يدخل معرض دبي للطيران، الذي انطلقت أولى دوراته عام 1989 مع افتتاح دورته الـ 16 اليوم في «دبي وورلد سنترال»، عقده الرابع مستشرفاً آفاقاً جديدة في صناعة الطيران، ومواكباً للتحولات الضخمة التي يشهدها القطاع في عصر الثورة الصناعية الرابعة التي تمهد لإحداث تغيير جوهري بقواعد اللعبة في مجال الطيران مستقبلاً.
وعلى غرار دوراته الـ 15 السابقة التي شهدت سباقاً كبيراً بين الشركات المصنعة للطائرات للفوز بعقود وصفقات تجارية ضخمة خلال المعرض زاد رصيدها التراكمي على 640 مليار دولار في آخر 10 دورات، فإنه يتوقع أن يشهد المعرض هذا العام الإعلان عن توقيع طلبيات شراء جديدة وتأكيد عقود طلبيات شراء سابقة، وذلك رغم التحديات والأوضاع الاقتصادية العالمية التي أثرت في تراجع الطلب في حركة السفر، خلال العام الماضي، في مناطق مختلفة من العالم.
وترى جهات مشاركة في المعرض والذي يتوقع أن يستقطب رقماً قياسياً في أعداد الوفود والزوار المهنيين بما يزيد على 87 ألف مختص، أن انطلاق المعرض إلى عقده الرابع يأتي في مرحلة تشهد فيها صناعة الطيران متغيرات جوهرية، تتعلق بمستقبلها وقدرتها على رسم مشهد جديد يستفيد من ابتكارات الثورة الصناعية الرابعة، كالذكاء الصناعي والرقمنة والتعلم الذاتي للآلات والطباعة ثلاثية الأبعاد، دون أن يهدد ذلك مستويات السلامة العالية التي لا تزال تشكل التحدي الأكبر الذي يواجه صناعة الطيران وارتباطه بالتحول الرقمي.
ويؤكد هؤلاء أنه رغم أن الذكاء الصناعي سيلعب دوراً متعاظماً في صناعة الطيران، فإن ذلك لا يعني أنه سيحلق بطائرات الركاب في أي وقت قريب، لكن ربما لا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً في رؤية طائرات الشحن ذاتية التحكم، على سبيل المثال، وهي تحلق في الأجواء.
وتنطلق النسخة الـ 16 من معرض دبي للطيران 2019 غدا، والتي تستمر حتى 21 نوفمبر الجاري، بمشاركة هي الأضخم في تاريخ المعرض تصل إلى 1300 شركة ومؤسسة محلية وعالمية، منها 100 جهة تشارك للمرة الأولى.
وتوقعت الشركة المنظمة حضور نحو 87 ألفاً من المختصين والمهتمين بصناعة الطيران للتفاعل مع ممثلي الشركات والمؤسسات المشاركة، ومشاهدة نحو 165 طائرة من أحدث الطرازات في ساحة عرض الطائرات، والمشاركة في الفعاليات والمؤتمرات المتخصصة التي ستقام على هامش مثل مؤتمر إدارة الحركة الجوية العالمية، إضافة إلى مؤتمرات «نساء في الفضاء» و«أحاديث تقنية» و«كارجو كونيكت».
وتشارك في «إيدج» التي تجمع بين أكثر من 25 مؤسسة، منها شركات تابعة لشركة الإمارات للصناعات العسكرية ومجموعة الإمارات المتقدمة للاستثمارات وتوازن القابضة، ومؤسسات مستقلة أخرى في معرض دبي للطيران كأول – «شريك التكنولوجيا المتقدمة» في تاريخ المعرض.
وقال سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة: «إن معرض دبي للطيران أحد أهم نجاحات دبي وأكثرها تحدياً للتاريخ، وهو الذي بدأ بشكل متواضع في عام 1986 في مركز دبي التجاري العالمي، بعد سنوات من بناء الأخير، لكي يكون أول مجمع مصمم خصيصاً لغرض تنظيم المعارض والمؤتمرات. وقد شهد هذا المعرض مسار نمو مذهل منذ نقل تنظيمه إلى مطار دبي الدولي في العام 1989، حيث تمتع وقتها بمساحة بلغت 7000 متر مربع، قبيل انتقاله مجدداً إلى موقعه الحالي».
وأضاف سموه أن تنظيم دورة العام الجاري من هذا المعرض، الذي يقام مرة كل سنتين، حقق نمواً مذهلاً ما جعله ثالث أضخم معرض من نوعه في العالم، والذي حقق في دورته الأخيرة التي أقيمت قبل عامين صفقات إجمالية وصلت إلى عتبة 114 مليار دولار.
وأوضح سموه: «سيتواصل هذا السجل التجاري المدهش في السنوات القادمة بالنظر إلى النمو السريع لصناعة الطيران. وعلى النقيض من الأماكن الأخرى التي يتم فيها تنظيم المعارض الجوية، فإن دبي تمثل قصة نجاح مختلفة تماماً على صعيد الطيران، فهي موطن المطار الأكثر ازدحاماً في العالم لجهة المسافرين الدوليين منذ 5 أعوام على التوالي، فيما تعتبر طيران الإمارات درة شركات الطيران فيها أضخم مشغل في العالم للطائرات من طرازي إيرباص إيه 380 وبوينج 777».
وتابع: «يوضح الوضع المتزايد الأهمية لمعرض دبي للطيران، بكل تأكيد، الثقة التي لا نظير لها التي وضعها العالم في ثاني أكبر اقتصادات العالم العربي وفي مركز الطيران العالمي سريع النمو هذا».
وأشار إلى أن «المعرض الجوي وصل إلى النضج الكامل فيما يتعلق بتعزيز قدرات التنظيم وزيادة مشاركة الشركات والطائرات، وهو الأمر الذي يبدو بجلاء في دبي التي تمثل مركز سوق سفر جوي جديد ومزدهر. وقد اتخذت قيادة دبي الملهمة قرارات عمل واعية برؤية واضحة لتمكين المدينة من تطوير نفسها كمركز استقطاب قوي».

مبادلة

تأتي مشاركة مبادلة في معرض دبي للطيران 2019 لتعكس دورها البارز عالمياً وإقليمياً في توظيف ابتكارات الثورة الصناعية الرابعة في مجال صناعة الطيران، بعد أن تمكّنت شركات صناعة الطيران التابعة لها والتي تنشط في قطاعات التصنيع والخدمات الصناعية وتقنيات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، من تعزيز تنافسيتها العالمية خلال السنوات الماضية، وتحقيق مكانة ريادية في قطاعاتها.
وتشمل هذه الشركات كلاً من «ستراتا للتصنيع» و«سند لتقنيات الطيران» و«سند لحلول الطيران» و«الياه للاتصالات الفضائية» (الياه سات). كما تضم محفظة صناعة الطيران التابعة لمبادلة كل من «فيرجن أوربت» و«فيرجن جالاكتيك»، حيث تمتلك فيهما استثمارات مشتركة مع «مجموعة فيرجن» لتلبية الطلب على خدمات قطاع الفضاء الذي يحظى بنمو متسارع.
وقال بدر سليم سلطان العلماء، رئيس وحدة صناعة الطيران في شركة مبادلة: «تستند رؤيتنا في مجال صناعة الطيران إلى استراتيجية حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وفق موجهات الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، ونتطلع إلى تعزيز المكانة الريادية التي تحظى بها دولة الإمارات في قطاعي صناعة الطيران وخدمات الفضاء عالمياً، من خلال شركاتنا الوطنية»، لافتاً إلى أن «هذه الشركات تقوم بتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بهدف المساهمة في تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي لصناعة الطيران، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدولة».
وأضاف العلماء: «سنقوم في معرض دبي للطيران باستعراض أحدث الابتكارات وقصص النجاح التي حققتها شركاتنا الوطنية في عددٍ من الصناعات الحيوية، وتسليط الضوء على الدور الرائد الذي تضطلع به دولة الإمارات في تشكيل مستقبل القطاع».

الابتكار والشراكات

من جهته، قال عمر عريقات، نائب رئيس المبيعات والتسويق في منطقة الشرق الأوسط- شركة بوينج للطائرات التجارية، إن مشاركة بوينج في معرض دبي للطيران 2019 تمثل علامة فارقة جديدة في تاريخ الشركة الذي يمتد إلى أكثر من 70 عاماً في منطقة الشرق الأوسط، حيث يشكل المعرض هذا العام فرصة مثالية لنا لتعزيز علاقاتنا المتينة مع القطاعين العام والخاص في المنطقة.
وأوضح في تصريح لـ «الاتحاد» أن الشركة تسعى من خلال مشاركتها أيضاً للتأكيد على أن السلامة والابتكار والتكنولوجيا هي في صميم أعمالنا، وجهودنا المتواصلة لدعم نمو قطاع الطيران وازدهاره في المنطقة والعالم.
وستقوم شركة بوينج باستعراض مجموعة منتجاتها وخدماتها والتقنيات التي تطورها في قطاع الطيران التجاري والدفاعي، وعرض ابتكارات الشركة وخدماتها خلال دورة حياة الطائرات، حيث يسلط العرض التفاعلي الضوء على أحدث مجموعة من طائرات وخدمات شركة بوينج، كما سيتناول رؤية الشركة لمستقبل تكنولوجيا وسائل النقل. كما ستوفر تجربة النموذج التجريبي وتقنية الواقع الافتراضي للزوار نظرة واقعية وشاملة حول طائرة 777 إكس. وذلك في جناح بوينج رقم (1110) الذي يقع بالقرب من المدخل الرئيس لقاعة المعرض.
وتشير توقعات بوينج إلى أن يبلغ حجم سوق الطائرات والخدمات في الشرق الأوسط أكثر من 1.5 تريليون دولار على مدار العشرين عاماً القادمة. كما تتوقع الشركة أن تأتي 40% من مبيعات الدفاع والفضاء في العقد القادم من خارج الولايات المتحدة، مع وجود فرص نمو كبيرة لتطوير الطائرات والخدمات في الشرق الأوسط.

تقنيات الفضاء والطيران
بدوره، قال ميكائيل هواري، رئيس شركة إيرباص أفريقيا والشرق الأوسط: «تهدف إيرباص من خلال مشاركتها في المعرض الذي يُعد أكبر فعاليات الطيران في منطقة الشرق الأوسط، إلى تعريف العملاء بالمنتجات والخدمات المبتكرة التي تقدمها، كما تعكس الشركة التزامها المتواصل تجاه الارتقاء بقطاعي الفضاء والطيران في المنطقة عموماً، ودولة الإمارات خصوصاً».
وستعرض إيرباص مجموعة متنوعة من الطائرات، من بينها طراز A350-900 الذي يُشكل عنصراً أساسياً في عائلة طائراتA350 XWB، وطراز A320neo التابع لشركة «طيران السلام» الذي ينتمي لأحد أشهر عائلات الطائرات ذات الممر الواحد على مستوى العالم، إضافة إلى طائرة A220-300 التابعة لشركة «مصر للطيران» التي تمثل أحدث إضافات الشركة من الطائرات ذات الممر الواحد.

إيرباص في الشرق الأوسط

تتميز شركة إيرباص بحضور تجاري راسخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعمل لديها أكثر من 3100 موظف في المنطقة، مع التزامها بتقديم أرقى المنتجات والخدمات للعملاء. كما يعمل في المنطقة ما يزيد على 740 من طائرات إيرباص، حيث وقّعت الشركة اتفاقيات لتزويد أكثر من 1400 طائرة من مختلف الطرازات لمصلحة شركات الطيران في المنطقة خلال العقد المقبل.
وتحتضن مدينة دبي المقر الإقليمي لشركة إيرباص في المنطقة، والمميز بموقع رائد على مقربة من مطار دبي الدولي صاحب أكبر معدل للرحلات الجوية الدولية على مستوى العالم، والذي يحتضن أيضاً شركة «طيران الإمارات»، العميل الأبرز لطائرات A380 على مستوى العالم.
وبجانب ذلك، تُحافظ منطقة الشرق الأوسط على أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لعمليات إيرباص على الصعيد العالمي، حيث تورد الشركة المعدات ومكونات الطائرات من العديد من الشركات العاملة في المنطقة، فضلاً عن تقديم الدعم التقني لشركائها الإقليميين.
من جهته، أكد جون ماكنزي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخطوط الجوية النيوزيلندية، أهمية المعرض، خاصة خلال السنوات الخمس المقبلة التي تمثل فترة مثيرة في مجال الملاحة الجوية، حيث يستمر تطوير تقنيات كثيرة واستخدامها في صناعة الطيران، كما تعتبر منطقة الشرق الأوسط، وعلى نطاق واسع، أكثر مناطق الطيران طموحاً في العالم.
وقال طارق هنيدي، نائب رئيس العمليات لدى فيديكس إكسبريس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «يتميز مستقبل الشحن الجوي بالأهمية المتزايدة لعمليات توحيد الإجراءات وجهود الاستدامة والرقمنة والأتمتة. ولا بد لنا من التعامل مع قضايا اعتماد هذه التطورات وتطبيقها والتعامل مع تأثيراتها على مستوى الصناعة، وفتح المجال لمناقشة تلك المسائل مع اللاعبين الآخرين من خلال حدث قطاع الشحن «كارجو كونيكت» لإنتاج آلية متكاملة تغطي جميع القطاعات في مجال تخطيط النقل وأطره التنظيمية».

الاتحاد