لم يحتمل رفيق الدرب ممارسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وانفراده بقرارات البلاد، رغم التعهد والوعد بعدم الدخول في انتقادات علنية لا تليق برفاق الحزب، إلا أن أحمد داوود أوغلو الملقب بـ«العثماني الصغير» لم يطق ما آلت إليه البلاد.
فخرج عن صمته في يوليو الماضي ليقلب الطاولة من داخل حزب العدالة على كل الرفاق، معتبراً أن الحزب ضل الطريق وانحرف، بل هدد أيضاً بما سماه بفتح الدفاتر لرفاق الدرب والمقصود هنا الرئيس التركي، ما جعل الحزب يسرع بإحالته إلى لجنة تأديبية وبالتالي الفصل من الحزب.
كان داوود أوغلو من أعمدة حزب العدالة والتنمية، وأكاديمياً رفيعاً في العلاقات الدولية، وتمكن خلال الأعوام الماضية من ترسيخ صورته كرجل دولة استحوذ على إعجاب الأحزاب السياسية في تركيا، في وقت تعيش فيه تركيا أزمة إجماع على سياسي معين بسبب حالة الاستقطاب طوال السنوات الأربع الماضية.
لم يتمكن أحمد داوود أوغلو صاحب الكتاب الشهير العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية من تطبيق نظرية تصفير المشاكل في المحيط التركي، بل دخلت تركيا بعد العام 2011 في عداد زيادة الأعداء وتوحّلت في العراق وسوريا، وتوترت العلاقات مع الدول الخليجية، بل إن صديق أردوغان دخل في خصومة مع رفيق الحزب انتهت باستقالته.
مسيرة الخوجا
عمل «الخوجا» الذي تعني بالتركية الأستاذ، وهو لقب طالما كان زملاؤه يرددونه، مستشاراً لرئيس الوزراء عبد الله غُل، ومن ثم أردوغان لاحقاً بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2003، وتدرج في مناصبه إلى أن أصبح رئيساً للوزراء وربما سرعة صعود أوغلو أوقعت بعلاقته مع أردوغان، خصوصاً بعد الخلافات العميقة على النظام الرئاسي.
كان من المهندسين لاتفاق بروكسل العام 2015 مع الاتحاد الأوروبي، الذي أوقف تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، وما يزال هذا الاتفاق صامداً حتى الآن.
خلافات عميقة
كان شهر يونيو من العام 2018 بعد خروجه من البرلمان، بداية أفول نجم داوود أوغلو عن المشهد السياسي التركي. تبين للمراقبين عمق وحجم الخلاف بين أوغلو وأردوغان في يوم تنصيب الأخير، رئيساً للجمهورية وأدائه اليمين أمام البرلمان، حينها شوهد داود أوغلو ووزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان يزوران إحدى البلدات السياحية.
الأمر الذي اعتبره أردوغان تجاهلاً لا يمكن السكوت عنه، وبعد فترة وجيزة كان أوغلو يحضر لإلقاء محاضرة في إحدى الجامعات، إلا أنه فوجئ بقرار إلغاء المحاضرة أمام الطلاب.. هنا انتهت آخر خيوط العلاقة بين الرجلين.
البيان