تتوالى شهادات المؤسسات الدولية والإقليمية لتؤكد قدرة الاقتصاد الإماراتي على مواصلة النمو في ظل التحديات العالمية التي أثرت على النمو الاقتصادي في العالم.
وجاءت تلك التقارير لتكون بمثابة اعتراف وإقرار بصحة السياسات والقرارات الحكومية وتأثيرها الإيجابي سواء في التعامل مع التحديات الحالية أو لضمان تحقيق مزيد من النمو مستقبلاً.
وعكست تلك التقارير بوضوح المكانة التي وصلت لها دولة الإمارات باعتبارها من أهم المراكز العالمية في الوقت الحالي للأعمال.
وحسب التقارير الدولية والإقليمية، فإن هناك حالة إجماع على نجاح سياسات التنويع الاقتصادي، وإصلاحات الهيكلية والسياسة المالية التوسعية لحكومة الإمارات لاسيما القرارات الهادفة إلى تخفيض كلفة ممارسة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار وتحسين التصنيف في مجال سهولة ممارسة الأعمال، إضافة إلى إقرار قانون جديد للاستثمار يرفع نسبة تملك المستثمرين الأجانب إلى 100%، وتبني إمارتي دبي وأبوظبي عددا من المبادرات الهادفة إلى دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ووفقاً لتقرير صدر أخيراً عن وحدة البحوث الاقتصادية التابعة لبنك الكويت الوطني، فإنه على الرغم من استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي والتوترات التجارية والجيوسياسية، إضافة إلى انخفاض الطلب على الطاقة، إلا أن الاقتصاد الإماراتي تمكن من تحقيق نمواً بنسبة 3.7% خلال الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي، وسط أفاق للنمو ما تزال مستقرة.
وتوقع التقرير بقاء توقعات النمو الاقتصادي ضمن مستويات مقبولة نتيجة استمرار سياسات التنويع الاقتصادي.
وأشار إلى أن الحكومة الإماراتية تبنت سياسة مالية توسعية وأطلقت عدداً من الإصلاحات الهيكلية لتخفيض كلفة ممارسة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار، إضافة إلى إقرار قانون جديد للاستثمار يرفع نسبة تملك المستثمرين الأجانب إلى 100%، كما تبنت إمارتا دبي وأبوظبي عددا من المبادرات الهادفة إلى دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما في ذلك دعم مسرعات نمو الأعمال وتسهيل الحصول على التمويل.
وقال الدكتور سعادة شامي، كبير الاقتصاديين لمجموعة بنك الكويت الوطني، إن القطاع غير النفطي في الإمارات شهد نمواً قوياً خلال الفترة 14-2010 مقروناً بالسياسات الحكومية الداعمة للتنويع الاقتصادي، مؤكداً أن آفاق النمو الاقتصادي متوسطة المدى ستبقى مستقرة وذلك بدعم من حجم الوفورات في الصناديق السيادية إلى جانب تأكيد الحكومة التزامها بتطبيق السياسات الإصلاحية.
وتوقع شامي، أن يكون النمو في القطاع النفطي محدوداً نظراً لتوقع استمرار تمديد اتفاقية الأوبك وحلفائها، فيما توقع أن ينمو الاقتصاد غير النفطي نتيجة سياسات التحفيز المالي، وآثار الإصلاحات الهيكلية ومعرض «إكسبو 2020».

وأكد تقرير صدر عن بنك «إتش إس بي سي» أن مستويات الثقة لدى شركات الأعمال التجارية في دولة الإمارات تواصل ارتفاعها تزامناً مع تسارع التحضيرات لمعرض إكسبو 2020 دبي.
وقال إنه بحسب نتائج دراسة استطلاعية تضمنها التقرير وشملت أكثر من 9100 شركة في 35 دولة ومنطقة، فإن 83% من شركات الأعمال التجارية في الإمارات تتوقع نمو مبيعاتها خلال الأشهر الـ 12 القادمة وحدها، مع تطلع 35% من هذه الشركات على الأقل إلى تحقيق زيادة بالنمو بنسبة 15% أو أكثر، موضحاً أنه مع توقع زيارة الكثير من السياح والمسؤولين وشركات الأعمال من 190 بلداً لدولة الإمارات لحضور معرض إكسبو 2020، تقوم شركات الأعمال التجارية في الإمارات بإجراء تقييم للفرص الدولية التي سيجلبها هذا الحدث العالمي على المدى المتوسط والطويل.
وقال مايك ديفيس، رئيس الخدمات المصرفية التجارية لدى بنك HSBC في الإمارات، إن جهود دولة الإمارات في مجال التنوع الاقتصادي تدل على أنه يتم النظر إليها على نحو متزايد كمركز للابتكار في مجال التجارة بما يحقق الفائدة لكل من شركات الأعمال التجارية المحلية والدولية، منوهاً بأنه مع العمل الجاري لتنفيذ رؤية 2021 وكذلك الانتشار الدولي وعلاقات التواصل التي سيوفرها معرض إكسبو فإن من شأن ذلك أن يوفر الكثير من الفرص الواعدة للشركات المهتمة بأعمال التصدير.

زخم النمو
وأكد صندوق النقد الدولي تعافي النشاط الاقتصادي في دولة الإمارات العام الجاري، وزيادة الزخم العام المقبل، بدعم من معرض إكسبو 2020 دبي، والحوافز الحكومية المالية المعمول بها، متوقعاً نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة ب 2.5% في عام 2020، وأن يتجاوز النمو غير النفطي 1% في عام 2019 يرتفع إلى 3% العام المقبل، وهو الأسرع منذ عام 2016، على خلفية معرض إكسبو 2020 والحوافز المالية.
وحدد صندوق النقد الدولي أولويتين رئيسيتين هما تشجيع نمو القطاع الخاص غير النفطي، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز الأطر المالية لضمان توفير ما يكفي من ثروة النفط للأجيال القادمة وتخفيف التقلبات قصيرة الأجل.
وقال إن الإمارات اتخذت بالفعل عدداً من الخطوات المهمة، بما في ذلك اعتماد قانون الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) الذي يسمح بملكية أجنبية بنسبة 100% في قطاعات مختارة، وتخفيض أو إلغاء الرسوم.
وأشاد بالخطوات التي اتخذتها السلطات الإماراتية لتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأهمها خفض تكاليف بدء التشغيل، تفعيل إطار الإعسار الجديد، تشجيع زيادة الإدماج المالي، مشدداً على أن دعم نمو القطاع الخاص غير النفطي، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير أطر مالية، يدعم الاستدامة على المدى الطويل.
وكان جهاد أزعور، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، قد أرجع توقعات الصندوق للتحسن التدريجي في أداء القطاع غير النفطي إلى عدة عوامل داعمة من أبرزها تنويع الاقتصاد وفتح الأسواق، إضافة إلى تطبيق عدد من المبادرات الحكومية الإيجابية لانتعاش الاقتصاد الإماراتي من خلال تخفيض تكلفة الأعمال، وتحسين التصنيف في مجال سهولة ممارسة الأعمال، داعياً الدول الخليجية إلى زيادة تنويع مصادرها المالية مع زيادة الاستثمار في التعليم وتشجيع الابتكار ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لضمان النمو المستقر.

أسس قوية
توقع تقرير لوكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» أن تشهد الاقتصادات الخليجية نمواً أقوى نسبياً بعد الفتور الذي ساد خلال العام الحالي، معرباً عن اعتقاده بأن البنوك الخليجية ستحافظ على استقرار أوضاعها المالية في العام 2020 ما لم يحدث أي تصاعد في المخاطر الجيوسياسية أو انخفاض حاد في أسعار النفط، ومتوقعاً أن تتعامل البنوك الخليجية في العام 2020 بنجاح مع التراجع في الظروف الاقتصادية للمنطقة، بدعم من أوضاعها المالية القوية.
وصنف مؤشر فايننشال تايمز «إف دي آي ماركتس»، الذي يسجل بيانات تدفقات رأس المال ومشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة حول العالم، دبي في المرتبة الثالثة عالمياً في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر من حيث تدفقات رؤوس الأموال وعدد المشروعات الاستثمارية الجديدة، لتواصل دبي تقدمها خلال النصف الأول من العام 2019 في تصنيف المدن الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية، وتأكيد مكانتها كبيئة استثمار عالمية، تواكب تطلعات المستثمرين وتحولات التكنولوجيا وطموحات رواد الأعمال والمبتكرين في المنطقة والعالم، لافتاً إلى أن دبي حافظت على تصنيفها في المركز التاسع عالمياً على صعيد خلق فرص عمل جديدة عبر الاستثمار الأجنبي المباشر، بما يعزز من مكانتها كإحدى الوجهات العالمية الأكثر جاذبية للمواهب الواعدة.

وجهة مفضلة
كشف تقرير «ديليجنسيا» و«ميدل إيست إيكونوميك دايجست» (ميد) و«جلف كابيتال» أن دولة الإمارات لا تزال تمثل وجهة حيوية ومفضّلة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى للازدهار، حيث ارتفع عدد الشركات الجديدة بنسبة 30% خلال العقد الماضي، ولا سيما تلك العاملة في مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم والتي تقود نمو قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، مرجعاً هذه الزيادة في عدد الشركات إلى السياسات الجديدة المعتمدة والتي تتيح للأجانب التملّك بنسبة 100% للشركات ذات المسؤولية المحدودة في بعض القطاعات.
وسلط التقرير الضوء على الدور الرائد الذي تلعبه دبي في توفير البنية التحتية اللازمة لازدهار الشركات الجديدة، حيث تم تسجيل معدل سنوي بلغ ألف ترخيص جديد بين عامي 2015 و2018.
وقال الدكتور كريم الصلح، الرئيس التنفيذي لشركة «جلف كابيتال» إن دولة الإمارات تسعى جاهدةً إلى توفير بيئة راسخة ومواتية لازدهار قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، ما يفسح المجال أمام الشركات الجديدة والمبتكرة لدخول السوق واتخاذ الإمارات كمركز لعملياتها الإقليمية، موضحاً أنه على الرغم من التباطؤ الاقتصادي في السنوات الأخيرة، باتت الشركات الحالية تبدي مستويات أعلى من المرونة والاستمرارية.
وأضاف أنه وفقاً لنتائج التقرير فإن مجالات الابتكار والتكنولوجيا والصحة والتعليم وخدمات الأعمال تشكّل المجالات الواعدة التي ستسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة بالازدهار.
وأكد أنه في ظل سعي دولة الإمارات لتحقيق مكانة رائدة في مجال الابتكار، شهد قطاع التكنولوجيا على وجه التحديد أعلى نسبة نمو في عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ليرتفع من 11% في عام 2015 إلى 47% خلال عام 2018.
وأشار إلى أن قطاع الرعاية الصحية حقق نمواً مستمراً على مدى السنوات العشر الماضية حيث بلغ ذروته في عام 2018، وقد اختارت 51% من الشركات الصغيرة والمتوسطة الجديدة إمارة أبوظبي كمقر مفضّل لها بين عامي 2015 و2018، تلتها دبي كوجهة مفضلة ل48% من تلك الشركات الجديدة، عازياً هذا النمو إلى الشركات الناشئة في مجالَي الصناعات الدوائية والتكنولوجيا الحيوية على وجه الخصوص، والتي تواصل دفع عجلة الابتكار في قطاع خدمات الرعاية الصحية إذ يتوقع أن تحقق الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الصناعات الدوائية نمواً سريع الوتيرة بفضل قانون تملّك الأجانب لحصة 100% من الشركات.

الأهم في العالم
ووضع مؤشر المراكز المالية العالمية، دبي في الترتيب الثامن بين أهم المراكز المالية على مستوى العالم، حيث أحرز مركز دبي المالي العالمي قفزة في المؤشر الذي يضم أكثر من 100 مركز حول العالم، متقدماً أربعة مراتب، من ترتيبه الثاني عشر ضمن المؤشر السابق، وصولاً إلى هذا التصنيف الذي يُعدُّ الأفضل منذ تأسيسه.
ويُعدُّ مركز دبي المالي العالمي، الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا المصنّف ضمن قائمة المراكز العشرة الأولى في التصنيف العالمي، ما يضعه في مصاف المراكز المالية العالمية المحورية الأخرى في لندن ونيويورك وهونغ كونغ وسنغافورة.
وفي الإطار ذاته حصد مركز دبي للسلع المتعددة، جائزة «أفضل منطقة حرة في العالم للعام 2019» من مجلة «إف دي آي» التي تصدر عن صحيفة فاينانشال تايمز، وذلك للعام الخامس على التوالي.
كما حصد المركز مجموعة أخرى من الجوائز منها جائزة «أفضل منطقة حرة في العالم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للعام» و«أفضل منطقة حرة في الشرق الأوسط للعام»و «أفضل منطقة حرة في الشرق الأوسط للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للعام».

الاتحاد