الشركات الناشئة يشكل مفتاحا لمستقبل ناجح للشركات.

وأضاف: “يمثل التعاون حلا مفيدا لكل من الشركات القائمة والشركات الناشئة.. هم بمثابة توسعة لعقولنا، مثل التطعيم الذي يحصننا للمستقبل”.

وتابع: “يشابه هذا الأمر إضافة عنصر الشباب إلى المؤسسة حيث ستتلقى الشركة أفكارا وحلولا جريئة وجديدة، فيما يمكن للشركات الناشئة الاستفادة من سنوات من الخبرات والمعرفة في هذه الصناعة وبهذه الطريقة، تتحقق الفائدة للجميع”.

من جانبه أكد أندرياس كولمان، الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الألمانية “Deutsche Energie-Agentur”، على الأفكار التي طرحها ابن حيدر مضيفا أنه بالنسبة للشركات الناشئة.. “أن تكون جريئا هو شيء، وأن تكون ذكيا هو شيء آخر تماما”.

وقال كولمان “دور الشركات الناشئة مهم جدا بالنسبة للشركات الكبيرة..

ونظرا لوجود الكثير من الأشياء الجديدة، فمن الصعب للغاية في بعض الأحيان على الشركات القائمة تحديد الموضوعات والأفكار الجديدة والهامة من أجل التركيز عليها”.

وأوضح أن تشجيع النوع الصحيح من التعاون أمر غاية في الأهمية لأن الشركات الناشئة غالبا ما تجد صعوبة في تأمين شريك لديه الاستعداد والقدرة على استكشاف فكرة مبتكرة غير مسبوقة أو طريقة جديدة للنظر في مسألة ما.. ” قد يكون من الصعب اكتشاف ما هو مهم لجميع الشركاء وما هو مهم للسوق، ولكن إذا كانت الشركات الناشئة ذكية وجريئة وعلى استعداد تام للتعاون والتطور، فسوف تحقق الازدهار مع شركائها”.

وفي جلسة “الإعلان عن الأفضل: جائزة الشركات الناشئة لتحويل الطاقة”، انضم ميشيل فيورنتينون المدير الاستثماري لمجموعة أدنوك إلى لجنة التحكيم التي تنظر في الأفكار المتقدمة للجائزة، والتي تسعى لوضع أفكار تؤثر على حركة التوجه والتحول العالمي في مجال الطاقة.

اتسمت الجلسة بالتفاعل والحيوية، فقد تم تحدي المتأهلين إلى نهائيات الجائزة، للتنافس فيما بينهم وتوضيح الفائدة من أفكارهم وما تتمتع به من أبعاد، ومدى استخداماتها العملية، ولماذا يجب على المستثمرين تبني هذه الأفكار.

وتعد “جائزة الشركات الناشئة لتحويل الطاقة” منصة عالمية للابتكار تدعم تحقيق التنوع فيما يتعلق بتحول الطاقة.. ومن بين عدد إجمالي قدره 450 طلبا للمشاركة من 80 دولة، فقد تم اختيار العروض التي قدمتها 10 شركات ناشئة بفضل ما تتميز به من أفكار مبتكرة لكل من المعنيين وأصحاب المصالح والمستثمرين وأعضاء مجتمع الأعمال.

وتضمنت قائمة الشركات العشر التي وصلت إلى المرحلة النهائية في هذه المسابقة .. ” شركة ONO المتخصصة في اللوجستيات بنسبة صفر انبعاثات، وشركة الطاقة والذكاء الاصطناعي BlueWave AI، وشركة الطاقة المتجددة المنزلية DC Power Company Limited “.

وقالت فيرونيكا لويس، مسؤولة الاتصال في شركة ONO: “يتمثل هدف الشركة في تحسين التنقل في المناطق العمرانية مع تسهيل إيصال السلع بشكل أسرع”.

وأضافت: “إن نظام التوصيل الذي تقدمه شركة ONO يساعد على تعزيز الوصول إلى المدن والبلدات المزدحمة مع خفض الانبعاثات والتلوث والازدحام”.

وصرح بول ديفاشيش، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة الطاقة والذكاء الاصطناعي BlueWave AI أن برنامج الشركة يرتبط بموصلات الطاقة وأجهزة الاستشعار..

وأضاف: “نتج عن برنامجنا توفير حلول دقيقة ومفيدة لمشغلي الطاقة، تحسن من كفاءة توليد الطاقة، وتوفر ما يصل إلى 20٪”.

فيما بينت إيما جنكينز، الشريك المؤسس والمدير المالي في شركة DC Power Company Limited، الفكرة التي أوصلتهم إلى النهائيات في المسابقة والقائمة على تمكين العائلات حتى تكون في قلب عملية تحول الطاقة عن طريق استخدام الألواح الشمسية في المنازل.. ” ستتمكن العائلات من بيع الطاقة الفائضة عن استخدامها في السوق وهذا ما يؤدي بدوره إلى الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة”.

وحظي زوار مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين بفرصة فريدة تحفز خيالهم وتفكيرهم النقدي، وذلك بدعوتهم لإصدار قرارات تشكل مستقبل الطاقة من خلال لعبة المحاكاة التفاعلية.. ” كن رئيسا تنفيذيا لهذا اليوم”..

وشهدت هذه الجلسة مشاركة الضيوف والزائرين.

وتم خلال الجلسة عرض العديد من التحديات اليومية التي يواجهها كبار المديرين التنفيذيين في العالم، وطلب ممن يحاكون الرئيس التنفيذي تقديم حلول جديدة لقضايا الاستثمار، واختيار التقنيات ذات التأثير الأكبر في الطاقة المستقبلية، والحديث عن أولويات تدريب الموظفين، وتقديم آراء في الحلول الرقمية، واختيار أفضل الممارسات التجارية الصديقة للبيئة.

ومنح اليوم الأخير من المؤتمر فرصة للمشاركين فيه للتركيز على تطور قطاع الطاقة.. ففي جلسة بعنوان “الأسرع والأرخص والأفضل: التعاون بين القطاعات لنجاح تحول الطاقة”، تركزت النقاشات حول التطورات العالمية والإقليمية الناشئة في قطاع الطاقة والفرص التي توفرها.

واستعرض المشاركون مجموعة من المسائل مثل علاقات التعاون الجديدة بين الشركات والبلدان والكيانات المختلفة، وكيف ألغت التقنيات الرقمية الحدود التقليدية التي كانت تفصل بين قطاعات الطاقة.. كما ناقشت الجلسة عوامل توسع صناعة الطاقة وتطورها.

واحتفت الجلسة الختامية العامة لـمؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين بنجاح المؤتمر، وبالإنجازات التي تحققت فيه، وبالأفكار المبتكرة والحلول الجريئة التي تمت صياغتها على مدار أيامه الأربعة.

وكان عنوان المؤتمر “الطاقة من أجل الازدهار” قد طغى على المناقشات والمحادثات رفيعة المستوى التي شهدها المؤتمر.

وكان الدكتور كريستوف فراي، الأمين العام والمدير التنفيذي في مجلس الطاقة العالمي، أدار الجلسة الختامية لمؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين الذي عقد لأول مرة في الشرق الأوسط واحتفى بالإنجازات التي شهدها الحدث العالمي.

وقال معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والصناعة إن الأيام القليلة الماضي شهدت المضي بخطوات بالغة الأهمية في العمل على إعادة تشكيل مستقبل قطاع الطاقة.. لقد شهد مؤتمر الطاقة العالمي نجاحا هائلا، وكانت النقاشات العامة بين وزراء الحكومات أدت إلى نتائج ممتازة.. لقد اتفقنا على أننا جميعا ملتزمون بخفض الانبعاثات التي ننتجها والتأكد من أننا جميعا قادرون على العمل معا للمساعدة في تقدم الصناعة بأكملها”.

وأضاف معاليه ” كما أنه من المهم أيضا أن نعرف أي نوع من الطاقة سيساعدنا في المضي قدما. يتعين علينا أن نترك أثرا إيجابيا حتى نتمكن في المستقبل من الحصول على هواء وماء نظيفين ليستفيد منهما العالم كله”.

كما انضم إلى معالي سهيل المزروعي على المنصة معالي ألكساندر نوفاك، وزير الطاقة في روسيا الاتحادية بصفتها الدولة المستضيفة لمؤتمر الطاقة العالمي القادم في 2022 .. وقال نوفاك إن روسيا ستغتنم الفرصة لمواصلة النجاح الذي حققته أبوظبي في استضافة الحدث الرائد لصناعة الطاقة..

وأضاف ” أود أن أوجه الدعوة لجميع المشاركين معنا هنا للحضور إلى روسيا، باعتبارها فرصة مثالية لمتابعة الإنجازات التي شهدها مؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي”.

وتابع ..” لقد تمت مناقشة التوجهات الرئيسية في الصناعة، ومنها الحاجة إلى تطوير عمليات الإنتاج، وإدارة الكفاءات والشبكة، والحاجة إلى استثمار رأس المال الضخم في القطاع واستخدام الذكاء الاصطناعي وتحسين الكفاءات ومصادر الطاقة المتجددة والمواد الهيدروكربونية والكثير من المسائل التي تمت مناقشتها هنا في أبوظبي ضمن فعاليات مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين”.

وألقى سعادة الدكتور مطر النيادي، رئيس اللجنة التنظيمية لمؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين، وكيل وزارة الطاقة والصناعة ، كلمة أمام لخص فيها أهمية تنظيم المؤتمر العالمي الرابع والعشرين للطاقة في المنطقة لأول مرة، وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط ودولة الإمارات خلال السنوات القادمة.. وقال.. ” أتيحت لنا الفرصة في الأيام القليلة الماضية لتداول مجموعة واسعة من المسائل والتحديات التي تؤثر على صناعتنا..

وشارك معنا عدد كبير من القادة ورواد الأعمال في قطاعات الطاقة والخبراء من جميع أنحاء العالم”.

وأضاف.. ” يمثل المشاركون جميع أنواع الطاقة، حيث وحدوا جهودهم في سبيل هدف مشترك.. ويؤكد هذا المؤتمر أن تفكيرنا الجماعي واستراتيجياتنا التعاونية وجهودنا المتوازية ستصل بنا إلى الأهداف المنشودة”.

وتابع .. ” كان من دواعي سروري أن نعمل مع مؤتمر الطاقة العالمي، كما يسرنا التعاون مع زملائنا في روسيا لمواصلة العمل والنجاح في بلوغ هذا المسعى والتأكد من أن النسخة الخامسة والعشرين من هذا المؤتمر ستكون حدثا استثنائيا آخر”.

ومع انتهاء فعاليات مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين حلت أيضا نهاية فترة تولي السيد ديفيد كيم لمنصب رئيس مجلس الطاقة العالمي ..وخاطب كيم الحضور للمرة الأخيرة وشكر الجميع على دعمهم، وذلك قبل أن يسلم المهمة للسيد جان ماري دوغر، الذي سيتولى منصب رئيس مجلس الطاقة العالمي.

وحضر ديمتري كوزاك، نائب رئيس وزراء الاتحاد الروسي، إلى أبوظبي ووجه الدعوة للآلاف من الخبراء العالميين لحضور الدورة القادمة من مؤتمر الطاقة العالمي التي ستقام عام 2022.

وشهد الحاضرون عرضا تقديميا يسلط الضوء على رؤية روسيا وقطاعات الطاقة فيها وما يمكن أن يشهده الحدث الذي سيقام بعد ثلاث سنوات في سان بطرسبرغ.

وقال كوزاك إن أبوظبي وصلت إلى آفاق أعلى ووضعت معايير جديدة للنجاح، ولكن روسيا سوف تسعى جاهدة لتجاوز التوقعات في مؤتمر الطاقة العالمي الخامس والعشرين في سان بطرسبرغ، ومواصلة العمل بناء على الأسس القوية التي رسختها عاصمة الإمارات العربية المتحدة خلال الأيام الأربعة الماضية.

واغتنم معالي سهيل محمد المزروعي، وزير الطاقة والصناعة الفرصة للتعبير عن شكره وامتنانه للآلاف من المشاركين الذين حضروا إلى أبوظبي، ولجميع الرعاة الذين ساهموا في تنظيم أحد أهم المؤتمرات التي استضافتها الدولة.

وقال ” نحن فخورون جدا بما قمنا به في أبوظبي، وسنتعاون مع روسيا باعتبارنا فريق واحد من خلال مجلس الطاقة العالمي في سبيل تنظيم مؤتمر طاقة عالمي أفضل وأكثر شمولا في 2022 “.

وأضاف معاليه.. ” لقد شهدنا تفاعلا كبيرا بين رواد الأعمال الشباب والملهمين من جميع الشركات الصناعية خلال هذا الأسبوع.. كما اكتسبنا الكثيرة من الخبرات ونحن نعد بأننا سنعمل على تطوير أساليبنا ونواصل الارتقاء إلى مستويات أعلى لضمان مستقبل مشرق لجميع الأجيال، ليس هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة فقط ولكن في جميع أنحاء العالم”.

 

 

وام