فرضت الأوضاع السياسية والاحتجاجات التي تملأ الشوارع في لبنان نفسها على الذكرى الـ76 للاستقلال، باحتفال عسكري رمزي وإلغاء حفل الاستقبال التقليدي السنوي في القصر الجمهوري، في تقليد لم تعتد عليه البلاد منذ عقود، فيما نظم المتظاهرون مسيرات بمختلف المناطق اللبنانية منذ ساعات الصباح للمشاركة في «عرض مدني»، حاملين شعلة رمزية للثورة وأعلام البلاد وسط ترديد النشيط الوطني.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي، احتجاجات على الأوضاع السياسية والاقتصادية تمخضت عن تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته، فيما لا تزال المباحثات السياسية حيال إمكانية تشكيل حكومة متعثرة نتيجة الخلافات السياسية.
وتكاد تختصر صورة الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري خلال العرض العسكري الرمزي الذي أقيم في وزارة الدفاع بدلاً من العرض الضخم الذي ينظم عادة في هذه المناسبة، المشهد الراهن في لبنان.
وبدت العلاقة فيما بينهم غير ودية، خلال العرض العسكري، الذي حضره الوزراء والقيادات الأمنية. وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت، الخميس، أنه نظراً للأوضاع الراهنة في البلاد، لن يقام حفل الاستقبال التقليدي السنوي في القصر الجمهوري في بعبدا لمناسبة عيد الاستقلال.
وبعد العرض، قالت وزيرة الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، ريا الحسن، إن «العرض هو عرض جمهوريتنا، ومن الشرف الحضور للمشاركة ولكن جزءاً من الشعب اللبناني منتفض من أجل الحصول على حقوقه وأنا أتفهم امتعاضهم، ومن حقهم التظاهر وإقامة عرض مدني».
وأضافت: «أشعر بالقلق نتيجة التطورات في البلاد، حيث إننا لم نصل بعد إلى قاسم مشترك بيننا وبين المتظاهرين». وفيما يخص فتح الطرقات، قالت الوزيرة إن «تعليماتي منذ البداية كانت بعدم استخدام العنف ضدّ المتظاهرين، ولكن عندما يجب فتح الطريق لا بد من اتخاذ التدابير المناسبة».
عرض مدني
وبينما كان الرؤساء الثلاثة يحضرون العرض العسكري، كانت ساحات التظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية تنبض فرحاً باستقلال مختلف تحت راية الأعلام اللبنانية. وحمل متظاهرون آخرون «شعلة الثورة» متنقلين بها في المناطق اللبنانية من الساحل اللبناني وصولاً إلى ساحة رياض الصلح. وتوقفت الشعلة في محطات رئيسية عدة، بعدما انطلقت من عكار في الشمال إلى ساحة النور في طرابلس.
ووصلت إلى البترون ومنها إلى جبل الديب، حيث تسلمها الثوار على وقع النشيد الوطني، ومنها اتجه المتظاهرون وهم يحملونها سيراً على الأقدام إلى ساحة الشهداء.
وجاءت فكرة هذه الشعلة بعدما عمد مجهولون صباحاً إلى إحراق «مجسّم الثورة» (عبارة عن قبضة يد رفعت في الأيام الأولى للثورة) في وسط بيروت فجر أمس، وهو ما استدعى ردة فعل عكسية في صفوف الثوار الذين عمدوا إلى بدء العمل على مجسم آخر من الحديد.
ووضع المتظاهرون إكليلاً من الورود على تمثال الشهداء في وسط بيروت على وقع النشيد الوطني اللبناني، وتوزعت الأفواج التي غصت بمسيراتها وسط العاصمة.
بومبيو يدعم
وجّه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تهنئة إلى الشعب اللبناني الذي يحتفل بالذكرى الـ76 لاستقلال بلاده، مؤكداً دعم واشنطن للتظاهرات السلمية في لبنان.
وقــال بومبيــو، في بيــان نشره موقـــع وزارة الخارجيـة على الإنتــرنت: «أهنئ شعب لبنان لأنه يحتفل بيــوم الاستقلال منذ 76 عاماً، وأصبح لبنــان اليــوم أمة حــرة».
وأضاف: «نقف بفخر مع الشعب اللبناني في تظاهراته السلمية التي تدعو إلى الإصلاحات ووضع حد للفساد».
وأكد أن واشنطن مستعدة للعمل مع حكومة لبنانية جديــدة تستجيب لاحتياجات مواطنيها ولديها القدرة والإرادة السياسيــة لبناء لبنــان مستقر ومستقــل ومزدهر وآمن للجميع.
البيان