أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” أن الثاني من ديسمبر، نُجدّد فيه، شعبًا وقيادة، الولاء للوطن، ونستذكر السيرة العطرة للوالد القائد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيّب الله ثراه”، وإخوانه الآباء المؤسّسين الذين أرسوا القواعد القوية لدولةٍ أبهرت العالم بما حقّقته من نهضة حضارية شاملة، وبما وفّرته لمواطنيها والمُقيمين بها من عزّة وكرامة وشموخ، وسنظلّ، على تعاقب الأجيال، فخورين بعطاء آبائنا المؤسّسين، مؤمنين بنهجهم، سائرين على خطاهم، رفعةً للوطن، وإسعادًا لشعبه..

وقال صاحب السمو رئيس الدولة في كلمة وجهها عبر “مجلة درع الوطن” بمناسبة اليوم الوطني الـ48 للدولة .. إننا في دولة الإمارات لا نتّخذ من مؤشّرات النمو الاقتصادي، على أهميتها، معيارًا وحيدًا لقياس نجاح المشروعات الإنتاجية والخدمية التي تزخر بها بلادنا، وإنما نقيس النجاح بما تُكسبه تلك المشروعات لجودة الحياة من قيمةٍ مُضافة ملموسةٍ، وبما تُحدثه من نمو مُتوازن ومُستدام، وبما تخلقه من فرص عمل وتدريب وتأهيل، فالغاية الأساس من النشاط الاقتصادي، هي أن نجعل من دولتنا الأفضل مقامًا وأمنًا لجميع أفراد المجتمع.

وفيما يلي نص كلمة سموه..

//أبنائي وبناتي..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

في هذا اليوم المُبارك من أيامِ وطنِ التسامحِ والسلام، أتوجّه إليكم، بالتحية في الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وباسمكم نتقدّم بخالص التهاني لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، ولأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، وأولياء العهود، كما نتوجه بأسمى آيات التقدير والإجلال لشهدائنا الأبرار الذين سطّروا بدمائهم الطاهرة صفحات خالدة في حب الوطن والدفاع عنه.

إن الثاني من ديسمبر، نُجدّد فيه، شعبًا وقيادة، الولاءِ للوطن، ونستذكر السيرة العطرة للوالد القائد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيّب الله ثراه”، وإخوانه الآباء المؤسّسين الذين أرسوا القواعد القوية لدولةٍ أبهرت العالم بما حقّقته من نهضة حضارية شاملة، وبما وفّرته لمواطنيها والمُقيمين بها من عزّة وكرامة وشموخ، وسنظلّ، على تعاقب الأجيال، فخورين بعطاء آبائنا المؤسّسين، مؤمنين بنهجهم، سائرين على خطاهم، رفعةً للوطن، وإسعادًا لشعبه.

وتحقيقًا لذلك، فإن المجلس الأعلى للاتحاد والحكومة الاتحادية والحكومات المحلية يعملون في تعاون وثيق؛ لترجمة وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات إلى خُطط ومشروعات وبرامج ومُبادرات وطنية تُعزّز من جودة الخدمات، وتُعلي من شأن المواطن، توسيعًا لخياراته، وتحقيقًا لتطلّعاته، وضمانًا لسعادته، وهو تعاون تجسّد هذه السنة، في كسبٍ نوعيّ مُتقدّم في مسار التمكين السياسي، وذلك برفع نسبة تمثيل المرأة الإماراتية في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%، بما يضع دولة الإمارات في مصاف الدول المتقدمة على مستوى العالم من حيث تمثيل المرأة في البرلمان.

أبناء وبنات الوطن الأعزاء..

لقد كان العام المُنصرم عامًا للتنمية المجتمعية في أبعادها كافة، إذ تمّ توجيه أكثر من نصف موارد الميزانية الاتحادية لتمويل برامج التنمية المجتمعية والمنافع الاجتماعية، بما يُحقّق التميّز في القطاعات ذات الأولوية القصوى وهي؛ الرعاية الصحية والتعليم، وبناء المجتمع الآمن المُتماسك، والقضاء العادل، والبنية التحتية المُستدامة، والاقتصاد المتنوّع القائم على المعرفة، وسيظلّ التعليم من أولويتنا القصوى، وطريقنا نحو المستقبل، وتأكيدًا لهذا التوجّه خصّصت الميزانية الاتحادية للعام الجديد نسبةً عالية من اعتماداتها لتمويل مشروعات تطوير المدارس الاتحادية، كما اعتمد مجلس الوزراء قرارًا بإنشاء صندوق دعم التعليم، الذي سيفتح الباب واسعًا للمجتمع مُمثلاً في أفراده ومؤسّساته؛ للإسهام الفاعل في تمويل برامج تطوير التعليم، الذي لم يُعد مجرّد تلقين، وإنما هو بناء مهارات وقيم واتجاهات واكتشاف وتنمية قدرات ومواهب.

وتوفيرًا للحياة الكريمة لكلّ مواطن والسقف الآمن لكلّ أسرة، شرعت الحكومة الاتحادية، بتنسيق مع الحكومات المحلية، في تنفيذ خطة طموحة لإنشاء آلاف الوحدات السكنية الموزّعة على أنحاء الدولة، كما اعتمدت “الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031” الرامية إلى بناء مجتمع أقوى تلاحمًا، عبر جملة من المشروعات التي تُرسّخ قيم العطاء ومُمارسات خدمة المجتمع.

وفي خطوة غايتها بناء طاقات الشباب وتوظيفها، اعتمد مجلس الوزراء قرارًا بتعزيز مُشاركة الشباب في مجالس الهيئات والمؤسّسات والشركات الحكومية، وأطلقت الحكومة مُبادرات لتطوير القدرات القيادية للشباب ودعم المشروعات الناشئة لروّاد الأعمال، وتمكينهم من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والاندماج القوي في صناعة الفضاء الخارجي، التي حقّقنا فيها، هذه السنة، قفزة مُتقدّمة، بوصول أول رائد فضائي إماراتي إلى محطّة الفضاء الدولية، فما حقّقه ابن الإمارات هزاع المنصوري، يُمثّل الخطوة الأولى في برنامج فضائي إماراتي طموح، يمتدّ إلى مئة سنة، ويهدف إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات منصّة عالمية لأبحاث ومشروعات الفضاء الموجّهة لدعم جهود التنمية الشاملة.

إن الحكومة، وبمثل ما هي معنيةٌ باستشراف المستقبل، وتحويل تحدّياته إلى فرص وإنجازات تخدم الدولة والمجتمع والفرد، فهي أيضًا، وبالدرجة نفسها من الاهتمام، معنيةٌ بالمحافظة على عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا وعناصر موروثنا الشعبي، فإحياء التراث والاحتفاء به وتمريره للأجيال القادمة هو من أهمّ القواعد الأساسية التي سيقوم عليها بناء إمارات المستقبل، فتراثنا هو ركيزة هويتنا، وأساس انتمائنا، ومصدر إلهامنا، والقوة الدافعة لعجلة مسيرتنا، وجسر تواصلنا مع الشعوب، فالأمم العظيمة هي التي تحتفي بتراثها وتاريخها، وتُقدر أبناءها، وتُفاخر بشهدائها، وتصون عناصر ثقافتها ومكوّنات هويتها.

المواطنون والمواطنات..

إننا في دولة الإمارات لا نتّخذ من مؤشّرات النمو الاقتصادي، على أهميتها، معيارًا وحيدًا لقياس نجاح المشروعات الإنتاجية والخدمية التي تزخر بها بلادنا، وإنما نقيس النجاح بما تُكسبه تلك المشروعات لجودة الحياة من قيمةٍ مُضافة ملموسةٍ، وبما تُحدثه من نمو مُتوازن ومُستدام، وبما تخلقه من فرص عمل وتدريب وتأهيل، فالغاية الأساس من النشاط الاقتصادي، هي أن نجعل من دولتنا الأفضل مقامًا وأمنًا لجميع أفراد المجتمع.

وضمن هذا التوجّه الراسخ، ننظر إلى التوطين باعتباره واحدًا من المؤشّرات الحقيقية لقياس النجاح، والتوطين الذي نعنيه، ليس مجرّد آلية تشغيلٍ وتوظيف، وإنما هو وسيلةُ بناءٍ، وأداةُ تمكين، ومسارُ تأهيل، وتجسيدًا لهذا الفهم، اعتمد مجلس الوزراء في سبتمبر الماضي حزمة قرارات استراتيجية لدعم هذا الملف، على رأسها إنشاء صندوق وطني لدعم الباحثين عن عمل وتأهيلهم، وتعديل قانونيْ العمل والمعاشات بما يُساوي من الامتيازات التي يحصل عليها المواطنون العاملون في القطاع الخاص والقطاعيْن الحكومي وشبه الحكومي.

كما ننظر إلى الأمن باعتباره مؤشرًا حقيقيًا ومعيارًا رئيسًا لقياس التقدم الاقتصادي والاجتماعي، فلا تنمية دون أمن مستدام، ولا تقدم دون سيادة للقانون واحترام لحقوق الإنسان. وفي هذا، فإن وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية والشرطية، تستحق منّا جميعًا الشكر والتقدير، لما تقوم به من دور مُقدر في حماية الأمن وصون الحقوق، وما تبذله من جهد متميز في تطوير منظومة العمل، وتعزيز جودة الخدمات، متبنيةً في ذلك أفضل الممارسات العالمية، بما أهلها لنيل أعلى الجوائز الدولية.

وبفضل مثل هذا التخطيط السليم، تحوّلت بلادنا إلى فاعل رئيس في المشهد الاقتصادي الدولي، ومركز عالمي جاذب لمزاولة الأعمال، مُستقطب لرؤوس الأموال وصفوة الطموحين الباحثين عن مستقبلٍ أفضل وعيشٍ كريم، وتعزيزًا لهذه البيئة التنافسية سمحت الحكومة للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل في ثلاثة عشر قطاعًا رئيسًا، ودعمت ذلك بقوانين وسياسات ومشروعات.

أبنائي وبناتي..

لقد حقّقتم الهدف المنشود مع المبادرة التي أطلقناها بإعلان عام 2019 عامًا للتسامح، إذ قدّمتم دولتكم نموذجًا يُحتذى به في التسامح، وبعثتم رسالة قوية للعالم أكّدتم عبرها أن بوسع الناس، على اختلافهم، العيش في سلام، إذا ما التزموا التسامح نهجًا، والتسامح الذي أكّدت عليه المواثيق والعهود الدولية هو فضيلةٌ أصيلة في ديننا الإسلامي، وأسلوب حياة التزمه أفراد المجتمع منذ فجر التاريخ، وتبنّوه رؤية دولةٍ ومُرتكزاتٍ دستورية وإطار تشريع، والتسامح لا يعني التنازل أو التساهل، وإنما يعني ضمان العدالة وعدم التحيّز وقبول الآخر، وإتاحة الفرص الاقتصادية والاجتماعية لكلّ شخص دون تمييز، والإقرار بحُكم القانون في التمتّع بالحقوق والحريات المُعترف بها عالميًا.

ووفاءً لهذه القيم تبنّت دولتنا، منذ تأسيسها، سياسةً خارجية أساسها المشاركة الفاعلة في الجهود الدولية الرامية إلى تحسين حياة الانسان، وحماية البيئة، وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، والقضاء على الفقر والجوع والمرض والأمية، والمشاركة في الجهود الدولية لمُكافحة الإرهاب ومُحاربة التطرّف، ودعم التسويات السلمية، وتأييد التطلّعات المشروعة للشعوب، ولقد رسّخ كل هذا، من الدور الريادي لدولتنا كعاصمةٍ عالميةٍ للتسامحِ والتعايشِ الحضاري، إضافة إلى ما تتبوّأه من مكانة مُتقدّمة في منظومة القوى الخيِّرة في العالم، فهي ضمن النخبة الفاعلة في نشر ثقافة السلام والحوار، ومنح المساعدات، وتخفيف آثار الأزمات، وتلبية حاجات المُستضعفين، وهو نهج مكّن دولتنا من بناء صورة إيجابية مُشرفة، وعلاقات تعاون وتكامل مُثمرة مع الدول والشعوب كافة.

والدبلوماسية الإماراتية الفاعلة النشطة، ممثلة في وزارة الخارجية، تستحق منا الإشادة والتقدير، لما تبذل من جهد منظمٍ عالٍ في تنفيذ سياسة الدولة الخارجية، وبناء صورتها، والتعبير عن سيادتها، وتعزيز مكانتها، وتوثيق علاقاتها، وقد انعكس كل هذا الجهد خيرًا كثيرًا على الوطن والمواطن، وعلى رأس ذلك أن أصبح جواز سفر دولة الإمارات العربية المتحدة الأقوى والأول عالميًا. وهو انجاز عالٍ يعكس الوجه الحضاري لدولتنا وما تحظى به من احترام وتقدير على الصعيدين الإقليمي والدولي.

أبنائي وبناتي..

ستظلّ دولتنا على الدوام متطلعة بثقة نحو المستقبل، وفيةً لرموزها وقياداتها التاريخية، مُعتزةً بإنجازاتها وعطاء أبنائها وبناتها، فخورةً بشهدائها، مُتمسكةً بإسلامها وعروبتها، مُتباهيةً بهويتها ومكوّنات ثقافتها، متفاخرةً بقواتها المسلحة وكفاءة أجهزتها الأمنية، والتي أسهمت بقوة في النهوض بقدرات بلادنا الدفاعية والأمنية، مقدمةً الأرواح والدماء دفاعًا عن الوطن، وصونا لمكتسباته، ونصرةً للحقّ، وتصديًا للإرهاب، وحفظًا للسلم. مؤكّدين سعينا المستمر إلى تطوير تلك القوات والارتقاء بقدراتها، ورعاية منتسبيها، مقدمين وافر الشكر والعرفان لجنودها وضباطها وقادتها لتفانيهم في أداء الواجب. والتقدير لأبناء شعبنا الوفي لتلاحمه وعميق وعيه، والتحية للمقيمين بيننا من أبناء الدول الشقيقة والصديقة.

حفظكم الله جميعًا، وسدّد على طريق الخير خطاكم، وأمدكم بالقوة والعزيمة لمواصلة العطاء، وكلّ عامٍ، والوطنُ شامخٌ بالعزّة.// – مل – .

وام