تحيي دولة الإمارات العربية المتحدة «يوم الشهيد» والذي يصادف 30 من نوفمبر من كل عام، والذي اعتمد بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تخليداً ووفاء وعرفاناً لتضحيات البذل والعطاء التي قدمها أبطال الوطن وشهداؤه الأبرار الذين بذلوا الغالي والنفيس وضحوا بأرواحهم الطاهرة لتظل راية الإمارات العربية المتحدة، ترفرف عالية خفاقة وهم يؤدون واجبهم الوطني داخل الوطن وخارجه في الميادين العسكرية والإنسانية كافة.
كما أمر صاحب السمو رئيس الدولة بمنح شهداء الوطن الأبرار «وسام الشهيد» يتسلمه ذووهم تخليداً ووفاء وعرفاناً بتضحياتهم وعطائهم، وساما يحمل كل معاني الفخر والاعتزاز لتروى للأجيال، جيلا بعد جيل.
ويخلد التاريخ بكل الإعزاز والتقدير مشاركات الإمارات المشرفة في الكثير من المهام ذات الطابع الإنساني والعسكري، وقدمت خلال هذه المشاركات شهداء من أبنائها الأوفياء المخلصين البررة، الذين أكدوا للعالم أجمع، أن الإمارات ملتزمة برسالتها مهما كانت التضحيات في نصرة الحق وفي خدمة القضايا العربية والإسلامية والإنسانية.
أول شهيد إماراتي
جاء اختيار «يوم الشهيد» لتخليد ذكرى استشهاد أول جندي إماراتي، وهو سالم سهيل بن خميس الدهماني، الذي استشهد في 30 نوفمبر عام 1971، وهو يدافع عن تراب بلاده، عندما استيقظ سكان جزيرة طنب الكبرى على هدير الطائرات العسكرية التابعة للقوات الإيرانية، وبمجرد اقتراب الغزاة من مركز شرطة الجزيرة بادر سالم بن سهيل، وهو عسكري أول من شرطة رأس الخيمة، وزملاؤه الخمسة بإطلاق النار عليهم لمنع تقدم المحتلين، ثم تجمع وزملاؤه حول سارية العلم للذود عن علم الوطن وبقوا صامدين بإمكانياتهم البسيطة حتى الرمق الأخير.
روى سالم الدهماني بدمائه الطاهرة تراب وطنه، فسطر التاريخ اسمه ودونه بأحرف من نور بعد معركة غير متكافئة على الإطلاق، بحسب ما ورد في كتاب «التسوية القانونية للنزاع الإماراتي- الإيراني على الجزر الثلاث» الصادر عن الأرشيف الوطني، من تأليف عبداللطيف الصيادي، الذي ذكر معلومات مفصلة عن تلك المعركة التي استخدمت فيها إيران قوات برمائية مدعومة بطائرات وحوامات وبوارج بحرية في مواجهة حامية لا يزيد عدد أفرادها على 6 أفراد.
وكان الشهيد سالم يحلم منذ طفولته بأن يكون رجل شرطة، وقد تحقق له الحلم حين التحق بمديرية شرطة رأس الخيمة، وهو في الـ 16 من عمره، وتميز بكفاءته في حمل السلاح، ثم انضم إلى الجنود الأغرار، وحمل الرقم 190، وعُرف بين زملائه بالانضباط والالتزام بكل الأوامر العسكرية.
مكتب شؤون أسر الشهداء
في السابع من سبتمبر عام 2015، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي يعنى بشؤون أسر شهداء الوطن، ويقوم بمتابعة شؤون واحتياجات أسر الشهداء والتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في الدولة من أجل تقديم الدعم الكامل لأسرة وأبناء الشهيد، وتأمين الرعاية والاهتمام بهم.
من شهداء الإمارات
قدمت الإمارات عبر تاريخها قوافل من أبنائها الشهداء الأبرار الذين أقسموا على الإخلاص والتفاني لرفعة وطنهم والدفاع عنه بكل ما يملكون من غال ونفيس، ومنهم الشهيد سيف غباش الذي كان واحداً من أعلام دولة الإمارات العربية المتحدة وشخصياتها البارزة، والذي استشهد في 25 أكتوبر 1977، وكان يشغل في ذلك الوقت منصب وزير دولة للشؤون الخارجية، استشهد برصاصات غادرة، بينما كان يرافق وزير الخارجية السوري، عبدالحليم خدام آنذاك، في مطار أبوظبي لوداعه.
ومن شهداء الإمارات البررة الشهيد خليفة المبارك الذي أسهم بشكل كبير في تطوير العلاقات الثقافية والدبلوماسية لدولة الإمارات على الصعيد العالمي، حيث كان قد عُيّن سنة 1980 سفيراً لدولة الإمارات في باريس، ومندوباً دائماً للدولة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في باريس، وشغل في فترة وجوده سفيراً للدولة في باريس منصب نائب رئيس «معهد العالم العربي» الذي يتخذ من باريس مقراً له، ولعب دوراً رئيساً في تأسيس المعهد الذي منحه وسام «جوقة الشرف» تقديراً لجهوده، وقد استشهد المبارك أمام منزله في باريس في الثامن من فبراير، عام 1984 عندما طالته يد الغدر وهو متوجه إلى مقر عمله، وكان عمره آنذاك 37 عاماً.
لقد قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة، كوكبة من أبنائها البررة الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن حياض الوطن ونصرة الحق، خلال مشاركات القوات المسلحة الإماراتية، في العديد من المهام مثل مشاركتها ضمن قوات الردع العربية في لبنان عامي 1976 و1977، وعملية «تحرير الكويت» عام 1991م، كما شاركت الإمارات ضمن قوات حفظ السلام «إعادة الأمل» في الصومال عام 1992، وصولاً إلى مشاركتها المشرفة ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن لمساندة الشرعية. وتقديراً لتضحيات أبناء الوطن، وتجسيداً لمعاني التلاحم بين شعب الإمارات وقيادته يتم الاحتفال بيوم الشهيد بإقامة مراسم وطنية خاصة بمشاركة جميع مؤسسات الدولة.
الاتحاد