شهدت ساحتا الشهداء ورياض الصلح في بيروت وأغلب المدن اللبنانية حشوداً هائلة قدرت بمئات الآلاف من المحتجين المطالبين بإسقاط الحكومة واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة المسؤولين عن الهدر والفساد، فيما أكدوا رفضهم لورقة العمل الاقتصادية التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري في 24 محوراً للخروج من الأزمة، والتي من المقرر أن تجتمع الحكومة اليوم الاثنين لإقرارها، وطالب المحتجون بإجراء انتخابات نيابية مبكرة وإلغاء كل زيادات الضرائب في موازنة 2019.
وشهدت الطرقات المؤدية إلى وسط العاصمة زحاماً كبيراً منذ ساعات الصباح ولم تمنع الأمطار المتفرقة التي هطلت على المعتصمين من الوصول إلى أماكن الاعتصام سيراً على الأقدام.
ورفع المتظاهرون الأعلام اللبنانية فقط ورددوا شعارات منددة بالحكومة وبالسلطة وبالتدابير التي تتخذها وطالبوا باستقالة كل المسؤولين عما وصلت إليه أوضاع البلد ورددوا النشيد الوطني اللبناني والأناشيد الوطنية. ولم تحصل أي مشكلات أمنية تذكر رغم الحشد الهائل الذي شهدته الساحتان وسط تدابير أمنية مشددة نفذها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام، إن حشوداً كبيرة من اللبنانيين تجمعوا في ساحة النور في طرابلس قدروا بعشرات الآلاف وكذلك شهدت الطريق الدولية بين طرابلس وبيروت اعتصاماً حاشداً في مدينة جبيل هو الأكبر منذ بدء الاعتصامات.
وذكرت أن اعتصامات كبيرة شهدتها منطقتا كسروان والمتن في «الزوق» و«أنطلياس» حيث نصب المواطنون الخيم وقطعوا الطرقات.
وأضافت الوكالة أن مدينة صور تخطت الإشكالات الأمنية التي حصلت أمس الأول أثناء التظاهرات وشهد أمس، اعتصاماً كبيراً شدد فيه المعتصمون على وحدة المطالب التي ينادي بها المتظاهرون في كل لبنان. وأشارت إلى أن المتظاهرين قطعوا عدداً من الطرقات، ومنها الطريق الدولية في بلدات «النبي عثمان» و«الفاكهة» و«رأس بعلبك» في منطقة البقاع وكذلك في منطقة الجنوب حيث حصلت اعتصامات وقطعت الطرقات في صيدا وصور والنبطية. وقال الصليب الأحمر اللبناني في بيان إنه وضع 160 سيارة إسعاف وألف مسعف في حالة تأهب للتدخل ومساعدة المتظاهرين عند الحاجة وفي كل الأراضي اللبنانية.
بدورهم، طالب المتظاهرون في بيان رداً على ورقة الإصلاحات التي تقدم بها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس، بإجراء انتخابات نيابية مبكرة وإلغاء كل زيادات الضرائب في موازنة 2019. ودعا المتظاهرون إلى إسقاط الحكومة، كما دعوا إلى تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة، وأكد بيان المتظاهرين على ضرورة تحرك القضاء لاستعادة المال المنهوب.
وجاء في بيان المتظاهرين رداً على الورقة الإصلاحية التي أعلنتها الحكومة اللبنانية: «لا ثقة في إصلاحاتكم، نرفض هذه المماطلة ومحاولة كسب الوقت، الناس قالت كلمتها، تظاهر وإضراب حتى إسقاط الحكومة وتحقيق المطالب».
وحدد المتظاهرون مطالبهم في عدة نقاط:
– الاستقالة الفورية لحكومة الضرائب الجائرة والمحاصصة الطائفية.
– تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة من اختصاصيين مستقلين لا ينتمون للمنظومة الحاكمة، على أن تتبنى الخطوات التالية:
– إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بناء على قانون انتخابي عادل يضمن صحة التمثيل.
– إدارة الأزمة الاقتصادية وإقرار نظام ضريبي عادل.
– تحصين القضاء وتجريم تدخل القوى السياسية فيه.
واختتم البيان بثلاثة هاشتاغات: #القوة_للناس، #لبنان_يثور، #لبنان_ينتفض.
وكان الحريري قد طرح أمس، ورقة عمل اقتصادية، تتضمن 24 محوراً للخروج من أزمة الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ الخميس الماضي. وحملت الورقة خطوات غير مسبوقة، بينها إلغاء كل أنواع زيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، وإلغاء كل الاقتراحات الخاصة باقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وإعادة العمل بالقروض السكنية. وكان اللافت في الورقة إشارة أن تكون موازنة العام 2020 بلا عجز، فيما تتحدث مصادر عن اتفاق مع البنوك لخفض تكلفة الدين العام، ولفرض ضرائب على أرباح المصارف لمدة عام واحد. كما تضمنت الإجراءات الإسراع في خصخصة قطاع الهاتف المحمول، والشروع في إصلاح قطاع الكهرباء، وإقرار مناقصات محطات الغاز.
وفي سياق متصل، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام نقلاً عن جمعية المصارف اللبنانية قولها، إن جميع البنوك ستظل مغلقة اليوم الاثنين بسبب الاحتجاجات. وقالت جمعية المصارف اللبنانية في بيان لها، «مع استمرار التحركات الشعبية في أنحاء عدة من البلاد، وحرصاً على أمن العملاء والموظفين وسلامتهم، ومن أجل إزالة آثار الأضرار التي أصابت بعض المراكز والفروع المصرفية، تعلن الجمعية أن أبواب المصارف ستبقى مقفلة الاثنين، على أمل أن تستتب الأوضاع العامة سريعاً في ضوء المساعي الحميدة والدؤوبة التي تبذلها مختلف السلطات لإشاعة الطمأنينة والاستقرار ولاستئناف الحياة الطبيعية في البلاد».
إلى ذلك، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة في لبنان أمس، تمديد الإضراب العام في كافة الإدارات والمؤسسات حتى مساء اليوم الاثنين. وقالت الرابطة، في بيان، إنه تقرر «تمديد الإضراب ترقباً لما سيصدر عن الحكومة من إجراءات موعودة لمعالجة الأزمة القائمة».
وذكرت أنها «إذ تهيب بالمعنيين من المسؤولين التركيز في إجراءاتهم الإصلاحية على إقفال مكامن الهدر في المالية العامة، والتوجه في تحصيل حق الخزينة نحو أصحاب الثروات وأولئك الذين أثروا على حساب المال العام، فإنها تحذر بشدة من المساس بحقوق أصحاب الدخل المحدود، أو رواتب الموظفين ومستحقاتهم التقاعدية، أو أي من مكتسباتهم المحقة، أو زيادة محسوماتهم التقاعدية».
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن رئاسة الجامعة اللبنانية قررت تعليق الدروس وتأجيل الامتحانات إلى موعد لاحق، نظرا إلى الظروف الراهنة.
الاتحاد